23 ديسمبر، 2024 3:42 ص

سمير الصميدعي : العيون الرمداء لا ترى الطريق

سمير الصميدعي : العيون الرمداء لا ترى الطريق

لا أعرف الكثير عن السياسي العراقي سمير شاكر الصميدعي، خاصةً ماضيه ولكن بعد احتلال العراق وتدمير دولته في نهاية آذار/2003، طُرح اسمه بقوة في الساحة السياسية العراقية وفي أحد المواقع قرأت عنه: ان سمير الصميدعي كان من أقطاب المعارضة للنظام السابق، ولذلك سُمي عضواً في مجلس الحكم الانتقالي الذي عينه بول بريمر الحاكم الامريكي للعراق، وبعد إقصاء البدران عن وزارة الداخلية ، حل محله الصميدعي. بعدها عُين سفيراً للعراق بالأمم المتحدة، ثم واشنطن لأطول فترة حيث ودعه البيت الأبيض في شهر تشرين أول(اكتور)/ 2011 المهندس المقاول

وأتذكر عام 2004، كنت أُشاهد قناة فضائية غربية ناطقة بالعربية وقد وصفت الصميدعي بوصف (المقاول..) حيث أضافت له سمة طائفية معينة وهذا القول مردود على هذه الفضائية، لأنها كانت تقدم خبراً، وليس رأياً بهذه الشخصية والفرق كبير بين (الخبر) و(الرأي) ولكني أستنتج أن ما ورد في الفضائية كان مقصوداً والهدف: إحلال (الهوية الطائفية) بدل: الهوية العراقية الجامعة أمّا صفة(المقاول) فليس لديَّ معلومات عنها، لذلك لا استطيع أن أُؤيدها أو انفيها

الشاعر يبكي وبعيداً عن صفة (المقاول ألـ..) فأني وكثيرون غيري اكتشفوا أن الصميدعي شاعر ، بل انه شاعر تحريضي سياسي وأنا هنا لا أتجنى على الدبلوماسي الصميدعي من جهة ولا أُبالغ باطرائه من جهة أخرى أما كيف اكتشفت أن زميلي المهندس سمير شاكر كان شاعراً، فأليكم قصة هذا (الاكتشاف).. الرأي العام العراقي يتذكر ما حدث في البنك المركزي العراقي مطلع عام 2013، فقد صدرت مذكرة قبض بحق الدكتور سنان محمد رضا الشبيبي محافظ البنك المركزي، واعتقال نائبه الدكتور مظهر محمد صالح، وتابع العراقيون المقابلة المؤثرة مع الدكتور مظهر باكياً بعد إطلاق سراحه وهذا ما أثار المشاعر وأوجد تعاطفاً مع نائب المحافظ خاصةً، وجميع الذين اعتقلوا أو صدرت بحقهم مذكرات قبض.. ومن الذين تعاطفوا مع (ضحايا) الاعتقال ، كان المهندس والدبلوماسي سمير شاكر الصميدعي والذي عبّر عن هذا التعاطف بقصيدة سياسية بامتياز.

كفكف دموعك؟ قصيدة الشاعر والدبلوماسي والمهندس (المقاول) والوزير الصميدعي طويلة نسبياً لذلك أنتقي منها ما يتصل مباشرة بالحدث. يقول الشاعر الصميدعي في مطلع قصيدته: كفكف دموعك واجرع مُرّ ما كُتِبا فلست وحدك من أوردتَ مُنقلبا في كل مرحلة خضنا مخاطرَها جانبتَ فيها سفيف القول والشغبا

ورغم ان الصميدعي كان جزءاً من عملية (التغيير) العنيف الذي حصل في العراق عام 2003، فانه يلخص واقع ما يسمونه (العملية السياسية) بقوله: جئنا نقرب حلماً كان مبتعداً ثم استحال الى الكابوس مقتربا وفي آخر بيت من قصيدة الصميدعي نقرأ:

نحميه من أعينٍ رمداء مثخنة وكي نغطيه حرصاً، نطبقُ التهُدبا والآن: هل قرأتم بياناً سياسياً تحريضياً كقصيدة الصميدعي؟ وفي الحصيلة: كسبَ الشعر السياسي مهندساً ووزيراً ودبلوماسياً ومقاولاً.. لكن الثابت، ولعل الصميدعي يعرف ذلك أن العيون الرمداء لا ترى الطريق وتلك مصيبتنا مع (مغول العصر) الذين دمروا بلادنا، ومصيبتنا أكثر مع الذين برَّروا للاحتلال .