هيبة الدولة والقانون أساس لأمان المجتمع والمواطنيين فعندما تكون هذه الهيبة مُحترمة من قبل الجميع تكون مفتاح أمان لجميع مكونات المجتمع ضد كل من يروم الإعتداء على حُرمات المجتمع وانتهاكها فيحتمي المواطن البسيط بالدولة أمام كل خارج عن القانون، ولكن عندما تُفقد هذه الهيبة ولاتُحترم وتُنتهك علناً فيحدث خلل كبير في توازن المجتمع ويصبح المواطن في حالة من عدم الاستقرار الذي يعتبر من أهم حقوقه الدستورية والذي يجب أن توفره له الدولة.
مايحدث في بلدي اليوم أمر مؤلم وخلل كبير فبغض النظر عن الحكومة وأدائها السياسي فأنا كمواطن عراقي سواء كنت مؤيداً أم معارضاً لها ما يهمني هو سلطة القانون في جميع مفاصل المجتمع والتي أحيا تحت ظلها بما يؤمن لي ولعائلتي حفظ الكرامة والحقوق الدستورية, لكن الذي يحدث على أرض الواقع أن سلطة القانون لاتحترم في بلدي والأمثلة كثيرة جداً والجميع يعرفها ولامجال لذكرها في هذه الأسطر القليلة, ولكن سأتطرق لبعض الأمثلة فقبل أشهر قليلة حدث شُبه إجماع عالمي على تخفيض اشتراك خدمة الأنترنيت الى نسبة 66% بهدف إتاحة استخدامه من قبل الجميع لضرورته في جميع مفاصل الحياة ولجعل هذه التقنيات التكنلوجية في يد جميع شرائح المجتمعات وخاصة ذوي الدخول المحدودة فتم تتطبيق هذا التخفيض في معظم بلدان العالم وبشكل شبه الزامي وقامت هيئة الاعلام والاتصالات في العراق باعتبارها أعلى سلطة مسؤولة عن تنظيم عمل الإعلام والاتصالات في البلد بإصدار قرار وتعليمات تُلزم فيها شركات ومكاتب خدمة الأنترنت بتخفيض نسب الاشتراكات الى نفس النسبة العالمية وكانت النتيجة عدم تنفيذ هذا القرار من قبل هذه الشركات والمكاتب وبحجج وذرائع واهية ولم تقم الهيئة بمتابعة تنفيذ هذه القرارات ولم تُحاسب أي جهة بالرغم من امتلاكها السلطة القانونية والرسمية للتطبيق فتم تسويف القرار وبقيت الأسعار كما هي عليه وكان الخاسر هو المواطن وأصبح القرار طي النسيان.
والمثال الآخر والذي يمس حياة المواطن العراقي بشكل مباشر هو عمل المولدات الأهلية والاستغلال الواضح الذي يمارسه أصحابها تجاه المواطن وخاصة في مايتعلق بأسعار التجهيز وساعاته, وكما هو معروف للجميع فإنّه تم تكليف مجالس المحافظات والمجالس البلدية بالإشراف على عمل المولدات الأهلية وتم تخصيص حصة شهرية مجانية من الوقود يُسلّم الى أصحاب هذه المولدات وتم تحديد أسعار التجهيز للأمبير الواحد وعدد ساعات التجهيز وتم تبليغ جميع أصحاب المولدات بذلك ولكن لم يتم الإلتزام بهذه التحديدات وبقيت أسعار التجهيز مرتفعة بالرغم من تحسن منظومة الكهرباء الوطنية وارتفاع ساعات التجهيز الحكومي والذي بلغ في أسابيع كثيرة 24 ساعة تجهيز في اليوم الواحد, واستمر أصحاب هذه المولدات بممارسة أنواع الاستغلال والجشع يومياً وفي جميع محافظات العراق تحت أنظار مجالس المحافظات والمجالس البلدية بلا محاسبة وبلا إجراءات رادعة والمواطن ضائع بين الدولة وتعليماتها التي يحتمي بها وبين عدم احترام أصحاب المولدات للقانون.
وهناك أمثلة وممارسات عديدة من حياتنا اليومية يتم فيها خرق قوانين الدولة وتسويفها يكون الخاسر الأكبر فيها هو المواطن البسيط .
فإلى متى تبقى الحكومة تُصدر القرارات وتتفرج كيف يتم تسويفها من قبل الخارجين عن القانون؟ والى متى يبقى المواطن يبحث عن هيبة الدولة وسلطة القانون الضائعة في زحام التناحرات السياسية والمصالح الشخصية للكتل المتنافسة والى متى يبقى يدفع ثمن أخطاء غيره؟
* رئيس تحرير مجلة نور الإقتصادية