19 ديسمبر، 2024 1:01 ص

سلبيات العجبِ بالنفس …

سلبيات العجبِ بالنفس …

-1-
اذا كان أسلافنا قد ابتلوا (بقتادة) ت 117 هجرية، فاننا قد ابتُلينا بمن تخطاه وزاد عليه أيما زيادة …

واذا كان (قتادة) واحداً في إطلاق الادعاءات العريضة، فاننا أمام أرتال من رجال الزائف من الاقوال ..!!

وتسألنُي الآن وتقول :

مَنْ هو قتادة ؟

وماذا كان يقول ؟

فأقول :

(قتاده بن دعامة) السدوسي الأكمه ، من أهل البصرة …

وكان يقصدُهُ الطلاّب والباحثون حتى قيل :

لم يكن يمر به يومٌ الاّ وهو يتلقى راحلةً من بني أُمية تنيخ ببابِهِ لتسأله عن خبر أو نسب أو شعر …

وفيات الأعيان لابن خلكان /ج2/277

وقد دَخَلَ الكوفة يوماً فقال :

( سلوا عما شئتم )

فسألوه عن نملةِ سليمان أَذَكَرٌ هي أم أنثى ؟

فلم يكن يملك جواباً ..!!

انّه هنا يُريد التشبه بأمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (ع) الذي قال :

(سلوني قبل ان تفقدوني)

وسرعان مابان عجزُه وافتُضِحَ أمرُه ..!!

-2-

هل رأى نفسه محيطاً بكل أقطار العلم ؟

لا ،

لانه يعلم :

انّ العلم تُعطيهِ كُلَّكَ ولا يُعطيكَ الاّ بعضَه !!

هل أراد المكابرة لِيُقَدّم على سائر الزملاء والأقران ؟

كيف غاب عنه انّ المكابرة خُلُقٌ ذميم ومسلك وخيم .

هل اعتبر الناس جميعا لا يملكون من الفهم ما يحملهم على اختباره واكتشاف الحقيقة ؟

فهذه قراءة خاطئة ، وفيها من الاستهانة بأقدار الناس ما فيها .

ويغلب على الظن انّ الذي ساقه الى ذلك هو العُجْبُ بالنفس ، وهو من أكبر المهالك، ليس على الصعيد الروحي والاخلاقي فحسب، بل على الصعيد الانساني والاجتماعي والعلمي

وذكر الراغب في محاضراته ج1/ص40 :

” قال قتادة يومّا :

وما نسيتُ شيئا قطّ

ثم قال في اَثره

يا غلام ائتني بِنَعْلي ،

فقال له الغلام :

أليس نَعْلُكَ في رِجْلِكَ ؟!

وكان قد نَسِيَهُ “

ان (قتاده) ينسى ما هو أَمامَهُ فكيف لا ينسى ما غاب عنه ؟

-3-

ما الذي أحوج (قتادة) – وهو الرجل الذي تشدُّ له الرحال – الى اصطناع المبالغة والتهويل المساوق للكذب ؟

انها نفسه الأمّارة بالسوءَ …

والاّ فهم معدود من الكبار ، ومن ذوي المكانة المتميزة ، وكان له من الذائع ، والخبر الشائع ما يغنيه عن اجتراح تلك المزاعم ، التي أوردَتْه موارد الفضيحة وفي المحصلة النهائية فان السحر قد انقلب على الساحر وكان في تلك الجولة أكبر خاسر …

-4-

واخوانُ قتادة بالرضاعة كلّهم فاشلون

وما أكثَرَهُم في العراق الجديد …

وحتى الذين يعترفون بالفشل – والاعتراف سيد الأدلة عند القانونيين – لايجدون مَنْ يمكن أنْ يرقى اليهم في قدراتهم الاستثنائية ومواهبهم الفريدة ؟

أليس هذا أكبر مصاديق العُجب بالنفس ؟!

وليت السلبيات الناجمة عن هذا العُجب بقيت محصورة في إطارهم !!

انها امتدت لتشمل الشعب والوطن … وتغمرهما بطوفان من المشكلات والازمات .

[email protected]