26 ديسمبر، 2024 3:05 م

سماحة السيد مقتدى الصدر

سماحة السيد مقتدى الصدر

اكيد استمع جنابك وانا وكثيرين الى المحادثة الموجزة بين مدير مكتبك والسيد حميد الغزي .
وبلا شك هي جزء يسير جدا من همهمات وهواجس ومخاوف لدى الكثيرين من قادة التيار الذين باتت تؤرقهم : الگصگوصة والتغريده ووزير القائد وجرت الاذن !!!
نعم سيدي تلك المحادثة والهمسات بين الواعين المخلصين من اتباعك ، تكشف بصوت مرتفع عن حقيقة هو انه لم يعد من المنطقي ان التيار يقاد بالگصگوصة والتغريدة وو ..لانها ليست ادارة ولا سياسة .
واعتقد آن الاوان سيدي ان تسمعها وبصوت عال ايضا بان التيار بحاجة الى قرار استراتيجي بمأسسة التيار واعادة تنظيمه والنظر في هيكلية قيادته .
ولانني ممن واكب التيار منذ اعلان مرجعية الوالد الشهيد الثاني مرورا بخطب الجمعة التي انفردت انا ببثها عبر الإذاعة ، متحديا رؤسائي وليس انتهاءا بمعركتي النجف الاولى والثانية التي تفردت ببث اخبارها من قناة العالم على الرغم من قرار عدم التعاطي مع اخبار التيار والتي جلبت عليه أنا العقوبات الادارية وغير ذلك …وعليه اجد لزاما مني ان اساهم في اعطاء التصورات ايمانا مني باصالة التيار ووطنيته .
بداية ، و قفزا على استعراض الوضع العام في العراق واسبابه ومسبباته ، اسمح لي ان ادخل في متطلبات المرحلة والمقدمات العملية والواقعية التي تستدعي النظر بها تمهيدا للانتقال الى الحلول والمعالجات .
سيدي المحترم
ان التيار الصدري يشكل الرقم الاول في المعادلات السياسية وانه نقطة الحسم ،إن شاء ،ولكن بشرطها وشروطها .
الذي اريد قوله هو ان التيار هو الامل ولكنه يواجه منعطفا في غاية الاهمية والحساسية وذلك بعد المحن و الفشل والخيبات التي عانى ويعاني منها ابناء الامة العراقية .
والفشل ليس مقصورا على التسعة عشر عاما المنصرمة ،بل يمتد الى حقب سابقة حينما قاد العراق حكام عسكريون ومدنيون مغامرون وطائشون عرفناهم من اثار وتبعات قراراتهم الهوجاء والحمقاء والرعناء. بدءا من تشكيل اول حكومة باشراف مسز بيل عام 1921 ومن ثم الانقلابات والى الحرب العراقية الايرانية ودخول الكويت وليس انتهاءا عند النظام الحالي ٫نظام الديمقراطية المشوهة ولاديا .
سيدي القائد اسمح لي ان اقدم مفاتيح تساؤلية وأبدأ بالسؤال الجوهري في هذه الرسالة هو : هل التيار عند مستوى هذه المسؤولية ؟
هل التيار لديه استراتيجية واضحه ويديرها قادة بارعون وخبراء في فن السياسة والمسايسه؟
هل شارع وجمهور التيار منظم عقايديا وسياسيا وايديلوجيا؟
وبالاساس ، هل هناك ايدلوجية منبثقة عن نظرية متأتية من فكر منظم توحد حركة جمهوره واتباعه ؟
ماهي قدرة التيار على قيادة المرحلة ؟ وهل هو قادر على التغيير ؟
وهل قادة التيار لديهم اليات التعامل مع المجتمع الدولي ؟
والاهم من كل ذلك .. هل التيار مؤهل ان يمثل ارادة الامة ؟
بعبارة مباشرة اقول جازما : ان عدم وجود هذه الاسس ،سوف لن يحظى التيار بشرف الريادة وقيادة المرحلة .. واقول اكثر من ذلك ، ان غياب هذه اللوازم الاساسية هي التي حرمت التيار من ادارة واستثمار قرار الانسحاب من البرلمان وتبعات احداث المنطقة الخضراء . وقبل ذلك حرمت التيار من ان يكون اللاعب السياسي الاول بعد نجاحات مقاومة الاحتلال وذلك مقارنة بتجربة حزب الله الذي استثمر البندقية ووضعها بنجاح على طاولة السياسة .
نعم سيدي .. رغم هذه المكانة والاهمية والدور والامال والتطلعات المتعلقة بالتيار ،إلاانه يعاني من قصور بنيوي ونقص كبير في الهياكل التنظيمية والقيادية .
واسمحلي ان انوه الى ان غياب الهيكلية هو الذي سمح وبسهولة بانشقاق الالاف من اتباعك وتحولوا الى تشكيلات منافسة وخصيمة لكم .
ومنذ ان انخرط التيار في العملية السياسية ، ليس واضحا ماهية وهوية التيار ، هل هو حركة دينية ايمانية… وبالتالي فهو تيار ايماني يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ومن ثم ليس مناسبا انخراطه في العمل السياسي .
واذا كان حركة اسلامية تريد اقامة دولة اسلامية .. اين برنامج الحركة للوصول الى السلطة واين برنامجها لادارة الدولة الاسلامية ؟
هل التيار حركة سياسية وطنية .. ليبرالية ؟. . اذن اين هياكل وتنظيمات هذه الحركة واين هي استراتيجيته وماهي تكتيكاته في مسايسة وملاعبة الاحزاب الاخرى ؟
اذن بادئ ذي بدء ، ينبغي ان تؤطر هيكلية التيار وتحدد عناوينه لتكون مفتاحا لتاسيس رؤية اونظرية تنتج ايدلوجية يعتقد ويؤمن بها الاتباع .
واسمح لي سيدي ان اشير الى امثلة منها تجربة حزب اللبناني وايضا حركة امل .
حزب الله ولغاية اتفاق الطائف لم يكن واضح الملامح كونه مجرد قوة مقاومة مسلحة اسلامية شيعية تؤمن باخراج الاحتلال الاسرائيلي .
وتاليا طرح السؤال داخل هذا الفصيل في عهد الشيخ صبحي الطفيلي : من نحن واين نحن مابعد اتفاق الطائف ؟ هل ندخل في اللعبة السياسية وكيف ؟
في عهد الشهيد عباس الموسوي تمت الاجابة على هذه الاسئلة ونجح الحزب في ان يصبح اليوم : حركة تنظيمية سياسية ومسلحة .
اما حركة أمل اللبنانية، فهي لصيقة الشبه في تاسيسها من حركة الوالد المرجع الشهيد .
فالسيد موسى الصدر وبذكاءه المعهود والتجربة الكبيرة التي استلهمها من تواجده في الساحة اللبنانية شكل افواج مستضعفي لبنان ( أمل ) . وبعد غيابه استطاع الاستاذ نبيه بري ان يمأسس الحركة وحولها الى تنظيم سياسي شيعي وطني. وليس بالضرورة اسلامي جهادي ،طالما هناك حزب الله و مرجعيات دينية يعتقد بها الاتباع على المستوى الشخصي وذلك الى جانب وجود المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الذي يدير شؤون الطائفة الدينية والعبادية في لبنان.
هذه الخصيصة المتفردة لحركة امل ووضعها فاصلة عن الاسلامية وعن الارث الديني للسيد موسى الصدر منحت الحركة براغماتية وديناميكية في التحرك والتمدد طوليا وافقيا.
ويمكن القول بان مكونات قواعد حركة امل شبيه الى حد كبير بمكونات التيار الصدري ، ففي كليهما يوجد المتدينون المصلون والى جانبهم غير المتدينيين . ايضا في كليهما يوجد انصار ومؤيدون من طوائف وتيارات وحتى اديان اخرى .
التيار الصدري اليوم هو قوة كبيرة واكبر بكثير من حزب الله وأمل وحماس واية حركة وحزب سياسي في العراق والعالم العربي .
وقوة سياسية بهذا الحجم يتعين ان يكون لديها عنوان جديد شامل ويضع اطارا اوسع يستقطب جمهور الطائفة والامة العراقية ويواكب المرحلة والمتغيرات الاجتماعية والسياسية.
فالتيار بدا يرفع شعارات كبيرة جدا وعناوين تقلب رأسا على عقب الخريطة السياسية التي وضعها الاميركيون للنظام الحالي .بمعنى اخر التيار يريد الشطب على عملية سياسية دعمتها 33 دولة بقيادة اميركا وبريطانيا.
ايضا التيار هو من اعلن وانتم شخصيا قلتم بانكم تريدون الغاء ثلاثية ( التوافق والتوازن والمحاصصة ) ، وهي الاثافي الثلاثة التي تمثل معادلة تجمع كافة الجماعات السياسية في ادارة ومشاركة الحكم اليوم .واكيد ان انقلابا بهذا المستوى سيكون له تبعات ايجابية كبيرة ويحدث تحولا على مستوى العراق والمنطقة .
ان هذه المهمة باتت تستدعي مراجعة شاملة تنتهي بوضع هوية جديدة للتيار وتبدا المهمة من اعادة النظر في موقع قيادة التيار وتشكيل مجالس شورى ورأي حقيقية ،تكون مساهمة في صنع المواقف وانتاج القرارات .
ان مأسسة التيار وتحوله الى تنظيم حركي سياسي وطني واسع من شانه ان يحسم ( ازمة المرجعية ) بعد انكفاء السيد الحائري . فيصبح من حق اي عضو في التنظيم حرا في تقليد من يشاء من المراجع الى جانب وجود غالبية ماتزال على تقليد المرجع الشهيد الصدر الثاني .
الزعيم السيد مقتدى الصدر

ان مهمة تأريخية بهذا الحجم تتطلب كذلك ان تنتقلوا الى موقع الزعيم الروحي وان يتولى من تنتخبه قواعدكم لشغل موقع الامانة العامة للتيار بعد ان يجري انتخاب مجالس شورى وهيئة قيادية واللتي هي من تختار الامين العام وتعرضه عليكم للمباركة .
واعتقد ان العقدين المنصرمين انجبت قيادات لامعة من ابناء التيار وقد صارت لديهم الحنكة والدربة والدراية في فن اللعب والتكتيك ورسم الخطوات المرحلية والاستراتيجية .
كما ان مثقفي التيار لديهم المعرفة الجيدة في صياغة نظام داخلي ينظم آليات عمل المجالس والهياكل التنظيمية وتجسير العلاقات فيما بينها .
ان اعادة تنظيم التيار من القيادة الى القاعدة وتحت عناوين جديدة هو الذي يؤهل التيار لقيادة العراق كما انه مطلب ابناء التيار اولا . ومطلب العراق ومطلب دول المنطقة والعرب والعالم ومطلب الدول الغربية ايضا .. فجميع هؤلاء يريدون لاحقا ان يتعاملوا مع منظمة مسؤولة لديها أسس وقواعد ومبادئ ومنهاج متطور يواكب العصر والمرحلة وان لديها آليات حوار رصينة وذكية مدعمه ببيانات ومواقف تنتجها مجالس راي وشورى ومكاتب قيادية وليست گصگوصة وتغريدة وووو .
فهذه الدول تريد التعامل وفق المصالح وعلى قاعدة حوار الدولة وليس حوار الثورة.. فحوار الثورة هو السمة التي تطبع تصرفات وتحركات قواعد التيار الصدري منذ عام 1992 والى اليوم .
وختاما يقول الشاعر ابو العتاهيه :
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة .. إن الخوافي قوة للقوادم .

أحدث المقالات

أحدث المقالات