22 ديسمبر، 2024 10:34 م

سمكة الاسترآبادي وثروة الأمم

سمكة الاسترآبادي وثروة الأمم

في الوقت الذي من المفترض أننا نتطلع فيه إلى المؤسسات الدينية أملاً في الخلاص, كونها تدعي حمل التراث الفكري لآل البيت (عليهم السلام) والذي يعبر عن عمق وشمولية الإسلام لجميع وقائع الحياة وعلى مر العصور, نجد الإفلاس الكبير في أنها لم تستطع ولو على نحو التنظير أن تعطي فكرة عامة عن كيفية الخروج من عنق الزجاجة من المأزق الاقتصادي, بطروحات تخصصية, والتي لربما يقتضى إفهام المجتمع فيها تعرية أصحاب المصالح من غطاء المذهب.
ويا ليت أن السكوت والإفلاس الفكري أيقونه تعبر عن حقيقة فقط فإن الاعتراف بالتقصير من الفضائل, إلا أن ذلك الإفلاس أريد به أن يكون أيقونة المذهب الخافتة والتي تبرق بالخرافات, وما للذي يريد أن يعرف الأمر, إلا وأن يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ليرى وكمثال كيف يسطر أحد خطباء المنبر الأساطير والخرافات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام. فهاك قصة الإمام زين العابدين (عليه السلام) والرجل الفقير والتي كُتبت بهذا العنوان والتي يرويها الخطيب كرواية دون دراية.
تتحدث القصة اختصاراً عن رجل فقير جاء إلى الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) شاكياً الفاقة وطالباً الحاجة ومحتجاً على الأمام بقول المخالفين لو كان أئمتكم أولياءً لما افتقرتم, فأعطاه الإمام عليه السلام رغيف خبز يابس فاستبدله الرجل في الطريق بسمكة ليجد فيها جوهرة يستغني بعدها وبذلك تثبت كرامة الإمام عليه السلام والقدرة الخارقة على إنقاذ أبناء المذهب.
ويالها من طامة إذا كانت الدعوة للإمامة من على المنابر الحسينية في عصر الثورة المالية بهذا الشكل, فيا ترى ماذا نقدم لمن يناقشنا في كتب الاقتصاد المادي وتطور النظريات فيها هل نحتج عليه بقصة السمكة الخاثرة.. فقط فلنتصور أن عالماً في الاقتصاد يتحدث عن زيادة رأس المال وتوزيع الثروات وآثار تقسيم العمل على ذلك, وفق نظريات آدم سمث وأنت تتحدث عن سمكة خاثرة تم استبدالها برغيف يابس. رواها الشيخ الصدوق في الأمالي عن محمد بن القاسم الاسترآبادي الذي قال عنه ابن الغضائري في رجاله أنه ضعيف كذّاب.
أقول كتب سماحة المحقق الصرخي الحسني بحث فلسفتنا بأسلوب وبيان واضح الجزء الأول (الإسلام ما بين الديمقراطيّة الرأسماليّة والاشتراكيّة والشيوعيّة) وقد صدر الجزء الثاني منه (الإسلام ما بين الأفلاطونيّة والعقليّين والنظريّة الحسّيّة والماركسيّة)
لكن بدلاً من أن نحمل هذا المشعل الفكري الذي يعبر عن الأمل في الخلاص وعمق الإمامة وسطوع نورها في عصر الصراع المادي نضطر للرجوع للخلف لبيان حقيقة روايات الوضّاعين والغلاة التي تمسك بالمجتمع وتوغل به تخلفاً وجهلاً وتخريفاً بسبب البعض من الخطباء الذين لم يدركوا مقتضى المرحلة الزمنية ومتطلباتها فغلّبوا الخرافة على العقل والثقافة, لأن الخرافات تستدر العواطف ومع العاطفة تكمن المصالح.