23 ديسمبر، 2024 9:07 ص

” سماعات ” دافوس

” سماعات ” دافوس

بشّرنا وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، وهو يضع سماعات الترجمة الفورية على أذنيه الكريمتين، أنّ قادة دافوس سيستجيبون لرجائه ويقرّرون أن يعمّروا لنا ما خرّبه ” أخيار العراق “! .
قبل أن أجيب على سؤال ” خبيث “، يسأل صاحبه هل من المعقول أنّ الجعفري يستخدم سماعات الترجمة وهو الطبيب والمثقف الذي قضى سنوات طويلة في عاصمة الإنكليز؟ ياجماعة اعذروني السيد الأشيقر لايزال مصرّاً على أن لا يغادر صهوة اللغة العربية التي أتقنها لدرجة أننا نحتاج أحيانا إلى قواميس تشرح لنا ما فاتنا من أفانين خطبه ” الساحرة “. في هذا المكان كنت قد طرحت على السيد الجعفري سؤالاً بريئاً: هل نحن بلد على باب الله، نقف على أبواب العالم، ونقول ” لله يامحسنين “؟
والسؤال الأهم: كيف يفلس بلد ينام على بحيرات من النفط والغاز؟ كيف يطلب بلد مثل العراق، أن يفتح قادة أوروبا جيوبهم وينفقوا عليه، وهو الذي حصل من الأموال خلال السنوات القليلة الماضية، أكثر مما أنفقته أميركا على مشروع مارشال أوروبا عام 1948 بمئات المليارات.
خمسة عشر عاماً وأحزاب الإسلام السياسي التي ينتمي إليها رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير التخطيط ووزير المالية بالوكالة ووزير التجارة ووزير الإعمار، يرفعون شعارات الرفاهية والعدالة الاجتماعية والازدهار، لكنّ أعضاءها الكرام لم يبرعوا سوى بتوزيع ثروات البلاد على أنفسهم وأقاربهم.
ولأنّ السيد الجعفري مهموم باقتناء الكتب، فأتمنى عليه قراءة كتاب الفرنسية آن فولدا أيمانويل ماكرون من الظلّ الى الرئاسة ” حيث سيحتفل الرئيس الشاب بعد شهرين بأول سنة حكم، كان ماكرون قد خرج من آخر الصفوف ليتقدم جميع المرشحين لكرسي الإليزيه، وكانت ظاهرته السياسية أنه الشاب الذي استطاع أن يهزم اليمين المتطرف، ولم يكتف بذلك بل انه استطاع وفي شهور قليلة أن يكون ممثلا لأوروبا الجديدة، وأن يعيد لفرنسا مكانتها التي ضاعت بسبب مواقف الرئيس السابق فرانسوا هولاند المترددة.
السيد الجعفري لو أنكم أقمتم دولة العدالة الاجتماعية، لما كنّا الآن نمدّ أيدينا لقادة العالم، لربما كنا مثل ألمانيا وسنغافورة واليابان ، شعوب نهضت من ركام الموت والخراب بفضل سياسيين يدركون مسؤولياتهم تجاه شعبوبهم، ساسة استطاعوا برغم الموت والدمار أن يجعل من بلدانهم في مقدمة اقتصاديات العالم، فيما نحن نمضي العمر في الاختلاف على قانون الانتخاب، وانتظار ما سيقرره رؤساء الكتل، لا أحد يسأل كيف سيقضي عشرات الآلاف من الاطفال هذا الشتاء في الخيام الممزقة .
يا سيدي أرجوك كفى شطارة. وفّر على العراقيين المزيد من الأسى، ودعكِ من خطب دافوس، فالمشكلة الحقيقية هي استمراركم على كراسيّ السلطة كلّ هذه السنين.