9 أبريل، 2024 2:30 م
Search
Close this search box.

سلمان الفارسي .. من الزرادشتية الى الأسلام

Facebook
Twitter
LinkedIn

سلمان الفارسي ، من صحابة محمد ، شخصية مضطربة وأشكالية بذات الوقت ، وذلك لما ربطت بها من مرويات وأحاديث وسرديات في الموروث الأسلامي ! هذا المقال ليس بحثا في سرد حياته ، بل هو مجرد أضاءة على علاقته الوثيقة بمحمد .

الموضوع : لا بد لنا ، أن نقدم ولو نبذة مختصرة عن سيرة هذه الشخصية ، وذلك من أجل تقديم قراءة حداثوية له ، فمن من موقع / المعرفة ، أنقل التالي وبأختصار ( سلمان الفارسي 568 – 654 م ، ولد في كازرون / فارس ، واسمه عندما كان ببلاد فارس ” روزبه ” أو ” ماهو ” ، وأصله من منطقة كازرون في إقليم شيراز في جنوب إيران. هو صحابي جليل دخل الإسلام بعد بحث وتقصي عن الحقيقة ، وكان أحد المميزين في بلاد فارس بلده الأصلي . دان بالمجوسية ولم يقتنع بها ، وترك بلده فارس بحثا عن الحقيقة فرحل إلى الشام وألتقى بالرهبان والقساوسة ولكن أفكارهم ودياناتهم لم تقنعه أو تشفي تعطشه للإيمان . واستمر متنقلا حتى وصل إلى الجزيرة العربية فالمدينة والتقى محمد بن عبد الله ، فأعلن إسلامه .. ) .

القراءة : أولا – أختلفت الروايات حول دين سلمان الفارسي في موطنه الأصلي / بلاد فارس ، فقد جاء لمقال لوليد فكري ، على موقع / منشور ، التالي ( اختلف الرواة حول ديانة سلمان قبل تركه بلاده ، فقال بعضهم إنها المزدكية ، وقال غيرهم إنهم كانوا يعبدون الخيل ، وأجمع الباقون أنه كان على دين أهل فارس ، أي المجوسية ، وهي تسمية خاطئة شائعة ، فالدين الغالب في فارس كان الزرادشتية . أما المجوسية ففرقة منشقة عنها ، يرجع اسمها إلى فئة من الكهنة اسمها « ماجي » ، اشتُقَّت من اسمهم كلمة «Magic» الإنجليزية ، أي السحر. الأرجح أنه كان على الزرادشتية . فالرواية تقول إنه كان من المتدينين ، حتى كان « قاطن النار » ، أي ذلك الذي يلازمها حتى لا تنطفئ ، وهو ما يشير إلى الزرادشتية ” النار في الزرادشتية مجرد عنصر مقدس كالماء والتراب والهواء ، وليست معبودة لذاتها بعكس الشائع ” . أما المزدكية فكانت قد انتهت منذ زمن ، وكانت دينًا « مغضوبًا عليه رسميًّا » ، وأما عبادة الخيل فلم نسمع بها في فارس . ) . * هذا الأمر يجب التوقف عنده قليلا ، فكيف لشخصية ك سلمان الفارسي ، لا يعرف معتقده الاصلي تحديدا ، فكلها تخمينات ، حيث تضاربت الروايات بين ( المزدكية ، عبادة الخيل ، المجوسية ، الزرادشتية ) ، ولكنه يرجح أنها الزرادشتية ! . وهذه التعددية في المعتقدات دليل و مؤشر على عدم التأكد واليقين من دين سلمان ، وممكن القول أيضا من شخصية سلمان نفسه / حيث يقول الباحث العراقي فالح مهدي أن شخصية سلمان ممكن أن تكون غير موجودة ، وهي مختلقة ! .

ثانيا – أما تحول سلمان الى المسيحية ، وذلك خلال سماعه لصلوات أحدى الكنائس ، ومن ثم خدمته لأسقافتهم وعلمائهم ، والروايات التي بنيت على هذه القصة ، أيضا هو أمرا مثير للجدل . فقد جاء في موقع / موضوع ، التالي ( لمّا دخل في النصرانيّة تنقّل في خدمة العديد من أساقفتهم وعُلمائهم ، وكان آخرهم عالمٌ من عُلماء عموريّة الروم في الشام ، فأوصاه عند موته بالذهاب إلى الحرم ، حيثُ سيُبعث فيها نبيّ ، وذكر له علاماتُ نُبوّته ، وهي أنّ بين كتفيه خاتم النبوة ، ويأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، وأوصاه بالبحث عن النبيّ الذي سيُبعث في أرض العرب ، ووصفها بأنّها أرضٌ بين حرتين ؛ بينهما نخل ، وأخبره أنّه سيُبعث بدين إبراهيم وهو الحنيفيّة ، وأنّه سيخرُج في أرض العرب .. ) . * خدمة سلمان لرجال المسيحية – من أساقفة وعلماء ، هي قصص على الأرجح مختلقة ، حيث لم تشير أيا من المصادر المسيحية لهذا الأمر ! ، كما لم تشير أيا من المصادر الأسلامية لأي أسم من أسماء الأساقفة أوالعلماء المسيحيين الذي كان سلمان في خدمتهم ، أما الحكاية المعتادة من أن هناك رسول سوف يظهر في بلاد العرب ، فهذه من أختلاقات وهلوسات الموروث الأسلامي المستهلكة ، وأما موضوع أن هذا الرسول ” يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ” ، فأقول أن هذا الرسول / محمد بن عبدالله ، قد سبى النساء وقتل الأسرى .. ، وهذا أمرا أكثر جللا من أكل الصدقة ! .

ثالثا – هناك تعظيم كبير وجلل لسلمان الفارسي ، في المعتقد الأسلامي / لدى الرسول بالتحديد ، فقد روي عن أبو هريرة : ( كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النبيِّ َ، فَأُنْزِلَتْ عليه سُورَةُ الجُمُعَةِ / آية 3 : { وَآخَرِينَ منهمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بهِمْ } قالَ : قُلتُ : مَن هُمْ يا رَسولَ اللَّهِ ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حتَّى سَأَلَ ثَلَاثًا ، وفينَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ ، وضَعَ رَسولُ اللَّهِ علَى سَلْمَانَ ، ثُمَّ قالَ : لو كانَ الإيمَانُ
عِنْدَ الثُّرَيَّا ، لَنَالَهُ رِجَالٌ – أوْ رَجُلٌ – مِن هَؤُلَاءِ ) . * والتساؤل ، هل أيمان سلمان أكبر قدرا من أيمان علي وأبو بكر وعمر ! علما هناك حديث بحق عمر يرفعه لمقام الأنبياء ” حديث رواه الإمام أحمد .. عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -قَالَ : سَمِعْتُ الرَسُولَ يَقُولُ: لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ” .
ومن موقع الكفيل ، أنقل التالي ، بصدد حب الرسول لسلمان ( أمرني ربي بحب أربعة من أصحابي ، وأخبرني ربي أنه يحبهم . فقيل : يا رسول الله من هم ، قال « عليٌّ ، والمقداد وسلمان وأبو ذر »« الجنة تشتاق إليك يا عليّ ، وإلى عمارٍ ، وسلمان والمقداد » ) . والتساؤل عن أي طريق أخبر الله محمدا أنه ” يحبهم ” !! . * ما هذا الحب الفائق لمحمد لهولاء الأربعة ! ، وأين حب الرسول لأبو بكر ، الذي نزلت آية بحقه ” إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا .. / 40 سورة التوبة ” ! .

رابعا – ليست المصادر السنية فقط تعظم من دور سلمان ، بل المصادر الشيعية أيضا ، حيث تبين هذه المصادر ، أنه أحد الأركان الأربعة : ( الأركان الأربعة تسمية يطلقها الشيعة على اربعة من الصحابة وهم : أبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، والمقداد بن عمرو ، وعمار بن ياسر،. فطبقا للمصادر الشيعية فان هؤلاء الاربعة كانوا أقرب الناس لعلي بن ابي طالب وكانوا ممن امتنع عن بيعة أبو بكر ولذلك يلقبون عندهم بالأركان الاربعة وهم من الصحابة العدول غير المجروحين عند الشيعة / نقل من ” كتاب الغدير – الشيخ الأميني – ج ٩ – الصفحة ٢٦” / الويكيبيديا ) . * يمكن أن يعزى هذا التعظيم لسلمان من قبل الشيعة لأسباب منها لموقفه الخلافي الدائم من عمر بن الخطاب ، ومن ذلك : (1) معارضته لبيعة السقيفة لأبوبكر ، والتي كان لعمر دورا مركزيا في تحقيقها ، علما ( كان هناك عددا آخر من الصحابة ، من أمثال عمار بن ياسر والمقداد بن عمرو وأبو ذر وسلمان الفارسي والبراء بن عازب .. ممن يتشيعون لعلي ، ويعتقدون بأحقيته في خلافة الرسول / من مقال ل د . محمد يسري – في موقع / منشور ) . (2) رفض زواج سلمان من أبنة عمر ( وحدث أن خطب سلمان ابنة عمر بن الخطاب ، ووعده عمر بها ، لكن عبدالله بن عمر غضب من هذا النسب ، وشكا الأمر إلى الداهية عمرو بن العاص ، فقال له عمرو : سأكفيكه . وبدهائه المعهود عندما التقى عمرو بسلمان بادره قائلا : هنيئا يا أبا عبدالله هذا أمير المؤمنين يتواضع لله عز وجل فى تزويجك ابنته ، فغضب سلمان ، وقال : لا والله لا تزوجت إليه أبدا./ من مقال لمحسن عبد العزيز منشور في موقع / الأهرام الألكتروني ) . (3) احتجاج سلمان على عمر في جواب كتاب كتبه إليه حين كان عامله على المداين بعد حذيفة بن اليمان ، وملخصه ( أما بعد : فإنه أتاني منك كتاب يا عمر ، تؤنبني وتعيرني ، وتذكر فيه : أنك بعثتني أميرا على أهل المدائن ، وأمرتني أن أقص أثر حذيفة واستقصي أيام أعماله وسيره ، ثم أعلمك قبيحها ، وقد نهاني الله عن ذلك يا عمر في محكم كتابه حيث قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ / سورة الحجرات:12 } وما كنت لأعصي الله في أثر حذيفة وأطيعك .. / نقل من موقع المرجة ) .

القراءة : * سلمان الفارسي ، شخصية مرتبكة ، غير سوية ، وغير مستقرة ، لكثرة تحولاتها المعتقدية ، ولتعدد تغيراتها الفكرية – من الزرادشتية الى المسيحية فالأسلام / علما أن دينه الأصلي في موطنه القديم بلاد فارس لا زال غير معلوم ! . وكل ما ذكر في جانب ، الجانب المهم ، بل الأهم هو هذه العلاقة الوثيقة / الغريبة والمريبة ، بين محمد رسول الأسلام وسلمان ! ، فكيف لرجل مجوسي زرادشتي يقول عنه محمد : سلمان منّا أهل البيت . ( وروي أن سلمان الفارسي دخل مجلس رسول الله ذات يوم ، فعظموه ، ، وصدروه ؛ اجلالاً لحقه ، واختصاصه فدخل البعض : فنظر إليه فقال : من هذا العجمي المتصدر فيما بين العرب ؟ فصعد رسول الله المنبر فخطب ، فقال : إن الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل للعربي على العجمي ، ولا للأحمر على الأسود إلاّ بالتقوى . سلمان بحر لا ينزف ، وكنز لا ينفد ، سلمان منّا أهل البيت .. ، وكان سلمان حينما يسأل عن نسبه يجيب بأنه ابن الإسلام . نقل من ويكي شيعة ) . أضافة لهذا تقول عائشة عنه أن الرسول يقضي معظم وقته مع سلمان ( وروينا عن عائشة ، قالت : كان لسلمان مجلس من رسول الله ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله ./ نقل من كتاب الإستيعاب في معرفة الأصحاب ، لمؤلفه: ابن عبد البر- موقع الموسوعة الشاملة ). * أني أرى وجود حلقة ضيقة بمحيط محمد المعرفي ، مهدت الأمر لمصدر للقرآن ، فسلمان الفارسي بخلفيته العقائدية الفسيفسائية ، الذي كان محمد يقضي ليله معه ! ، أضافة الى القس ورقة بن نوفل ، الذي فتر الوحي بموته ، فقد جاء في موقع / قصة الأسلام ( تقول عائشة في رواية البخاري: ” ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ” ) . أضافة للراهب بحيرى ، الذي كان يلتقي محمدا ، خلال رحلات عمه أبو طالب الى الشام ، والذي بني عليها الموروث الأسلامي الكثير من القصص الخيالية ، منها ( فلما كان الركب قريباً من الصومعة ، لفت انتباه الراهب بحيرى – وهو في صومعته – أن رسول الله قد أظلته غمامة من بين الركب ، ونزلوا في ظل شجرة قريباً منه ، فأظلت الغمامة الشجرة ، وتدلت أغصانها على رسول الله.. / نقل من موقع المعرفة ) . وكذلك كان هناك عبدان من أهل الكتاب يدعيان يسار و جبر ، كان محمد يجالسهما ( وفي تفسير ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وعبد بن حُميد عن عبد الله بن مسلم الحضرميّ ، قال : كان لنا عَبْدان أحدهما يقال له : يَسار ، والآخر يقال له : جبر ، وكانا صيقليين ، فكانا يقرآن كتابهما ، ويعملان عملهما ، وكان رسول الله يمُرُّ بهما ، فيسمع قراءتهما ، فقالوا : إنما يتعلم منهما .. / نقل من موقع صحابة الرسول ) . * خلاصة الموضوع : أن سلمان الفارسي وتعظيمه من قبل محمد كان له أسبابه ، وهي أبقائه قريبا منه ، لأعتباره قاعدة معرفية وتاريخية ، ومن ثم النهل من علومه ، وتوظيفها في نصوصه القرآنية .. ونفس الأمر بالنسبة للقس ورقة بن نوفل والراهب بحيرى ، وبشكل أو بأخر بالنسبة للعبدين ” يسار و جبر ” . فمحمد – لجهله المعرفي ، لا يفعل أمرا ألا وله منفعة فيه : فهوعليم بمغزى لمن يمدح ، تواق في نهل المعرفة من أهل العلم ، عارفا بمصلحة لمن يجالس .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب