23 ديسمبر، 2024 10:16 ص

سنجار العراقية وصراع النفوذ بين تركيا وايران

سنجار العراقية وصراع النفوذ بين تركيا وايران

تصاعدت وتيرة الحرب الكلامية بين تركيا وإيران حول قضاء سنجار العراقي, بعد ان بات العراق ارضا خصبة للصراعات الاقليمية والدولية نتيجة ضعف الدولة العراقية إزاء التدخلات الخارجية التي أصبحت تمس السيادة العراقية.

تعود جذور الخلاف بين انقرة وطهران الى سنوات حيث سعت طهران إلى توسيع نفوذها في العراق, فيما تنظر انقرة منذ فترة طويلة الى شمال العراق على انه منطقة نفوذها,وتصاعدت التوترات الاخيرة بعد ان هددت تركيا بغزو منطقة سنجار, مبينا ان المثلث الحدودي العراقي السوري التركي القريب من سنجار بات تحت نقود حزب العمال الكردستاني, وذلك في محاولة لعزل تركيا من أي دور مؤثر لها في المنطقة.

رسخت تركيا وجودها في شمال العراق منذ التسعينات بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني, حيث زادت قواعدهم في الشمال حتى اصبحت معظمها بور استيطانية صغيرة على الجبال, كما أقامت قاعدة بعشيقة بحجة مساعدة قوات ( اثيل النجيفي) في محاربة داعش الإرهابي رغم رفض الحكومة العراقية والتي شهدت الكثير من المشادات بين بغداد وانقرة.

قضاء سنجار اساسا يعتبر محل توتر عرقي من الناحية الديمغرافية بين العرب والأكراد, كما يعتبر محل توتر بين الحكومة العراقية واربيل على ادارته بعد انتزاع القضاء من المليشيات الكردية ودخول القوات الحكومية من جيش وشرطة وحشد شعبي وضمه الى ادارة الدولة العراقية.

كما أصبح القضاء محل توتر إقليمي بعد دخول حزب العمال الكردستاني الى مركز القضاء , وهو ما تعتبره أنقرة بأنه يمثل تهديد لامنها القومي, مما دفعها للتخطيط الدائم في شن هجمات ضده رغم العوائق والمخاطر الاقليمية, فتركيا ترى وجود حزب العمال في سنجار تهديد لها وتخشى من تشكيل ربط بين جبال قنديل الحصن الرئيسي للحزب وجبال سنجار من جهة اخرى وربطهما ب( قوات سورية الديمقراطية) على الضفة الثانية من الحدود السورية وهو ما يشكل حزام ربط يسند بعضه بعضا ويخلق ممرا لنقل المقاتلين والسلاح ضد مصالح تركيا.

وفيما سعت الأمم المتحدة بضغط اميركي لتهدئة مخاوف انقرة فقد وقعت بغداد واربيل على اتفاق يقضي بحفظ الأمن في قضاء سنجار من قبل القوات العراقية واخراج كل الجماعات المسلحة,حيث ينص الاتفاق على انهاء وجود حزب العمال في سنجار, وعلى الرغم من إعلان بغداد نشر القوات العراقية داخل القضاء, الا ان تركيا لا زالت تؤكد استمرار تواجد التنظيم تحت مسميات وكيانات مختلفة, التشكيك بالاتفاق جاء بدفع من حكومة اربيل التي تسعى جاهدة للعودة الى سنجار.

مما يتأكد بان أنقرة تطرح الذرائع والحجج لاجل عودة دورها القديم في الساحة العراقية بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني, غير أن ما يعيقها هو النفوذ الإيراني المتجذر في مفاصل الدولة العراقية وفي القرار العراقي.

تركيا ليست وحدها من تريد الظفر بمدينة سنجار العراقية, فايران تعتبر سنجار الرابط بين العراق وسوريا وصولا الى البحر المتوسط, بالإضافة إلى أن سيطرة إيران على المدينة تمكنها من قطع خطوط التواصل بين أكراد سوريا والإقليم في شمال العراق من خلال الدعم العسكري والبشري والمادي.

كما تخشى طهران من امتداد النفوذ التركي لقضاء سنجار, مما يزاحم نفوذها خصوصا وان انقرة تسعى الى استخدام تلعفر وسنجار ممر عبر( معبر فيشخابور) الجديد مع بغداد حتى جنوب العراق, وهو ماسوف ينعكس على ارتفاع حجم التبادل التجاري بين بغداد وانقرة ويقلل الاعتماد على طهران, وهذا ما لاتحبذه طهران لاسيما وأن تركيا توكد بان المعبر الجديد سيتجاوز مشاكل معبر ابراهيم الخليل, الا أن طهران لا ترغب بأي منافس لنفوذها في العراق مع اعادة العراق علاقاته مع دول الخليج ومصر والأردن.

مع ذلك يشير المراقبون بأن حجم المصالح المشتركة بين أنقرة وطهران لا تسمح بالدخول في مواجهة مباشرة او بالنيابة, وربما سيحفز نوعا من التوافق بين الطرفين لاعادة ترسيم نفوذ كل منهما خصوصا مع انحسار الدور الأميركي في العراق.