7 أبريل، 2024 10:34 ص
Search
Close this search box.

سنة العراق ،  والوهم الكبير …

Facebook
Twitter
LinkedIn

حين تناقش سنيا في العراق ، عن سبب مايحل بالعراق ، سيقول لك وبلا ادنى تردد ، ان سبب كل المشاكل هم الفرس الصفويون ، المجوس ؛ وربما يلحقونها بكلمة الرافضة ، وان حقدهم الشعوبي ضد العرب ، هو سبب كل مصائب العراق ،منذ القادسية وللان ، وحين تسأله عن داعش ، سيقول هي صناعة ايرانية ، جاءوا بهم لضرب السنة ، وحين تساله عن تفجير المساجد والاضرحة ، سيقول وبالفم الملأن : الفرس هم من قاموا بذلك ، واذا انت تحاوره وتقول له ان منطق الامور تقول العكس ، فانه سرعان مايتهمك بانك من جماعتهم ومن مؤيديهم ، خاصة اذا كنت شيعيا ، والغريب ان اي حدث بسيط يقوم به اي شيعي في السلطة ضد اي سني ربما هوقاتل او مجرم او مزور ، فانهم يفسرون ذلك ان هذا المسؤول الشيعي هو صفوي ياتمر بامر ايران ، ولم يبق اي شخص شيعي تبوء اي منصب اذا حاول ابعاد اي سني ، لاي سبب كان ، فان هذا التصرف لابد ان تدفع ثمنه ايران، من الشتائم والاتهامات ، كما ان اي شخصية مهمة شيعية كالسيد السيستاني مثلا ، لان اصوله ايرانية ، فان فتاواه حتى المؤيدة لهم ينظر اليها بعين الريبة ، لانهم لايتصورون وجود اي شخص ايراني ،لايناصر ما يتصورونه من وهم العنصرية وعداوة العرب المستحكمة ، وهم لايدرون ربما- اولايستطيعون تصور- ان ايران ، فيها تيارات فكرية مختلفة وتوجهات متعددة ، وهم ليسوا شخصية واحدة مثل العربي السني ، الذين هم نسخ متشابه تقريبا ، بحكم العقيدة التي يؤمنون بها التي ترى في اي جديد بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..، كما ان الشخصية البدوية شخصية ليست معقدة بل شخصية احادية  ، اما الشخصية الفارسية ذات الحضارة الضاربة في القدم، فانها شخصية اكثر تعقيدا، ولهذا نشات فلسفات عديدة عبر تاريخها ، وحتى الاسلام حين انتشرفي اوساطهم، فهم بطرق متعددة ، بينما كان العربي يفسر هذا التعدد في المذاهب الايرانية الاسلامية، بانه محاولة من الفرس لطمس الاسلام وتشويهه  ، وان طرقهم العرفانية الباطنية، ماهي الا محاولات تامرية لضرب الاسلام ، وهم يفسرون هذا الحقد ، بسبب ضياع ملكهم على يد الخليفة عمر بن الخطاب ،الذي ازال حكمهم ، وحطم حضارتهم التي كانوا يعتزون بها ، وهنا يجب الوقوف برهة لنرى كيف يفكر السني العراقي ، فهم يرون ان من حق العرب المسلمين ان يقوموا بفتح اي دولة وتحطيم حضارتها ، لان خليفة المسلمين هومن قام بذلك ،- وهذا ما تؤمن به داعش الان -، فلو تصورنا هذا الامر صحيحا ، اي ان الفرس يكرهون العرب لانهم ازالوا دولتهم وحضارتهم ، وانهم لم يؤمنوا اصلا بالاسلام ، بل دخلوه خوفا او طمعا ، ولم يكونوا يؤمنون حقا بهذا الدين الجديد ، فاين الغرابة ؟! ، لانه من حق الشعوب ان تقاوم المحتل ، باي اسم كان ، لماذا العرب يسمحون لانفسهم ان يقاوموا المحتل الفارسي او التركي او الانكليزي ولايحق لغيرهم بهذا ؟! ، فاذا قلنا هذا من باب الجدل ، فان على العرب المسلمين الاعتراف بانهم لم يقوموا بالفتح بالطريقة التي لاتستفز الامم الاخرى ..، وانهم لم ينجحوا بقيادة عمر بن الخطاب في ادخال الفرس الى الاسلام ، وهذا لم يقل به احد من الناس ، والدليل ان اغلب علماء المسلمين الكبار من السنة هم من الفرس ، وقدموا خدمات جليلة للاسلام والمسلمين .. اذن هذه النظرة قاصرة في تحليل نظرتهم الى مايعتقدون به جازمين من وجود عداء مستحكم ودائم من قبل الفرس للعرب ، وهناك بعض الروايات ينسبونها للنبي (ص) ، على كره العجم للعرب ، وهي روايات ضعيفة ، مختلقة بالتاكيد لان الاسلام جاء لكل الناس وليس للعرب وحدهم .
      ان هذا الوهم الذي يرى ان الشر المطلق يتجسد في ايران وفي الفرس بالذات ، جعل السنة في الموصل  والانبار  وتكريت ، يستقبلون داعش والقاعدة ، لان الشر كله يتجسد في الجانب الاخر ، وان لاشر غير شر الفرس ، ولذا كل من يحارب ايران الرافضية المجوسية الصفوية  هو صديقي وعوني في الخلاص ، ولكن الخلاص من ماذا ؟ من حكم يمثل ايران في العراق ، هذا الحكم همشهم ، وجعلهم محكومين ،وليسوا حاكمين كما كانوا عبر التاريخ ..، وهذا ما يعزز لديهم هذا الوهم ، لان الحكم كما يعتقدون لابد ان يكون على مقاساتهم ورؤيتهم لعقيدتهم السنية ،  ذات البعد الواحد ، طريقة السنة والجماعة .وهم لايعترفون باي مذهب  اسلامي اخر،غيرهم ، لان الامة الاسلامية قد انقسمت الى ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار الا فرقة واحدة ،وهي الفرقة الناجية، وهي فرقتهم .. ، هذا المنطق سيجعل من هذه الطائفة تحلق في الوهم وتعتاش عليه ، وستحتلها داعش ،او القاعدة ،او اي ثوار باي اسم كان ، لان لااحد -كما يبدو -من عقلائهم يغرد خارج سربهم للان . ننتظر اصوات عقلانية تحلل بعقلانية هذا الحقد لكل ما هو شيعي لانه يذكرهم بالحكم الصفوي الذي حول ايران الى شيعية بعد ان كانت سنية .
واخيرا ارجو ان لايفهم من هذا الكلام ان الشيعة العراقيين ،  يتبنون  كل ما يرد من ايران من افكار او اتجاهات ، بل هم يتعاملون معها كما يتعاملون مع اية دولة اخرى ، مثل تركيا،  والسعودية، والكويت ، وبلا حساسية مفرطة ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب