18 ديسمبر، 2024 10:12 م

سميرة مفرح في رحاب الله

سميرة مفرح في رحاب الله

صعقني خبر وفاة الفاضلة سميرة اسماعيل مفرح زوجة الأخ مهند أنيس غباش، ورغم معرفتي وإيماني المكلق بأنّ كلّ نفس ذائقة الموت” إلا أنّ غياب سميرة التي أعتبرها منذ عرفتها قبل حوالي ربع قرن ابنة وأختا وزميلة وصديقة موجع جدّا.

وهاي هي “أمّ محمد” تغادرنا دون وداع بسبب فيروس كورونا اللعين، تغادرنا دون وداع، وبشكل مفاجئ.

سميرة الإنسانة الذّكيّة اللمّاحة العفيفة الشّريفة الوفيّة الصّادقة يختطفها الموت وهي في ريعان شبابها تاركة زوجا محبّا وابنتين وابنين.

سميرة التي تعمل مديرة في محافظة القدس منذ أكثر من ربع قرن لم تكن تسكت عن أيّ خطأ تراه، ولم تغضّ النّظر عن أيّ هفوة تحصل أمامها أو تعلم عنها.

سميرة التي كانت تتحلّى بجرأة أدبيّة وأخلاقيّة حظيت باحترام كلّ من عرفوها، لذا تعاملت معها كإبنة وكأخت وبادلتني نفس الشّعور والتّقدير.

سميرة التي ذاقت مرارة السّجن وظلم السّجّان عندما اعتقلت لعام ونصف العام قبل أن تبلغ عامها العشرين، عاشت تحلم بوطن حرّ مستقلّ، ولم تنس يوما بلدتها الأصليّة “الجورة” قرب مستشفى “هداسا عين كارم” والتي دُمّرت ومحيت عن الوجود.

الرّاحلة “أمّ محمّد” تزوّجت من الشّابّ مهند أنيس غبّاش، وأنجبا طفلين وطفلتين، تغادرنا كلمح البصر لتترك قلوبا دامية، وتبكي بواكيا.

أمّ محمّد كانت زوجة وفيّة محبّة وأمّا حنونا تخاف على زوجها وأبنائها من هبوب الرّيح تغادرهم بشكل مفاجئ؛ لتبقى ذكراها راسخة في عقولهم وأفئدتهم، تماما مثلما لم يغيبوا لحظة عن عقلها وقلبها حتّى لفظت أنفاسها الأخيرة.

في 22 يناير الماضي أصيب زوجتي بالكورونا فكتبتُ على صفحتي في :”الفيسبوك:” الكورونا في بيتنا لذا نتمنّى من كلّ من خالطنا أن يجري الفحوصات اللازمة لحماية نفسه ونتمنّى السّلامة للجميع.” وما أن قرأت ذلك الراحلة أمّ محمد حتّى اتّصلت بي وقالت بلهجة حزينة “أنا قلقة عليكم، طمئنونا عنكم” وحمدتِ الله على سلامتنا”. فلماذا لم تخبرينا عن إصابتك بالفيروس اللعين حتّى ندعو لك بالشّفاء على الأقلّ يا بنيّتي؟

تصعد روح سميرة إلى باريها؛ لتترك عيوننا دامعة وقلوبنا خاشعة. فوالله إنّا لموتك يا سميرة لمحزونون. لكن هذه سنن الحياة التي نهايتها الموت.

فنامي قريرة العين في جنّات الخلود يا بنيّتي.

وأعزّي نفسي وأعزّي زوجك وأبناءك وعائلتك برحيلك.

ولا حول ولا قوّة إلا بالله.