23 ديسمبر، 2024 11:27 ص

“سنة السلطة” .. تريد ارنب اخذ جنطة

“سنة السلطة” .. تريد ارنب اخذ جنطة

صاغ المفكر حسن العلوي مصطلح “شيعة السلطة” والف كتابا بهذا المعنى. واليوم يجري تداول مصطلح  “سنة المالكي”, بينما الاصح القول “سنة السلطة”. فبعد عقد من السنين منذ عام 2003 تغيرت الظروف تماما على صعيد ماكان يعرف بـ”مظلومية الشيعة” و”تهميش الاكراد” في ظل “سلطة السنة” طوال 80 عاما. لذلك ظهر بسهولة بعد التغيير مصطلح “التحالف التاريخي” الشيعي ـ الكردي. كان الرئيس جلال طالباني  من اشد المدافعين عنه على الصعيد الكردي والراحل عبد العزيز الحكيم على الصعيد الشيعي. ظروف السلطة ومعطياتها اختلفت تماما على صعيد استحقاقات المكونات الثلاثة الرئيسية وهم الشيعة والسنة والكرد طبقا للتقسيم الذي جاءت به المحاصصة. ليس هناك على صعيد تقاسم مغانم السلطة وجود لعرب العراق شيعة او سنة الا على مستوى الاحلام والرومانسيات ومنتخبات كرة القدم.  الخلاف الذي يحتدم الان بعد الانتخابات التشريعية الثالثة في العراق وهنا نصل الى بيت القصيد, وان كان يتصل شكلا بالولاية الثالثة الا انه يحمل مضامين اخرى لعلها الاكثر اهمية تتصل  بالسلطة وبريقها واستحقاقاتها وما باتت تفرضه من شروط ومساومات وصفقات ومهادنات وربما حتى مؤامرات.
السلطة في العراق وفي ظل دستور مختلف عليه مع فقدان البوصلة الحقيقية لبناء دولة يتساوى فيها المواطنون انتهت الى تفكيك الروابط والتحالفات وما كان قد تم الاتفاق عليه ايام المعارضة التي كان قطباها الاكراد والشيعة على مدى اكثر من ثلاثة عقود. وبقدر ما يفترض ان العرب السنة استفادوا من التفكك والانحلال الحاصل في التحالف “التاريخي” بين الشيعة والكرد الا انهم  وجدوا انفسهم بين مطرقة الشيعة وسندان الاكراد. فهم يجتمعون عرقيا مع الشيعة كون الطرفين عرب , ومذهبيا يجتمعون مع الاكراد كون الطرفين سنة. ولكن المفارقة اللافتة للنظر ان الطائفية فرقت عرب العراق ودخل الاثنان “الشيعة والسنة” في حرب اهلية (2006 ـ 2008), والعرقية فرقت سنة العراق (الاكراد والعرب السنة) بسبب كركوك والمناطق المتنازع عليها. وبدا حتى الان ان المستفيد من وضع العرب السنة القلق و(الرجيج) جدا في المعادلة السياسة هم الاكراد والشيعة معا برغم خلافاتهم الطاحنة اليوم. واذا استدعينا المثل المشهور”تريد ارنب اخذ ارنب.. تريد غزال اخذ ارنب” فانه وطبقا لما يتم تداوله عن بيع وشراء نواب من العرب السنة فان ما ينطبق, في حال صحت المعلومات المتداولة, على سنة السلطة هو”تريد ارنب ,اخذ جنطة”. 
  لغة الارقام الانتخابية ليست في صالح السنة.  الشيعة  حصلوا على الارقام الاكثر صعوبة في البرلمان القادم. الاكراد مازالوا محافظين على استحقاقهم الانتخابي قوميا. العرب السنة هم الوحيدون الذين مازالوا متفرقين برغم التسميات الرنانة لكتلهم “متحدون” و”العربية” و”الكرامة” وحتى “الوطنية” التي يتزعمها شيعي (اياد علاوي). هذا التفكك في الكتل السنية هو الذي  انتج مصطلح “سنة المالكي” الخاطئ لان الاصح هو “سنة السلطة” كما قلنا. غير ان ما يميزهم عن شيعة السلطة واكرادها هي انهم لم يجلسوا على مصاطب المعارضة قبل عام 2003 .. يوما واحدا.