بسم الله الرحمن الرحيم
“المؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر”
” الدين النصيحة؛ لله ولرسوله ولأئمة المسلمين…”
سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظلّه
بعد السلام عليكم والدعاء لكم بطول العمر في خير وعافية.
أكتب لسماحتكم هذه الرسالة التي تعكس آراء شريحة واسعة من العلماء والكتّاب والمتابعين للشأن العام والشأن السياسي وأداء المرجعية فيه، وهم شرائح واسعة تتحرق ألماً لما يتهدد المرجعية من اخطار ولا تستطيع ايصال صوتها لكم لأسبابٍ قاهرة تتعلق بألية وقناة التواصل معكم.
هذه الشريحة الواسعة هي نخبة من خير أمةٍ أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؛ ترى نفسها مخاطبةً بقول رسول الله (ص): “كلـّكم راع وكلـّكم مسؤول عن رعيته” ومخاطَبةً بقول أمير المؤمنين(ع): ” لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولّي الله أموركم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم دعاؤكم”
وهي رسالة مفتوحة لأنها تتعلق بشأن الأمة التي تعرف وتعاني من الأوضاع التي تتحدث عنها هذه الرسالة لكنها لا تعرف موقفكم منها.
سيدنا الجليل
لا يخفى على سماحتكم ان الله تعالى ارسل الرسل ليهدي عباده الى الدين القويم لينالوا سعادة الدنيا والاخرة، وأنه استخلف بعد الرسل أوصياء، وبعد الاوصياء علماء ترجع الامة اليهم في قيادتها في كل شؤون دينهم العقيدية و التشريعية لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة.
ومن هنا جاء دور المرجعية في قيادة الامة وهو دور لا ينحصر بطبع رسالة عملية والاجابة على الاستفتاءات في العبادات الفردية، ولهذا قمتم سماحتكم بدور تاريخي في توجيه الناس الى المشاركة في الانتخابات لكي لا يليَ الامةَ شرارُها، كما عبّأتم الامة للجهاد الكفائي لانقاذها من أعدائها، وبذلتم النصح والارشاد لعامة الناس وللقادة السياسيين مراراً وتكراراً فجزاكم الله خيراً على ما قدمتم.
لكن الأمة في الوقت الحاضر تعيش عصراً اصبحت فيه للقوى العالمية والاقليمية امكانات هائلة تزجّها في الصراع على عقول الناس واجسامهم واموالهم في ميادين الفكر والسياسة والاقتصاد، ولا يمكن للأمة الاسلامية أن تقف متفرجةً أمام القوى التي تسعى للقضاء على الاسلام والسيطرة على بلاد المسلمين وثرواتهم وإخضاع شعوبهم مستعينةً على ذلك الهدف المشؤوم بجيوش عسكرية واجهزة مخابراتية وحشود أعلامية. يجري كل ذلك بتخطيط دقيق تعدّه مراكز دراسات، وتنفّذه اجهزة ادارية عصرية متخصصة، ويستعينون بمسلمين في قلوبهم مرض من عوام الامة و بأشباه العلماء من طلاب الدنيا ، وبطبقةٍ سياسية فاسدة رضيت بالحياة الدنيا واطمأنت بها فاهلكوا الحرث والنسل خدمةً لأعداء الاسلام والمسلمين ويحسبون انهم مهتدون.
* * *
سيدنا الجليل
يعرف أبسطُ متابع لواقع الامة أن العالم الاسلامي عموماً والشرق الاوسط خصوصاً واقع تحت السيطرة السياسية والاقتصادية والعسكرية لتحالف القوى الغربية، وهو التحالف المكوّن من “أهل الصليب” الذين استعمروا العالم الاسلامي قرناً او قرنين، و”أهل النجمة” الذين يرون انفسهم شعب الله المختار الذي يحق له تهجير شعب فلسطين من ارضه وتوسيع سلطانهم على ارض المسلمين من النيل الى الفرات.
ان هذا التحالف يملك اليوم رقاب المسلمين وبلادهم مستعيناً بالامكانات الهائلة والتخطيط الدقيق والبرامج المدروسة، بينما تقف المرجعية الدينية لتمارس دورها الشرعي في قيادة الامة بجهاز إداري قديم متهالك وبأدوات تنفيذية محدودة الامكانيات والعدد وببرامج بدائية لا تلبّي حاجة الواقع المعقد.
ولاشك في أن هذا التفاوت بين امكانات وبرامج المرجعية، وامكانات وبرامج اعداء الأمة (تحالف الصليب و النجمة) يفضي بالضرورة الى انكشاف الساحة الاسلامية امام اعداء الامة، وهذا ما ظهر جليّاً في العراق في انتشار الفساد المالي والاداري والفساد الاخلاقي والظلم الاجتماعي وانتشار الالحاد وشيوع المنكرات حتى ارتفع علم اللواط والسحاق في عاصمة العراق، واستبيحت بلاد الرافدين والشام ودول الخليج وشمال افريقيا من قبل الأعداء الكافرين بقواعد عسكرية تنتهك سيادتها وتسلب ثروتها وترتهن قرارها السياسي وتسحق استقلالها.
ويحتوي العراق على اكبر عدد من قوات الكافر الغازي، وبسفارةٍ تضم خمسة عشر الف جاسوس يديرون -من وراء ستار الحكومة- كلَّ شؤون الدولة في العراق، ويصل الامر الى قيام سفيرهم ماثيو تولرعلناً بفرض الكاظمي رئيساً للوزراء يُمضي لهم كل رغباتهم ورغبات الفاسدين الذين بيدهم كل المناصب العليا في الدولة بلا استنثاء.
لم يتوقف مشروع المستعمر الكافر عند السيطرة على ارض المسلمين وثرواتهم، ولم يقتصر على افساد المجتمع بالالحاد، بل مضى ابعد من ذلك بالتخطيط للنفوذ في المرجعية عن طريق تجنيد الذين في قلوبهم مرض من أشباه العلماء الذين أعدّهم الكافر في عواصمه، او اشتراهم في عواصمنا، وبدأ بزرعهم في مواقع يطمع ان يصلوا من خلالها الى مقام المرجعية من خلال سقيفةٍ يخططون لها، وجعافر كذّابين يجندونهم، ومبعوثين اسرائيليين وامريكان بغطاء باحثين معجبين بالعباس والسجاد تستضيفهم العتبات المقدسة…..وللأسف فان هؤلاء حققوا نجاحات لا تخفى على المراقب خارج الاسوار…ووصل الأمر الى حد لا يحتمل حين اصبحت صحيفة الاندبندنت البريطانية تكتب : “السيستاني يسحب بساط الحشد من تحت اقدام الميليشيات”.
https://www.independentarabia.com/node/174711/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%B3%D8%AD%D8%A8-%D8%A8%D8%B3%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B4%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%A3%D9%82%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%AA
وقبلها قالت السفارة الامريكية في العراق: “ان السيد السيستاني هو صمام امان للعراق والمنطقة”
https://www.rudaw.net/arabic/middleeast/iraq/1601202015
وغير ذلك من امارات واشارات وتصريحات و تلميحات تثير قلق العلماء و المؤمنين الصادقين من أهل البصائر على مستقبل المرجعية الدينية.
وللأسف فشلت كل جهود المخلصين في الوصول المباشر لسماحتكم لاطلاعكم على ما يجري دون علمكم.
إنَّ وقوع المرجعية بصورة كاملةٍ بيد اعداء الله -لا سمح الله- سيشكل نكبة للاسلام الاصيل المتمثل بخط أهل البيت عليهم السلام وشقّاً يقسمهم الى فرقتين ليفشلوا وتذهب ريحهم.
* * *
هل يستطيع الهيكل الاداري الفعلي للمرجعية ان يتعامل مع هذه التحديات المصيرية وهو يتبع نفس آليات العلاقة مع الأمة قبل مائة عام عن طريق كاتبٍ وابنٍ وصهرٍ وبضعة عشر وكيلاً في المدن؟
هل يستطيع هذا الهيكل البسيط منع اختراق المخابرات الدولية التي تخترق اكبر الاجهزة لكي تنفذ مهامها وتمرر مخططاتها الهدامة؟
كيف تواجه المرجعية -بهذه الادارة البسيطة- مشاريع دول كبرى تريد السيطرة على بلاد المسلمين وحرفهم عن دينهم وتبديل هويتهم؟
كيف تدار الامور المالية دون مكاتب محاسبين وبرنامج انفاقٍ وجبايةٍ عصري، وسجلات اصولية وتفتيش مالي (دوري ومفاجئ) يسمح بالمراقبة ومكافحة الفساد وقطع ألسن المشككين بسياسة الإنفاق ومصادر التمويل؟
كيف تتكون لدى المرجعية – بهذه الهيكلية الادارية البسيطة – صورةٌ عن واقع المسلمين في مختلف البلدان لكي تضع لهم خططاً لحل مشاكلهم الدينية والدنيوية او برامج للنهوض بواقعهم المتخلف على كل صعيد؟
كيف تعرف المرجعية مستوى الامة في العقيدة والالتزام لكي تضع لها البرامج التبليغية المناسبة على اساس مسحٍ شامل لفكر الناس وسلوكهم، من اجل تقويم الانحراف في العقيدة والاعوجاج في السلوك؟
كيف تعرف المرجعية الفقراء والمساكين والمحتاجين والارامل واليتامى والغارمين والجياع والعراة بدون أن تكون لديها قاعدة بيانات وسجلات شاملة لأحوال الناس توصل المعلومة للمرجعية بدون ذلّ السؤال وهدر الكرامة او التوسل للوصول الى احد الوكلاء؟
* * *
سيدنا الأجلّ
ان هناك قضيةً ملحة تحتل مساحة واسعة من الدين متمثلة بآيات لا تعد، وروايات لا تحصى، وسنّة قطعية تفوق حد التواتر تتعلق بموقف المرجعية الدينية من مسالة خضوع المسلمين لسيطرة الكافرين.
إنّ من يسرد الايات و الروايات في هذه القضية انما ينقل التمر الى هجر؛ فحرمة الخضوع للكافرين ووجوب تحرير البلاد والعباد من سيطرتهم هما من ضرورات الدين التي لا يختلف فيها اثنان، وهو أمر لا يرتبط بالقول بولاية الفقيه المطلقة، ولا بالجهاد الاولي، ولا يُشترط فيه الأمن من الضرر، ولا تنطبق عليه روايات الانتظار، ولا يُشترط فيه وقوع الأذى من الكافرين على المسلمين، لأن مناط الحكم هو خضوع المسلم للكافر، وهو عنوان أوّلي مستقل أفتى بموجبه أساطين حوزة النجف الاشرف بالجهاد ضد الانكليز الذين احتلوا العراق بعد الحرب العالمية الثانية بالرغم من تفاوت القوة بين بريطانيا العظمى ومرجعية النجف الصغيرة.
هذا لو كانت سيطرة الكافرين على المسلمين بدون مظالم، اما اذا اقترنت بمظالم ومفاسد اخرى (كنهب ثروات المسلمين وتسليط حكام ظلمة يسفكون الدماء ويهتكون الاعراض ويزجّون بالاحرار في غياهب السجون) فإن المسؤولية الشرعية تكون أشد وطئاً وأعظم قيلا.
ومن المعلوم ان الأمة الآن تعاني من احتلال عسكري من قبل (تحالف الصليب و النجمة) في العراق وفلسطين وسوريا واليمن والجزيرة العربية ودول اخرى حيث تستباح كرامات هذه الشعوب وتنهب ثرواتها ويعاني ابناؤها من القمع والسجن و التعذيب الوحشي على يد الحكام الذين فرضهم تحالف الصليب و النجمة على هذه الشعوب.
ان هذا الخضوع للهيمنة الكافرة لم يتوقف عند حد اخضاعها، بل إنه بدأ يسخّر امكانات هذه الشعوب واراضيها وثرواتها لمحاربة دولة اسلامية ناشئة هي الجمهورية الاسلامية الايرانية بعد ترويج ثقافة مستوردة غريبة على الاسلام ومفاهيمه ونصوصه الصريحة في ضرورة نصرة المسلمين اذا تعرّضوا لعدوان الكافرين.
ولا يخفى على سماحتكم ان تحالف الصليب والنجمة يشنّ اليوم حرباً شاملة عسكرية واقتصادية ضد الجمهورية الاسلامية التي تعاني من حصارٍ وحشي يحرم الايرانيين من الغذاء والدواء وسائر ضرورات المعيشة، وتحالف اعداء الله هذا يستعين على حربه ضد المسلمين في ايران بسلاحين، احدهما خطير والثاني اخطر:
الخطير هو استخدام اراضي وثروات الشعوب الاسلامية في المنطقة ضد الجمهورية الاسلامية
والاخطر هو السكوت المطلق للمرجعية الدينية وكأنّ الشعب الايراني قوم من البوذيين او الهنود الحمر اوالسيخ او الديالمة او الصقالبة أومشركي قريش!
أمّا الاخطر منهما جميعاً فهو استبدال المرجعية المقياس الشرعي في العلاقة بين الشعوب الاسلامية بالمقياس العرقي والجغرافي القائم على قيم غريبة على القيم الالهية.
ان التخلّي عن الانتماء الاسلامي لصالح الانتماء القومي او الجغرافي هو اتجاه خطير ينسجم مع توجهات تحالف الصليب والنجمة وقد تمَّ ترويجه بين الناطقين باسم الحوزة و المحسوبين عليها وعلى مكاتبها فاصبحوا يرددون مقولات الفصل بين الشعبين المسلمين في العراق وايران غافلين او متغافلين عن خدمتهم لتحالف الصليب والنجمة الذي يريد فك ارتباط اتباع اهل البيت ببعضهم واستبدال ذلك بالارتباط بالوهابية والولايات المتحدة واسرائيل، وهو الامر الذي بدت بوادره في الرأي العام بالدعوات الصريحة الى اقامة العلاقات مع اسرائيل والالتحاق بركب التبعية للولايات المتحدة، فهل يجرى هذا بعلمكم؟
ألا ترون ان محاولة شيطنة ايران من قبل تحالف الصليب والنجمة لا يرتبط با يران فحسب بل هو مشروع غربي متكامل للقضاء على الاسلام ظهرت بعض تجلياته في اغلاق المساجد في المانيا وفرنسا اخيراً مع انها مساجد لا ترتبط بايران ولا بالشيعة؟
مولانا الجليل
سكوت المرجعية هذا أعان اعداءَ الله (تحالف الصليب و النجمة) على الشعب الايراني المسلم فاصبحنا إلباً لأعدائنا على اوليائنا بغير عدلٍ أفشوه فينا، ولا أمل اصبح لنا فيهم…وهذا موقف لاشك في منافاته لضرورات الدين الحنيف، أفجزاءُ محمدٍ هذا؟
ان السكوت عن نصرة الجمهورية الاسلامية يعني بالضرورة اصطفافاً مع المعسكر الاخر، فعندما تدور رحى حرب بين فريقين احدهما مسلم والآخر كافر، فلا معنى للوقوف على الحياد، فالحياد هنا نصرة للكافر وخذلان للمسلم؛ اللهم الا ان يقال ان ايران اعتدت ظلماً وعدواناً على تحالف الصليب والنجمة! وشنت عليهم الحرب في عقر دارهم! وهم اهل ذمة مسالمون آمنون، فاضطررنا للوقوف على الحياد!!
* * *
سيدنا الأجلّ
في ظل تهديد تحالف الصليب والنجمة بشن عدوان جديد على الجمهورية الاسلامية، ماهو موقف المسلمين من هذه الحرب؟ ينصرون ايران؟ أم امريكا؟ ام يقفون على الحياد بين المسلمين والكافرين؟
هذه مسألة شرعية لابد من الاجابة عليها لبيان ما انزل الله فيها من البينات في الكتاب لنبيّنه للناس ولا نكتمه.
* * *
وما يقال عن السكوت عن نصرة الجمهورية الاسلامية يقال ايضاً عن السكوت عن نصرة المسلمين في اليمن وسورية وفلسطين ومسلمي الجزيرة العربية الخاضعين لتحالف الصليب و النجمة، والذين بخلت المرجعية عليهم ببيان استنكار أو طلب نصرة من احرار العالم أو المنظمات الدولية او… أو….تخفيفاً لمعاناتهم وتضميداً لجراح قلوبهم المكلومة من سكوت المرجعية الدينية في النجف الاشرف.
يمثل سكوت المرجعية عن نصرة الشعب اليمني – ولو بشطر كلمة- موقفاً عجيباً لا اساس له من دليل لفظي أو أصلٍ عملي، لا في الكتاب ولا في السنة ، ولا في اجماع ولا استصحاب، اللهم الا استصحاب السكوت الذي هو مخالف للاحتياط، لاسيما وأن الشعب اليمني يتعرض لقصف وحشي يومي للتجمعات السكنية والاعراس و المآتم والاسواق و المساكن بطائرات العدوان دون ان تتلطف عليهم المرجعية عليهم بكلمة عزاء، او تقول لعدوهم كلمة استنكار!
وما يقال عن اليمن يقال عن الشعب الفلسطيني المحاصر والشعب في البحرين والسعودية الذين يزجّ بابنائهم في السجون ويتعرضون للتعذيب الوحشي وانتهاك الاعراض ما يندى له جبين الساكت عن نصرتهم بيده فان لم يستطع فبلسانه ولو بشطر كلمة.
* * *
واخيراً يبرز السكوت كأحجية غير قابلة للحل في الموقف من القوات الامريكية التي تحتل العراق وتسحق كرامته وسيادته، وتعتدي على من تشاء كيف تشاء متى تشاء..وتتلاعب بمقدرات العراق وسياسييه وتملي ارادتها على الجميع فيخضعون لها طوعاً أو كرهاً واليها يرجعون، فهي في العراق كالاله لا تُسأل عما تفعل وهم يُسألون… يجري كل هذا والمرجعية ساكتة لا تقول شيئاً ولا توضح موقفاً ولا تستنكر من القوات الامريكية اعتداءً ولا توجه لهم عتاباً ولا للمقلدين رأياً او موقفا..سكوت مطلق لا يمكن تفسيره بالرجوع الى النصوص الشرعية و الاحكام الفقهية وفتاوى اساطين العلماء وعمالقة المذهب!
* * *
قد يقال في تبرير سكوت المرجعية الدينية عن القوات الامريكية او السكوت عن نصرة الجمهورية الاسلامية وباقي الشعوب التي تتعرض لعدوان اعداء الله تبريرات منها:-
اننا لا نستطيع ان نفعل شيئاً امام دول كبرى او اقليمية لا تنصاع لاوامرنا ولا تكترث بكلامنا… لكنه هذا التبرير يقدم للمعتدين خدمة الاقرار غير المباشر لما يقومون به، لأن السكوت علامة الرضا في مثل هذه الحالات، والاستنكار على الصعيد الدولي مطلوب لتسجيل الموقف حتى لو لم يؤثر آنيّاً. إنّ هذا التبريريهمل تماماً المكانة الدولية التي تتمتع بها المرجعية وأثر كلامها في الرأي العام الدولي والاقليمي.
وقد يقال: اننا لا نقول بولاية الفقيه، بينما ايران تقوم على نظرية ولاية الفقيه، فنحن وايران مختلفون حول هذه القضية..وهو تبرير خارج تماماً عن الموضوع، فهل يسقط حق المسلم على المسلم اذا اختلفا في مسألة فقهية؟
وقد يقال: اننا لا نتدخل بالسياسية، والتصدي لنصرة المسلمين -في ايران وغيرها- هو تدخل في السياسة وهو ليس من منهجنا. والجواب عليه باستعراض مواقف سياسية اخرى لكم كثيرة وكبيرة
وقد يقال ان التعرض للدول الكبرى يحتاج الى طاقات لا نملكها، ولا قوة لدينا الا سلاح الفتوى…والجواب: الفتوى اكبر قوة، وتكفي لو استخدمتموها في الافتاء بحرمة احتلال أومحاصرة أوتجويع العراقيين واليمنيين والفلسطينيين والسوريين والايرانيين واللبنانيين
وقد يقال: إن الناس لا تسمع كلامنا، فلماذا نلقي كلامنا على الارض فنخسر كرامتنا دون ان ينتج شيء؟ والجواب موجود في سيرة النبي واهل بيته الذين عصتهم الامة في اكثر من مورد فلٍم يمنعهم لك من اداء مسؤولياتهم
وقد يقال في السكوت عن القوات الامريكية أيضاً: ان هذه شؤون عسكرية خارجة عن مسؤولية الفقيه..والجواب: فلمن يرجع المسلمون في معرفة موقفهم الشرعي من احتلال ارضهم؟ وهل تجاوزَ فقهاء ثورة العشرين وظيفتهم الشرعية حين أفتوا باخراج قوات الاحتلال البريطاني؟
مولانا الأجلّ
نصرة المسلمين واضحة الوجوب،
والكلمة والبيان والموقف من المرجعية قويّ التأثير، والسكوت اقرار ضمني بالموافقة في العرف الدولي والاقليمي،
والملايين من المظلومين والمضطهدين من ضحايا الحروب العسكرية و الاقتصادية لتحالف الصليب و النجمة ضد ايران والعراق وسورية ولبنان واليمن وفلسطين يسيتفيدون من كلمة أو بيان منكم – إن لم نقل فتوى- تخففون به عن ظلمهم او تواسونهم في محنتهم، لعل الله ينفعكم بها يوم لا ينفع مال ولا بنون، الا من اتى الله بقلب سليم
وربّ كلمة يلقيها العبد لا يلقي لها بالاً ترفعه في الجنة درجات
وربّ كلمة يلقيها العبد لا يلقي لها بالاً تهوي به في جهنم درجات
نسأل الله ان يعينكم على القيام بعبء المرجعية الثقيل ويهيئ لكم من يعينكم على تعبئة طاقات الامة المعطلة، ويمدّ في عمركم في خير وعافية ويدفع عنكم شياطين الانس والجن انه سميع بصير.
الا هل بلّغت؟
اللهم اشهد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته