لم يخيب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (اليونامي) نيكولاي ملادينوف توقعاتنا وقدم عبر كلمته الأخيرة التي قام بالقائها فوق منبر مجلس الأمن الدولي في نيويورك أدلة اضافية عن ما نعرفه وكتبنا عنه مرارا من انحياز بعثته وخطها السياسي الخاضع لاملائات بعثية وقوى طائفية تضمر الشر لشيعة العراق ومتعاطفة مع قوى القتل والارهاب.
في معسول كلام خطاب ملادينوف والذي كتبه له جهاز مستشاريه العاملين في المكتب السياسي للبعثة الذين يترأسهم الفلسطيني الطائفي الحاقد وربيب النظام الدكتاتوري المقبور مروان علي الكفارنة يتبدى منطق طائفي يؤشر الى تردي البعثة في مستنقع القيام بتبرير الدعشنة والتدعشن وإجرام تنظيم داعش الدموي واللااسلامي. فلقد قام ملادينوف، الذي يغادر العراق غير ماسوف عليه منهيا خدمته في بلدنا العزيز على قلوبنا جميعا نحن العراقيون، بالمساواة بين إجرام داعش الدموي ضد الآلاف من المدنيين العزل والأطفال والنساء وبين بعض الهجمات الانتقامية التي تعرض لها إخواننا من أهل السنة العرب في بعض المناطق المحررة من سيطرة وإرهاب تنظيم داعش الاجرامي.
والأغرب من ذلك كله هو قيامه بتوجيه اصابع الاتهام الى قوات الحشد الشعبي في هذه الهجمات، رغم ان الجميع يعرف ان هوية المسئولين عن معظم هذه الهجمات لم تحدد وأن قيادات الحشد الشعبي قد تبرأت من الذين يقومون بارتكابها وتلويث ايديهم بدماء الأبرياء. هذا المنطق مشابه جدا لمنطق داعش واشباهه من الجماعات الارهابية التي طالما بررت اعمالها الاجرامية الدموية بحجج واهية تدعي تعرض اهل السنة الى اعمال قتل واضطهاد في العراق. وها هو ملادينوف يضيف صوته عبر كلمته الاخيرة في مجلس الأمن الدولي إلى هذه الجماعات بتقديم ذريعة اخرى تضيفها الى ذرائعها، ناهيك عن أنه حتى في حال قبول الاتهامات التي تقول بمسئولية اطراف معينة عن الهجمات الاجرامية التي تطال اخواننا في الدين والايمان من أهل السنة فانه لا يمكن لعقل اي شخص سوي ان يقبل المساواة بين اجرام داعش وفحش هذا التنظيم واغراقه في القيام بالولوغ بدماء الابرياء وبين هذه العمليات المشينة والمدانة.
ويزداد العجب من كلام ملادينوف هذا حين نراه يصمت صمتا كاملا ولا يقوم بتضمين كلامه اي اشارات الى احتمال مسئولية قوات البيشمركة عن بعض عمليات القتل والهجمات الانتقامية التي استهدفت بعض اخواننا من اهل السنة العرب في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش الاجرامي. نستغرب هذا الأمر خصوصا وأن قيادات وسكان تلك المناطق قد قاموا برفع الصوت مرارا وتكرارا وقاموا بالاشارة باصابع الاتهامات الى قوات البيشمركة حيث حملوها المسئولية عن بعض هذه الهجمات. وقد عقد شيوخ عشائر ديالى وغيرها مؤتمرات صحفية وقاموا بإصدار بيانات حول هذا الأمر. ولكن يبدو أن ملادينوف ومستشاريه السياسيين قد صموا اذانهم عن سماع هذه الصرخات والاستغاثات. ونحن هنا نتسائل عما إذا كان لهذا الصمت والصمم حول هذه الصرخات علاقة بما تردد وكتبنا عنه قبل مدة عن صفقة كان كبير المستشارين السياسيين في اليونامي الطائفي الحاقد مروان علي الكفارنة قد عقدها مع الأكراد وقبض مقابلها المبلغ المرقوم.
ورغم قيام ملادينوف بالمساواة بين ارهاب داعش والمسؤولية المزعومة عن قيام فصائل من الحشد الشعبي بارتكاب انتهاكات في حق السنة العرب من ابناء المناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش الدموية فانه يرفض ان يساوي بين الدماء الطاهرة والزكية التي نزفت من الشيخ لورنس الهذال والشيخ قاسم سويدان الجنابي والشيوخ من رجال الدين من اخواننا في الدين والوطن من أهل السنة في البصرة، ومقتل هؤلاء كلهم وكل الابرياء من ابناء الشعب العراقي امر مستنكر ومدان بشكل شديد، فانه لا يشير لا من قريب ولا من بعيد الى ضحايا مجزرة سبايكر ومعظمهم من شيعة اهل البيت عليهم السلام، وكأن دماء هؤلاء لا تستحق من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومن رئيس منظمة اليونامي الأممية حتى كلمة واحدة للقيام بادانة مرتكبيها او التعاطف مع ضحاياها هذه الجريمة التي وفي نفس الاسبوع الذي القى فيه ملادينوف كلمته المشئومة امام مجلس الامن قام شيوخ عشائر صلاح الدين بعقد مؤتمر صحفي اعلنوا فيه هدر دم اي شخص من ابنائهم تثبت مسئوليته عن هذه الجريمة النكراء او الضلوع فيها. لا يرفض ادانة جريمة سبايكر التي هزت وجدان العراقيين في الصميم أو التعاطف مع ضحاياها الأبرياء الا كل من تعاطف مع مرتكبيها وقتلتهم وما أكثر هؤلاء في مكتب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق والمكتب السياسي لليونامي من اخواننا العربان الطائفيين الحاقدين المتعاطفين مع قوى الشر والارهاب. فتحية لشيوخ عشائر صلاح الدين الأصلاء على نخوتهم وفزعتهم والخزي والعار لأصحاب القلوب التي امتلأت شرا وحقدا طائفيا بغيضا تقوم بالتنفيس عنه بالسموم التي تبثها في تقارير اليونامي.
وتحدث ملادينوف عن المصالحة الوطنية وقام بالاشارة الى بعض الجهود التي تقوم بها بعثته في هذا المجال وهي جهود نعرف تمام المعرفة انها لا تسمن ولا تغني من جوع، ونحن وان كنا لا ننكر عليه حقه في الاشارة الى جهود بعثته فاننا نستنكر كيف يمكن لمسئول اممي ان يتحدث عن المصالحة الوطنية والسلم الاهلي بين العراقيين على كافة طوائفهم وانتمائاتهم ومذاهبهم ومكوناتهم من دون الاشارة الى الدور المحوري الذي تلعبه المرجعية الدينية الشيعية الرشيدة والتي كانت دائما صمام امان للمجتمع العراقي وضمانة للسلم الاهلي بين العراقيين وابا لكل العراقيين على اختلاف اديانهم وطوائفهم ومذاهبهم. هذه المرجعية التي أصدرت عبر السنين العشرات بل مئات الفتاوي التي تحث العراقيين على التضامن والتكاتف وتحريم عمليات القتل والانتقام والثار الجاهلية في حين ان اليونامي كانت على مر هذه السنين تمارس النفاق ومطية للبعثيين والمتعاطفين مع البعث الصدامي والارهاب والطائفيين الحاقدين لتنفيذ اجنداتهم الخبيثة.
كلمة ملادينوف المشئومة هذه كانت كلمته الاخيرة قبل ان يغادر العراق غير ماسوف عليه كما غادره من سبقوه من الممثلين الخاصين للامين العام للامم المتحدة في العراق غير ماسوف عليهم ايضا. ونحن لا نثق بان من سيحل محله سيغير اي شيء في طبيعة عمل اليونامي وانحيازها لصالح فئات من العراقيين وتبنيها وتحولها الى مطية لاجندات طائفية خبيثة لاننا نعرف بانه لن يصلح حال اليونامي ما دام جهاز موظفيها والمستشارون العاملين في مكتب الممثل الخاص يعج بالمتعاطفين مع الارهاب وعملاء المخابرات والطائفيين والحاقدين والمرتشين ومن باعوا ضميرهم للشيطان وقوى الشر.