حين سقط نظام صدام في ربيع 2003 كان حسين الشهرستاني يمثل نموذجا متكاملا للمسؤول فهو الرجل الاكاديمي ذو المستوى العالي وهو عالم الذرة الحاصل على شهادة عليا رصينة بدرجة الدكتوراه وقد نال تعليمه في الغرب بصورة لا يشوبها ادنى شك ودفع ثمنا غاليا لاعتراضه على حكم البعث الجائر فتنقل بين السجون الانفرادية من معتقلات المخابرات الى مديريات الامن وسجن ابي غريب. رجل لم ينتم لحزب سياسي ولذا يفترض ان ما يحركه هو وعيه وثوريته والتزامه بقضيته فهو رجل مستقل والمستقل يحظى بتعاطف واحترام شعبيين. رجل كان يحظى باحترام كبير للغاية بين السجناء السياسيين على مختلف توجهاتهم ولا ينافسه في ذلك منافس بل لم يفكر احد في ذلك اصلا وخرج من السجن بطريقة تنم عن شجاعة كبيرة حين هرب من اكثر السجون تحصينا ونقل قضية السجناء السياسيين المغيبين في السجون الخاصة المغلقة الى الامم المتحدة ومنها الى الراي العام معززة بالاسماء التي غامر كثيرا بالاستيلاء على سجل الاسماء ونقلها الى العالم الخارجي.كل هذه المواصفات كانت تمنحه صفة النموذج المتكامل للمسؤول السياسي المرتقب ولكن لسوء الحظ وبسبب انغماسه الى حد الثمالة في لعبة سياسية تطارد حول السلطة والموقع باسوأ الاساليب الميكافيلية وبسبب ابتعاده عن هذا الماضي المشرق كله تحول الى نموذج آخر نموذج يُقذف باقسى العبارات وبطريقة مهينة جدا لم يكن يتخيل احد ممن عرفه فضلا عنه نفسه بانه سيتعرض لها ويعامل بهذه الطريقة من شباب جامعي غاضب وليس من مجموعة عشوائية قد تكون جاهلة لما تفعل بل من شباب واعي ولكنه ناقم من الفشل التام للعملية السياسية وممن يقودها واخطر ما في الامر ان هذه الطريقة بالغة الاهانة والسوء في المعاملة لم يعترض عليها احد بل نالت رضا جمع كبير جدا ان لم نقل رضا الجميع حتى من رفاق سجنه.ما حصل للشهرستاني مؤشر خطير لا ينبغي التعامل معه بسذاجة فما كان يعتبر من افضل ما عندنا حين سقط النظام المقبور في 2003 اصبح لا يساوي شيئا الان فكيف بغيره وهم لا يملكون الا قليلا مما يملك او اكثر من القليل.على السياسيين ان يدركوا ان الهوة بينهم وبين الشعب اصبحت واسعة جدا لا تردم وانه ليست الثقة قد زالت وانعدمت بل قد اندثرت معها ايضا كل معاني الاحترام بل ولا حتى اقل المجاملات لهم وعليهم ان يدركوا ان ما حصل للشهرستاني الخميس 25/2/2016 في المثنى مؤشر لما سيحصل لهم وحينها سيتمنون لو حظوا بمعاملة كالتي حظى بها الشهرستاني الا اذا صحوا من سكرة السلطة (واشك في حصول ذلك من سياق ما يحصل) التي تقودهم الى جحيم الكراهية الجماهيرية التي اذا فتحت ابوابها لا سامح الله (وان كانت كل المؤشرات تدل على انفتاحها) فانها لن تتعامل بعدل ولا برحمة مع اي احد منهم ولات حين مناص.