18 ديسمبر، 2024 10:48 م

سلميتكم أغاضت الطغمة الحاكمة بكل مستوياتها وبالخصوص بارونات الميليشيات بعد ان اختطفوا الدولة, فهي أخرجتهم عن طورهم, جنّنتهم بعد ان صارت اراقة الدماء كل عالمهم بل هوايتهم ومصدر رزقهم وتسلطهم.

فقد تعود افراد هذه الميليشيات على العنف وصور القتل والحرب, الذين لا يرون انفسهم بدونها, بعد الصراع الطائفي اعوام 2006 – 2008 وكذلك الحرب ضد الدواعش, لاسيما بعد ان ارتبط ذلك بسلطة لا متناهية حاكمة ومتحكمة وقدسية ملفقة, وموارد مادية وامتيازات متنامية ودعم سلطات دينية متنفذة مع تقدير شعبي للتضحيات الجسام لتحرير البلاد من رجس ” الدولة الاسلامية ” داعش.

لكنهم استفحلوا بعد تشكيلهم لأحزاب دينية تشارك في التحاصص الحكومي لتكريس الفساد, وتحولت هذه الميليشيات لغطاء الحماية المسلح لكل تلك السرقات لموارد الشعب اضافة الى انتهاك الكرامات والاعتداء على الحريات الخاصة والعامة بدعوى الالتزام الديني… وبعد ان اصبح قادتهم يجاهرون بالولاء لقادة ايران الاسلامية على حساب الوطنية العراقية…
هنا بدأ النفور الشعبي من هذه الممارسات واصحابها.

اصبح سلاحهم جزء من شخصيتهم وكيانهم ومقدارهم… بدونه لا يساوون شيئاً, فهو مصدر قوتهم الوحيد وحجتهم في كل نقاش صريح, ولم يعد يهمهم معنى امتلاكه في ظرف لا يحتاجه.

لذا فأنهم يرون في سلمية المنتفضين تجريداً لسلاحهم وتهديداً لكيانهم ومستقبلهم, خاصة بعد اسقاط صنيعتهم عادل عبد المهدي عن كرسي رئاسة الوزارة, لذلك يحاولون, بأقصى جهودهم, ان يستعيدوها بمحاولة جر المنتفضين الى رفع السلاح, بارتكابهم مجازر عديدة ضدهم مرة على ايدي مُدمجيهم في القوات المسلحة ومرات اخرى بشكل مباشر, وهو ما كان له مكان في مجزرتي الناصرية والنجف وفي مجزرة جسر السنك – الخلاّني الرهيبة.

وتشهد سوح التحرير على مدى الوطن, من جانب آخر, اشتراك مقاتلو المتطوعين الشعبيين في الحرب ضد داعش او ابنائهم في انتفاضة تشرين / اكتوبر الشعبية, ممن لم يُنصفوا وممن شاهدوا بأم اعينهم غياب عنصر العدالة والتقدير لتضحياتهم المتمثلة بمظاهر ثراء قادتهم الميليشياويين مقابل ضعف حالهم, كما يشهدون مدى ارتماء هؤلاء القادة في احضان القادة الايرانيين وخدمة مصالحهم على حساب مصالح شعبهم.

غالباً ما يصاب المقاتلون في الحروب بما يسمى نفسياً ب ” سندروم ( متلازمة ) الحرب ” والتي تتسم بعض اعراضها بالسلوكيات العنفية غير المبررة حتى بعد العودة الى الحياة الطبيعية العامة, وهكذا كان هناك ما يسمى ب ” سندروم حرب فيتنام ” لدى الجنود الامريكان العائدين بعد حرب فيتنام, و ” سندروم حرب الخليج ” الذي عانى منه الجنود الامريكان والبريطانيين وغيرهم.

لقد كانت مجزرة السنك – الخلاّني في ساديتها ومسلسل الاختطاف والاغتيالات المجنون للناشطين المدنيين تأكيداً جلياً على اصابتهم بمرض ” سندروم, متلازمة الحرب “, لذا فقد اصبح من اللازم والضروري والواجب تجريدهم من ادوات اجرامهم بحق المواطنين وادخالهم باسرع وقت الى مصحات التأهيل النفسي بعد محاكمتهم كل حسب جريمته.

بصبر غاندوي ( من المهاتما غاندي ) وبعزم مانديللي ( من نيلسون مانديلا ) تنتزعون انتصاراتكم… انتصاراتنا !