18 نوفمبر، 2024 12:39 ص
Search
Close this search box.

سنة السلطة وشيعتها من منظور دارويني

سنة السلطة وشيعتها من منظور دارويني

كلما زاد الإنسان غباوة ، ازداد يقيناً بأنه أفضل من غيره بكل شيء. علي الوردي

ببساطة إن كل حزب وحركة وتيار يبني تنظيماته ونشاطاته على أساس المذهب فهو طائفي بحقيقة مطلقة ، التجربة السياسية في عراق ما بعد سقوط الصنم تقدم لنا دليلٌ قاطع بهذا الشأن ، جل الأحزاب الإسلامية العربية عموماً والعراقية خصوصاً لا تؤمن بصناعة هوية وطنية . تنظر إلى أوطانها بمنطق العقائد والجماعات .
بالإضافة إلى إن الأحزاب الإسلامية لا تقتصر كونها طائفية ، بل أنها تؤمن  بأممية التدخلات الخارجية وأجنداتها، حيث لا يمكن إيقاف التدخل الخارجي ولا يمكن أن نتخلص بــما يسمى “الأجندات الخارجية” ، والحفاظ على سيادة وطننا وأرضنا . لأننا أمام معادلة كلاسيكية غبية جداً ، وهي ان الحزب ( أ ) يرى مذهبه وعقيدته لها بعدٌ أممي متمثلا في قطر والسعودية ودول الخليج كافة ، والحزب ( ب ) يرى أن مذهبه وعقائده لها أبعادٌ أممية في سوريا أو إيران ، وفي كلا الحزبين يرى التدخل من الدول التي تشاركه في ما يريد أمراً طبيعياً بل و مشروعاً وطنياً !!.وسوريا أنموذجاً لفهم الدور الإقليمي في الصراع الطائفي  ، فالجيش الحر يُدعم من قبل قطر وأخواتها لــ “كبح جماح” العلويين في دمشق بهدف إسقاطها وتشكيل  حكومة سنية تابعة لسياسة الخليج من جهة ، وإيران تَدعم نظام بشار الأسد لأنه الحليف المهم لـ ولاية الفقيه  وبهدف أبقاء نظام الأسد من جهة أخرى.
 ومجمل الأزمات التي نمر بها ،  لا يمكن فصلها عن الدور الإقليمي والسياسة الإقليمية وما يحدث في سوريا . المواقف التي تطلقها القوى العراقية دائماً ما تعزز وتثقف نحو الطائفية . المفارقة تكمن في إن القوى الشيعية ناضلت وقاتلت حزب البعث ( العراق ) لعقود طويلة ، وفي النهاية تدعم حزب البعث السوري بحجة أن جيش الحر عبارة عن تنظيمات إرهابية ( القاعدة ) ، والقوى السنية المؤيدة لنظام حزب البعث ، اليوم تقف بالضد من بشار الأسد البعثي !! وكلا الموقفين معزز بالعنف والدم .
قبل أيام وفي خبر صحفي أكدت اللجان الشعبية الست في المحافظات المنتفضة، أنه ليس أمام أهل السنة والجماعة في العراق سوى “المواجهة المسلحة أو إعلان خيار الأقاليم”، و أمهلت علماء العراق في الداخل والخارج والسياسيين  خمسة أيام لتحديد موقفهم من هذين الخيارين. وقبلها المالكي طرح ثلاث خيارات متوقعة لمستقبل العراق ومن ضمنها “تقسيم العراق” و “الحرب الأهلية”.
وقرار العنف الدموي مازال طاغياً على العمل السياسي عربياً وعراقياً ، وما حدث أخيراً من أعمال عنف واقتتال من قبل الحكومة أو من قبل الحركات المسلحة مثل “النقشبندية” وأخواتها ، وواحدة من حجج العنف السياسي ، هي التهمة الجاهزة  بان الاخر هو خائن وعميل ومندس يعمل لجهات خارجية ، يوضح ذلك  الباحث حارث حسن قائلا ” هدر دم الخائن كان دائما جزءا من سيكولوجيا الجماعة ، سواء كانت جماعة أثنية أو دينية أو قومية” .ويرى الباحث ان ” العنف ضد الآخر وهو يكون في أحيان كثيرة عنفا رمزيا هدفه دائما تأكيد اننا منفصلون بل وأضداد للآخر” ويُكمل  “لنفتش في لغة وخطابات الطائفيين من الشيعة والسنة ، سنجد شبها كبيرا ليس فقط في ادعاء كل طرف بأن طائفته مضطهدة من الطائفة الاخرى ، بل وايضا في اتهام كل طرف للآخر بانه شريك لخصوم “الامة” الصهاينة او اليهود او الغرب”.
ويعد العنف السياسي والاجتماعي  جريمة عظمى في المتاجرة بالإنسان والدين ، وتعد مهزلة كبرى في زمن الإنسان الرقمي ، وتهديد للنسيج الاجتماعي و للتعايش السلمي والتداول السلمي للسلطة ، انه زمنٌ لا يمثل إلا تراجعاً تاريخياً لقرون تصل بنا إلى زمن أوربا اللاهوتية ، و أنها حركة تنكس نظرية داروين وتطور الإنسان نحو الأفضل ، أنها جماعات بلا عقول ولا لسان حكيم ولا تمثل  بلاغة الإسلام والأديان كافة ، بل أنها جريمة بحق الدين والإنسان والعقل .
وقديماً قال غاندي في الإسلام ونبيه الأعظم “لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع …ان السيف لم يكن الوسيلة التي اكتسب الإسلام مكانته بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه ..في الوعود ..وتفانيه وإخلاصه …لأصدقائه وأتباعه ..وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته ..وهذه الصفات هي التي مهدت الطريق ..وتخطت المصاعب وليس السيف”.
بتعبير آخر ان أسلام السياسة ودينها اللاأخلاقي ، سيأخذ بنا إلى قبور جماعية أخرى وكهوف كافية لكي تبطل ما قاله العلم والعلماء ، فالحروب حسب تعبير الشاعر العراقي هي ” من أكثر الأدلة سطوعاً على عدم صحة تصور داروين عن الأصل البشري ، فالبشر هنا ليسوا ارتقاء للقردة ، إنما انتكاس للقردة في التحول إلى قردة مسلحة في حروب ، فالحروب التي بلا قيمة تنتج حتماً فرداً مشوهاً بشكل كامل ، قردا مسلحا يشكل بدوره قوة عمياء”.
تكـــــــــــــبير !!

أحدث المقالات