19 ديسمبر، 2024 12:46 ص

سليم الجبوري.. القطب الايجابي

سليم الجبوري.. القطب الايجابي

في العراق؛ قليل ما يتبنى المسؤولين في الدولة طرح مشاكل البلد المحلية على المجتمع الدولي بجدية، ومحاولة اقناعه بوجوب الوقوف مع العراق ومساعدته نظرا لعدالة قضيته وتبني  دعمها، وحتى لو اراد بعضهم طرح هذه المشاكل فلن يتعدى تعامله معها اطار الدعائية والبهرجة الاعلامية، اما التفكير بجلب مصلحة حقيقية او تسليط الاضواء الدولية على معاناة الشعب، وخلق فرص لحل ازامته التي تراكمت واصبحت عقدا يصعب حلحلتها فذاك مستبعد جدا.

لكن يبدوا ان هناك شيء من تفائل بهذا الخصوص، لاسيما بعد زيارة سليم الجبوري الاخيرة الى اوربا وامريكا ، فقد غيرت هذه الزيارة كثيرا من القناعات الدولية لواقع العراق، فقد تمكن هذا الرجل الشاب من فعل ما فشلت به القوى التي ترى في نفسها ذات باع طويل في العمل السياسي، لاسيما وانه تمكن من اقناع اوربا وامرياكا بجلب مساعدة عاجلة للنازحين بقيمة مليار دولار، وهذا بحد ذاته انجازا عظيما اذا ما نظرنا بجدية وحيادية للنازحين بعد تفاقم ازمتهم وطول مدتها وتنكر بعض الاطراف لهم واتهامهم بتهم شتى ناهيك عن ظروف اخرى كحلول فصل الصيف الحار والتدهور المالي والاقتصادي الذي يمر به البلد والذي حد من توفير المستلزمات الضرورية لهم، فالمليار دولار سيسهم في حل مشاكل كبيرة ومعقدة ومتفاقمة.

الامر الثاني؛ ان العراق خسر كميات كبيرة من اسلحة جيشه خلال الانسحابات المربكة والمخيفة والمريبة من المدن وتركها لداعش دون قتال، وهو ما جعل كفة التسليح تميل لصالح المتطرفين، لذا فأن استحصال تسعة ملايين دولار للتسليح ربما جاء في وقت اكثر من مناسب.

الامر الثالث والمهم؛ ان العراق فقد قوة قتالية كبيرة خلال تجاهله لدور العشائر في المناطق المتوترة، وعدم منحها دورا يسهم في زيادة زخم المعركة والضغط على العدو، لاسيما وان هذه العشائر تمتلك مقومات قوة في تلك المناطق، مثل معرفة طبيعة الارض وامكانية مسك المدن بعد تحريرها، وضمان الاسراع بعودة النازحين ،وتفادي الخروقات المباغتة.

 فالحبوري حصل على دعم لهذه العشائر ونجح في تهيئة عوامل ايجابية تجعل من هذه العشائر قوة قتالية منظمة ومدربة دون ان تزيد من تكاليف الحرب على كاهل الحكومة، فقد اتفق مع الولايات المتحدة على البدء بتطويع ابناء العشائر وتدريبهم للاسراع في تحرير المناطق واعادة العوائل النازحة.

ان مثل هذه الزيارة الايجابية التي حققت مصالح كبيرة في آن واحد ،لابد ان تكون هي المعيار في تعامل سياسيي العراق مع الدول الجارة والاقليمية والدولية، لان السياسة في مفهومها الحقيقي مبنية على جلب المصلحة، وان لم تحقق السياسة هذه الغاية، فانها فاشلة وغير مجدية وان سخرت لها كل وسائل الاعلام.

زيارة سليم الجبوري منحت بعض التفائل على مستوى علاقات العراق الايجابية والمثمرة بالمجتمع الدولي، خصوصا وان هذه العلاقات ظلت مظطربة خلال السنوات الماضية بفعل السياسات المتذبذبة التي انتهجتها الحكومات العراقية السابقة.