18 ديسمبر، 2024 6:45 م

يقدم آلاف الأشخاص على الإنتحار في الدول الأوروبية لسببين ضعف الإيمان والإدمان على المخدرات وشفافية المشاعر، لأن الإنسان خاضع لمشاعره ورغباته أكثر من أي شيء آخر ، لذا تتزايد حالات الموت وجرائم القتل، أما هنا في المدة الأخيرة أصبحت تتزايد حالات التعنيف والإغتصاب و الإنتحار وصار الموت يقترب أكثر، لأن الأسباب تعددت مابين الفاقة والبطالة والخذلان العاطفي والمخدرات. والأهم من كل ذلك الإكتئاب الجاثوم الخطر الذي يسحبنا إلى قتل أنفسنا، لكوننا لم نعد نشعر بطعم الحياة ونفقد اللذة بكل شيء ولم يعد لنا رغبة بالإستمرار بسبب الحزن الشديد .

قبل أيام شاهدت في التلفاز شاباً من إحدى المحافظات الجنوبية رمى بنفسه من أعلى الجسر وكان متعاطياً للمخدرات ، لأنه عاطل عن العمل و ربما كان قراره ليس صحيحاً، لكنني شعرت بالأسى لهذا الوضع المساوي الذي يحيط بشبابنا ويقتلهم وتبادر لذهني أن هنالك من يُقتل بطلقة أو لغم أو مفخخة وهنالك من يُقتل بالحزن والمخدرات وكلاهما سُم قاتل ، والأتعس أن هؤلاء الشباب يتعرضون للإنتقاد في حياتهم ومماتهم من الناس دون أن يفكر أحدهم في ظروفهم القاسية ومعاناتهم وآلامهم لاننا دأبنا على أن ننتقد دون أن ينتقدنا أحد ، لذا أود القول أن العديد من حالات انتحار الشباب وتعاطيهم للمخدرات ليس عبثاً أو إنحلال بقدر ما هو ضعف وحزن .. إن المتعاطي أو المدمن ليس إلا انساناً تعيساً متهالكاً ومهموماً ومتعباً غارقاً في الحزن ، يستعين بالمخدرات وتصبح ملجأه الوحيد للهروب مما هو فيه من التعاسة أو الكبت أوالندم أو الحرمان أو النقص أو عدم الثقة بالنفس أو عدم الإهتمام أو عدم الإرتباط أو العمل ، و ربما نراه يأكل ويشرب وينام ويعيش، لكن هو في الحقيقة إنسان غير طبيعي لأنه يحمل بداخله ثقلاً كبيراً.

من الصعب أن نمنع الشبكات المستفيدة من ترويج وتجارة المخدرات لأن أبوابنا مفتوحة لها ومن الصعب أن نمنع الفساد لأنه في الأنفس قبل أن يكون في المؤسسات، لذا ليس لنا إلا الإيمان والنظر إلى النصف المملوء والأشياء التي نملكها ولو كانت قليلة ونحافظ على خيط رفيع من الأمل عسى أن نتنفس بلا حزن، فعندما تستبد فينا لحظات الحزن واليأس نغرق في الكآبة ونموت .