23 ديسمبر، 2024 6:11 ص

سلطة التبعية والدمار والتخري

سلطة التبعية والدمار والتخري

لو فرضنا جدلا أن لدينا في العراق سلطة وطنية حريصة على العراق أرضا وشعبا. وجدلا نفترض أيضا أن مجاميع إرهابية مسلحة تسللت من خارج العراق بقدرة قادر واحتلت مدنا عراقية كالفلوجة والرمادي والموصل وديالى وتكريت وغيرها… ثم نفترض جدلا أن هذه السلطة (الوطنية) وجيشها العرمرم قامت بالاشتباك مع المسلحين والتصدي لهم والدفاع عن أرض العراق وحماية شعبه من (شرور) هؤلاء المسلحين والتعامل بشكل عسكري محض مع هذه الحالة بروح الاسلام ومبادئ الشرف العسكري وأخلاق الفروسية العربية الاصيلة. مع كل هذه الفرضيات سيكون ذلك أمر طبيعي وسلوك عربي عراقي إسلامي ووطني حقيقي لا شائبة عليه، فهذا هو ديدن الدول الحقيقية التي تحترم وطنها وشعبها وسيكون هذا التصرف مدعاة لان يقف الشعب بأكمله مع حكومته (الوطنية) وجيشه (الوطني) ويستنفر للدفاع عن أرض الوطن وحماية منجزات الدولة، وحينها لن تتمكن اية مجاميع مسلحة مهما بلغت سطوتها من تحقيق أي هدف بل إنها ستندحر وتتجرع كأس السم الذي سبق للعراقيين أن جرعوه لأعدائهم عندما حاولوا التجاوز على حدود العراق طيلة ثمان سنوات من حرب ضروس سخرت لها إيران كل قواها ومواردها ثم لم تحصل مقابل ذلك سوى تجرع كأس العلقم العراقي الأصيل.

 

ولندع هذه الفرضيات والأوهام ونأتي الى أرض الواقع المرير الذي انتجته سلطة اتباع ايران ومطاياها … فمنذ البداية لم تكن السلطة الحاكمة سوى زمرة من الاتباع المسيرين ايديولوجيا وواقعيا من قبل أسيادهم في قم وطهران ناهيك عن واشنطن و لندن و تل ابيب. فهم لم يكونوا سوى عملاء للأجنبي ينفذون مخططاته التقسيمية والتدميرية لهذا البلد تحت غطاء واه من ديمقراطية مزورة كسيحة وشاذة سلقت على عجل مع سبق اصرار وترصد غايتها تقسيم الشعب الى مكونات والوطن الى كانتونات. وبهذا الواقع انتفت صفة (الوطنية) ولم تعد تتناسب مع حقيقة هذه السلطة وتبعيتها المذلة.

 

 وكنتيجة منطقية فإن هذه السلطة لا يمكن لها أن تنتج عملية سياسية حقيقية أو جيشا وطنيا أصيلا أو دولة تحترم نفسها ويحترمها الآخرون. لهذا السبب كان جيشها بمستوى الحضيض الذي تأسست عليه سلطة اتباع الاحتلال وديمقراطيتهم الفضيحة. فلم يكن هذا الجيش المزعوم سوى ماخورا تجمعت فيه كل قوى الدعارة السياسية والمذهبية والطائفية لجهة واحدة تتمثل في أتباع إيران وجحوشها من مليشيات وضباط دمج وضباط فاشلين كفشل سياسييهم. فلم يتدرب هذا الجيش على اسس عسكرية بحتة ولم تغرس فيه مبادئ الشرف والكرامة الوطنية وأخلاق الفروسية لذلك لم يكن مؤهلا للدفاع عن أي جزء من أجزاء الوطن بل كان مخصصا لمداهمة منازل المواطنين العزل وإهانتهم بعبارات طائفية واعتقال الابرياء وانتهاك حرمات الناس وسلب ممتلكاتهم وابتزازهم، وهذه كانت و ما تزال سمته المميزة الفريدة وبطولاته الوحيدة. أما عند المواجهة … فقد رأينا هذا الجيش أما منهزما أو مستسلما أو عاجزا عن تحقيق أي هدف للسلطة التي تقوده. وبهذا الواقع أيضا انتفت صفة (الوطنية) عن هذا اللملوم المليشياوي الذي يسمى زورا وبهتانا بـ (الجيش) وقد ثبت ذلك بالدليل القاطع من خلال وقائع الأحداث.

 

 أما سلطة التبعية والانحطاط فقد ثبت مما تقدم أعلاه عدم وطنيتها بل أنها سلطة لا علاقة لها بهذا الوطن وشعبه انما هي سلطة فاسدة فاشلة لا يمكنها أن تكون أمينة على هذا البلد ولا ترغب في الحفاظ على أرواح شعبه وصيانة ممتلكاته. فكل ما أنجزته هو إفساد الوطن وسرقة ثرواته وتقسيم شعبه … وعندما ادعت هذه السلطة بأنها تتعرض لهجوم مجاميع ارهابية مسلحة لم يكن أمامها سوى فرار جيشها وقتل ابناء طائفتها بدعوى التطوع للجهاد الكفائي ثم تدمير البلد وتخريب كل البنى التحتية للمحافظات الخارجة عن سيطرتها وتهديم المنازل على رؤوس ساكنيها وقصف الجوامع والمدارس والجامعات والمستشفيات ومحطات الماء والكهرباء وغيرها من ممارسات الابادة الجماعية وقتل ابناء الشعب وتدمير كل ما بناه العراقيون بأموالهم وعرقهم ودمائهم. كل هذه الوحشية التي تمارسها سلطة الاتباع لهي دليل صارخ على عدم انتماء حثالاتها لهذا الوطن وعدم اهتمامهم بالحفاظ على منجزات الشعب العراقي بل رغبتهم العارمة في قتل أكبر عدد من ابناء الوطن الواحد وتدمير وتخريب كل منجزاته الوطنية التي بنيت خلال فترة ما قبل الاحتلال. ويبدو ذلك واضحا وجليا من خلال ردود أفعال هذه السلطة الخائبة ومليشياتها الاجرامية ومدى خسة وجبن هؤلاء فعندما يتقدم المسلحون يهرب اتباع السلطة ويقومون بالانتقام من الابرياء العزل بالقصف الوحشي بالطائرات والصواريخ والبراميل المتفجرة وأسلحة الدمار الشامل. حتى اضطر المواطنين للنزوح من مناطقهم ليصبحوا مهجرين في بلدهم بأعداد تجاوزت المليون نازح أهملتهم السلطة وما زالت تتجاهل معاناتهم لسبب واضح لكل ذي بصر وبصيرة وهو : أن هؤلاء النازحين المهجرين عراقيين، بينما اتباع سلطة الفشل والفساد لا يمتون للعراق وترابه بأية صلة.
فهذا هو الحق… وما بعد الحق إلا الضلال.