(الحلقة الثانية)
في الحلقة الأولى من هذا المقال، استعرضتُ بعض الجوانب من الخلفيّة التاريخيّة للسيد سليم الجبوري، و الظّروف التي مهّدت الطريق أَمامه، ليكون في صدارة الشخصيات التي تقود العراق الجديد. و في هذه الحلقة، استكمل مناقشة هذا الموضوع، من اجل الوصول الى المقاصد و الغايات، التي يسعى لتحقيقها السيد الجبوري، من خلال التحرّك لمسك بعض المتغيرات السياسية، لتحقيق الاهداف التي تشكل اركان قناعاته الشخصيّة.
أقول:
إِذا ما ربطنا الأَحداث الواردة في الحلقة السابقة، بحدث حصل يوم 19/8/2015، ستكّتمل صورة مشروع السيد سليم الجبوري. ففي هذا اليوم افتتح السيد الجبوري، في قاعة فندق الرشيد ببغداد، مُؤتمرَ (تحرير الانبار). و لجذب الانتباه لأهميَّة هذا المؤتمر، وضعت لافتة كبيرة، في صدر القاعة التي اجتمع فيها المؤتمرون، خطَّ عليها مايلي:
(برعاية سيادة رئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري يقام مؤتمر (تحرير الانبار) يوم الاربعاء 19/8/2015.
حضر السيد الجبوري للمؤتمر، و حضر معه وزير الدفاع، و وزير الكهرباء، و محافظ الانبار و اعضاء مجلس محافظة الانبار، و عدد من رجال الدين، وعدد من شيوخ العشائر، من بينهم بعض الشيوخ، الذين كانوا في ساحات الاعتصام، و مهّدوا لدخول داعش الى الأنبار. هذه المجموعة من المتآمرين على العراق و شعبه، يقيمون الآن في
العاصمة الاردنية عمان، و مدينة أربيل في كردستان العراق. و لذرّ الرماد في العيون تمتّ دعوة السادة، فالح الفياض مستشار الأمن الوطني، و النائب السابق حسن السنيد، و الشيخ حميد معله، الذين لبّوا الدَّعوة و حضروا المؤتمر.
الملفت للنظر و هو بيّت القصيد، ان السيد الجبوري تحدث في كلمته، عن تحرير الانبار، و كأنه لا يعلم أَنَّ الانبار قاب قوسين أو أدنى، من التحرير الكامل، على يد قوّات الحشد الشعبي، و قوات الشرطة و الجيش. و كما هو متوقع فإِنَّ السيد الجبوري، لمّ يُفوّت هذه المناسبة، ليؤكد مجدداً على ضرورة تعاون الاطراف السياسية، لإقرار قانون الحرس الوطني.
و العجيب في الأَمر، أن السيد الجبوري لمّْ يَذكر في خطابه، كلمة واحدة تشير الى دور المرجعيَّة الدينية في النجف الأشرف، التي أَفتتّْ بالجهاد الكفائي. تلك الفتوى التاريخيّة، التي تشكلت بموجبها قوّات الحشد الشعبي. هذه القوّات التي انطلقت لتحرير أرض العراق تلواً تلواً.
كما لم يتطرّق السيد الجبوري بكلمته، الى دور عشائر وسط و جنوب العراق، الذين فتحوا بيوتهم و حسيّنياتهم و مضائفهم، لإيواء الآلاف الأسر النازحة، من المنطقة الغربية.
و على نفس المنوال، تحدث رئيس ديوان الوقف السُّني، الشيخ عبد اللطيف الهميم، لكنه كصاحبة، تجاهل دور المرجعيَّة، و دور قوات الحشد الشعبي، و دور عشائر الوسط و الجنوب.
و الأَغرب من ذلك، أَنّْ يقوم أَحد شيوخ الفنادق، الذي كانت ارضه ساحة للمعتصمين في الأنبار، بالقاء كلمة أَشاد فيها بدور ملك الاردن، لمساندته لعشائر الأنبار، و لم يذكر كلمة واحدة، بحق المرجعيّة الدينيّة، و القوات العراقية و قوات الحشد الشعبي الغيارى.
انتهى المؤتمر بشجار بين ممثل بعض ابناء العشائر، التي تقاتل مع قوات الدولة العراقيّة، و بين اتباع شيوخ الفنادق و البارات، بسبب احتجاج الطرف الاول، على
مشاركة الطرف الثاني في المؤتمر. هذا الطّرف (الثاني) كان السبب المباشر، في تمكين عصابات داعش في السيطرة على الانبار.
لكن الغريب المستغرب، أَنّْ تُفاجئَنا وسائل الاعلام، في اليوم التالي لانعقاد مؤتمر تحرير الانبار، اي في يوم 20/8/2015 ، بنشرها خبراً مفاده، أَنَّ السيد سليم الجبوري، قد سافر الى عمّان، في زيارة مفاجئة. هذه الزيارة المفاجئة، ستكون مهمتها على ما يبدو، مصالحة شيوخ الفنادق و البارات، الذين انزعجوا من اعتراض ممثلي العشائر التي تقاتل مع القوات العراقية، لغرض استرضائهم، و بالنتيجة استرضاء اصحاب المشروع الطائفي، الذي تديره مجموعة دول الخليج و تركيا بقيادة السعودية.
ومن باب النصحية، أَقول للسيد الجبوري:
* كن عراقياً قبل أن تكون سُنِّيّاً.
* كن خيمة لكل العراقيين النجباء.
* لا تكن أَداة لتمرير المشروع الطائفي الخليجي – التركي، بقيادة السعودية.
* كن حصيفاً و مدركاً، بأَنَّ المشروع الطائفي الخليجي – التركي بقيادة السعودية، لا يمكن ان يرى النور في العراق أَبداً.
* كن كما يُريدُ العراقيون المخلصون، و ستدخل قلوب كل العراقيين الشرفاء.
* اذا كان دورك يقف عند كسّب ودّ السُّنَّة العرب، فليكن طموحك أَكبر، بكسب ودّ كل أطياف الشعب العراقي. حتى يكون رصيدك أَكبر، و ستكون شخصيتك اعظم، و مستقبلك أَزهر، و سيمجدك التاريخ الوطني العراقي.
اللهم اني بلغت اللهم فاشهد.