23 ديسمبر، 2024 12:27 م

سلبيات الفزعة الانتخابية

سلبيات الفزعة الانتخابية

ترتكز الانتخابات في أي بلد يعتمد مبادئ الديمقراطية المؤسسة على أسس صحيحة وبرامج انتخابية واقعية ينفذها المرشح بعد فوزه بالانتخابات، وتكون هذه البرامج الانتخابية هي المعيار الوطني والقانوني والاخلاقي بصعود كفة هذا المرشح او هذه الكتلة او تلك إضافة الى عناصر المهنية والكفاءة والنزاهة في شخص المرشح وكتله الانتخابية وبالتالي فان تفويز المرشح من قبل الناس يكون على ما جاء في برنامجه الانتخابي وسلوكه السياسي وكفاءته، وهذه احدى دعائم العملية الديمقراطية يكون التنافس على أساس البرامج وليس للمحددات أخرى، وتشير التقارير الى ان الانتخابات في الدول العربية ومنه العراق الذي الف الاستبداد والعشوائية السياسية بدأت تغيب البرامج وتصعد مؤشرات أخرى منها ما يتعلق بشراء الذمم بفعل المال السياسي المستشري بين الأحزاب والكتل السياسية او بفعل العنف والضغوط او استغلال المواقع التنفيذي والبرلمانية من قبل المرشحين او بفعل التركيز على عوامل التحشيد عبر استحضار الطائفة او الدين او الشخصيات السياسية او اللجوء الى أبناء العشيرة والعمومة او ما يمكن ان نسميه في هذا المقال بـ((الفزعة الانتخابية)) في إشارة الى النصرة او الحماية التي ينتدبها أبناء العشائر في نصرة بعضهم بعض في كثير من المناسبات بغض النظر عن معايير العدالة او الحق، اذ يرى مراقبون في شؤون الانتخابات ان البلدان العربية ذات النزعة العشائرية برز معها ما يمكن ان نسميه بشكلانية الديمقراطية.
ان البرامج الانتخابية لعديد من مرشحي الانتخابات البرلمانية يغيب عنها الاحتكام لخطط العمل والأفكار الجادة فيما يحاول المرشحون محاكاة الناخبون عبر التركيز على محددات النخوة العشائرية والفزعة..الخ، وقد تدخل الدائرة الواحدة حرب باردة بين العشائر ذاتها اذا ما كان هناك مرشحون من قبائل أخرى فيكون الفيصل فيما بينهم هو أبناء العشيرة وتشير التقارير الى ان الاصطفافات العشائرية باتت سمة أساسية في الانتخابات النيابية في العراق المزمع اجراها في العاشر من أكتوبر من هذا العام2021 حيث يحتكم المرشح وبعد ذلك الناخب للفزعة العشائرية فقط في عملية الانتخابات بغض النظر عن مؤهلاته وكفاءته وهو بكل تأكيد لا يخدم العملية الانتخابية وإفرازاتها في انتخاب مشرعين يصلحون واقع البلد ومشاكله الكثيرة بل ان ذلك سيزيد من الفوضى وعمليات الفساد وسوء استخدام السلطة بصيغ واشكال متخلفة وسينعكس سلبا على مبادئ الدمقراطية والتعددية السياسية القانونية، ومن عيوب تنفيذ القانون الانتخابي الجديد رقم 9 لسنة 2020 ان تقسيم مجلس المفوضين للمحافظة قسم المحافظة الى دوائر انتخابية بموجب القانون كأنما أراد ان يراعي الواقع العشائري عبر التركيز على ضم عدد المناطق العشائرية والريفية في دائرة واحدة حتى وان كانت متباعدة وهذا ما حصل في عدد من المحافظات العراقية مما يجعل من المنافسة داخل هذه الدائرة الانتخابية الواحدة ذات اللون الواحد مما ستكون نتائجها أيضا على ذات اللون
وهنا تكمن مشكلة الانتخابات بهكذا دوائر انتخابية متكونة من إشكاليات يشترك بها المرشح بالدرجة الأولى، ومن ثم الناخب، والى حد ما القانون الانتخابي خاصة وان بعض المرشحين سمح لهم مجلس المفوضين وهم من ليس من سكنة الدائرة الانتخابية بالترشيح، وكان يفترض ان يحدد القانون الانتخابي مدة سكن المرشح في الدائرة الانتخابية لمدة لا تقل عن خمسة سنوات حتى لا يكون هناك تنقلات مبنية على أساس المصالح والنزعات الدينية والطائفية والعصبوية العشائرية وللافت ان غاية العديد من المرشحين في تلك الدوائر وغيرها ليس التشريع بمعناه السياسي والقانوني والوطني والأخلاقي، وبناء الدولة، انما لأهداف التمكين والكسب الوجاهة الاجتماعية والسياسية والمصالح والمكاسب الاقتصادية وللتغول الحزبي، فمثلما هي الأنظمة البرلمانية الفيصل للإصلاح والتطوير هي السلطة التشريعية البرلمانية وفي ضوء هذه المشاكل فان ومثل قبل كل دورة انتخابية تقع المهمة الأساسية في وصول الأكفأ والأفضل والاصلح وانتخاب المرشحين على أساس البرامج الانتخابية الواقعية وليس لاعتبار ضيقة او لمنطلقات حزبوية او فزعوية، منا هنا يفضل للناخبين تحديد عملية اصلاح الواقع السياسي عبر الخطوات الاتية:
المشاركة في الانتخابات والتصويت على أساس المرشح الأكفأ. وان يكون الحكم في الانتخاب العقل والاعتبارات الوطنية وليس العاطفة ودغدغة المشاعر او الاعتبارات الضيقة.
الانتخاب على أساس البرامج وليس على أساس اعتبارات مصلحية او عصبوية او طائفية او عرقية محددة، وهذا ما اشارت اليه القوى الروحية في المجتمع العراقي من ضرورة انتخاب الاصلح من بين المرشحين لتكوين دولة قائمة على أساس المواطنة ومصلحة الدولة العليا.
أفضل معاقبة للمرشحين الفاسدين او الذين يستغلون الدين او الطائفة او العشيرة هو بانتخاب الأفضل والأكفأ بغض النظر عن كتلته الانتخابية او عشيرة او حزبه السياسي او منطقته السكنية وان يكون الانتخاب للأفضل من الدائرة الانتخابية الذي تتوفر فيه العدالة والنزاهة وان لا يكون اساء استخدام السلطة او اسرف على حساب المال العام.
ان استمرار العمل بشكلانية الديمقراطية عبر وصول اشخاص غير اكفاء من أحزاب او شخوص، وبعد ان دخلت الحزبية الى العديد من العشائر سيكون لتداخل الحزبية مع العشائرية ابعاد خطيرة على مجمل العملية الديمقراطية والسياسة والاقتصاد في البلد، وابعاد هذا الخطر مهمة تقع على عاتق عشائرنا الكريمة إضافة الى التكوينات الاجتماعية والسياسية والدينية في ضرورة الفرز السياسي وتكوين معايير وطنية في خطوات العملية الانتخابية من الترشيح والانتخاب وصولا الى التمثيل في مجلس النواب او حتى في الاشتراك بالتمثيل الوزاري باي حكومة عراقية اتحادية.