23 ديسمبر، 2024 10:52 ص

سلبيات متوارثة رغم التجديد

سلبيات متوارثة رغم التجديد

“من شب على شيء شاب عليه”
“طبيعة اللي بالبدن مايغيرها الا الچفن”
“ابو طبع مايغير طبعه”
    ماتقدم من أمثلة -ويوجد غيرها الكثير- يصور جانب الثبات على طبع من الأطباع وعدم الحياد عنه، وما أروعها من خصلة فيما لو كان الثبات على الإيجابيات، وبئسها من خصلة إذا كانت السلبيات هي محل الثبات. لو عدنا بالزمن قليلا الى الوراء، وتحديدا 21 كانون الأول عام 2010 حيث بدأ مجلس النواب دورته الثانية، التي تستحق لقب دورة السلبيات على أعلى المستويات بكل جدارة، وقد أكون واهما في ظني هذا، ولكي أكون منصفا علي الانتظار أربع سنوات آخريات فمن يعلم..! قد تخطف الدورة الحالية هذا اللقب بجدارة أكبر، ولاسيما أن (الكتاب ينقري من عنوانه). فالتلكؤات التي رافقت الدورة الحالية من (أول هدّه) تنذر بالشيء الكثير.
  المسؤولون اليوم في المجلس التشريعي لدولتنا يتناوبون مهامهم حسب مامرسوم لهم، وفق خطط مدروسة مسبقا، ومحبوكة ومنسوجة على أتم وجه، لكن ولسوء حظ العراقيين فإن التخطيط والحبك والنسج كلها تصب في مصلحة غير مصلحتهم، إذ يبدو أن فايروسا شديد العدوى، يصيب كل من تطأ قدماه بوابة مجلس نوابنا، فيسير -من حيث لايشعر- بالاتجاه المعاكس لمتطلبات الشعب. فهم يكررون المرة تلو المرة أخطاءً كان حريا بهم أن يتعظوا بها ممن سبقهم في مجلسهم كي لاتتكرر، والأمثلة على هذا كثيرة. وهناك لمن يتتبع اجتماعات مجلس النواب، قوانين لم تشهد أي تقدم في حل الخلاف عليها، رغم تبدل الشخوص التي تتبوأ الكراسي العاجية. فالبرلمان الحالي –أسوة بالسابقين- يشهد خلافات وعدم توافق على الكثير من القوانين الحيوية المهمة مثل؛ قانون الاحزاب وقانون النفط والغاز وقانون التقاعد الموحد، وإقرار قانون مجلس الاتحاد، وتعديل مقترح قانون الانتخابات، فضلا عن قانون العفو العام وغيرها من القوانين، وقد صاح القاصي والداني بملء شدقيه بدءًا من المرجعيات الى شيوخ ووجهاء البلد، ناهيك عن المواطن في دعواته الدائمة في وسائل الإعلام، فضلا عن صناديق الشكاوى.
   أما قانون الموازنة فهو المعضلة الكبرى في هذا البلد، بعد أن باتت كرته تتقاذف من ساحة إلى أخرى، على أيدي أعضاء المجلسين التشريعي والتنفيذي وأقدامهم، ولا يلوح في أفق الحلول غير السواد الحالك والظلام الدامس. وما إن يبدو بصيص أمل وتقارب في بعض الرؤى، إلا واستحدث بعض النواب سببا هو في حقيقة الأمر جاهز لمثل هذه الحالات، فبأوامر من أرباب الكتل والقوائم والأحزاب إلى نوابهم في البرلمان بمقاطعة الجلسات، او بالتغيب لسبب أو من دونه، تأتي النتائج كما مرسوم لها، فتؤجل الجلسة لعدم اكتمال النصاب، وترجأ الإقرارات والقراءات إلى إشعار آخر، وسواء أكان الإشعار مسمى أم غير مسمى! فالمواطن هو المنكوب والمتضرر في كلا الحالتين. ولحين تحديد موعد جديد لاستئناف الجلسات، تكون قرارات أخرى غير الموازنة قد استجدت على قائمة جدول أعمال المجلس، تأخذ دورها هي الأخرى بالتأجيل والإرجاء، ويميّع إقرار الموازنة الى أن “يقضي الله أمرا كان مفعولا”. وعود على بدء؛ “من شب على شيء شاب عليه”.
[email protected]