-1-
اذا كان أسلافنا قد ابتلوا (بقتادة) ت 117 هجرية، فاننا قد ابتُلينا بمن تخطاه وزاد عليه أيما زيادة …
واذا كان (قتادة) واحداً في إطلاق الادعاءات العريضة، فاننا أمام أرتال من رجال الزائف من الاقوال ..!!
وتسألنُي الآن وتقول :
مَنْ هو قتادة ؟
وماذا كان يقول ؟
فأقول :
(قتاده بن دعامة) السدوسي الأكمه ، من أهل البصرة …
وكان يقصدُهُ الطلاّب والباحثون حتى قيل :
لم يكن يمر به يومٌ الاّ وهو يتلقى راحلةً من بني أُمية تنيخ ببابِهِ لتسأله عن خبر أو نسب أو شعر …
وفيات الأعيان لابن خلكان /ج2/277
وقد دَخَلَ الكوفة يوماً فقال :
( سلوا عما شئتم )
فسألوه عن نملةِ سليمان أَذَكَرٌ هي أم أنثى ؟
فلم يكن يملك جواباً ..!!
انّه هنا يُريد التشبه بأمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (ع) الذي قال :
(سلوني قبل ان تفقدوني)
وسرعان مابان عجزُه وافتُضِحَ أمرُه ..!!
-2-
هل رأى نفسه محيطاً بكل أقطار العلم ؟
لا ،
لانه يعلم :
انّ العلم تُعطيهِ كُلَّكَ ولا يُعطيكَ الاّ بعضَه !!
هل أراد المكابرة لِيُقَدّم على سائر الزملاء والأقران ؟
كيف غاب عنه انّ المكابرة خُلُقٌ ذميم ومسلك وخيم .
هل اعتبر الناس جميعا لا يملكون من الفهم ما يحملهم على اختباره واكتشاف الحقيقة ؟
فهذه قراءة خاطئة ، وفيها من الاستهانة بأقدار الناس ما فيها .
ويغلب على الظن انّ الذي ساقه الى ذلك هو العُجْبُ بالنفس ، وهو من أكبر المهالك، ليس على الصعيد الروحي والاخلاقي فحسب، بل على الصعيد الانساني والاجتماعي والعلمي
وذكر الراغب في محاضراته ج1/ص40 :
” قال قتادة يومّا :
وما نسيتُ شيئا قطّ
ثم قال في اَثره
يا غلام ائتني بِنَعْلي ،
فقال له الغلام :
أليس نَعْلُكَ في رِجْلِكَ ؟!
وكان قد نَسِيَهُ “
ان (قتاده) ينسى ما هو أَمامَهُ فكيف لا ينسى ما غاب عنه ؟
-3-
ما الذي أحوج (قتادة) – وهو الرجل الذي تشدُّ له الرحال – الى اصطناع المبالغة والتهويل المساوق للكذب ؟
انها نفسه الأمّارة بالسوءَ …
والاّ فهم معدود من الكبار ، ومن ذوي المكانة المتميزة ، وكان له من الذائع ، والخبر الشائع ما يغنيه عن اجتراح تلك المزاعم ، التي أوردَتْه موارد الفضيحة وفي المحصلة النهائية فان السحر قد انقلب على الساحر وكان في تلك الجولة أكبر خاسر …
-4-
واخوانُ قتادة بالرضاعة كلّهم فاشلون
وما أكثَرَهُم في العراق الجديد …
وحتى الذين يعترفون بالفشل – والاعتراف سيد الأدلة عند القانونيين – لايجدون مَنْ يمكن أنْ يرقى اليهم في قدراتهم الاستثنائية ومواهبهم الفريدة ؟
أليس هذا أكبر مصاديق العُجب بالنفس ؟!
وليت السلبيات الناجمة عن هذا العُجب بقيت محصورة في إطارهم !!
انها امتدت لتشمل الشعب والوطن … وتغمرهما بطوفان من المشكلات والازمات .