23 ديسمبر، 2024 6:00 م

سلبيات التواصل عبر التقنية

سلبيات التواصل عبر التقنية

لا شك ان ثورة الاتصالات الجوالة والمعلوماتية،احدثت تحسنا كبيرا في نوعية،وسرعة الاتصالات بين الناس.كما انها افرزت تغييرات في وسائل وأجهزة الاتصال لا تعد ولا تحصى.ولكنها مع ذلك احدثت تأثيرات سلبية كبيرة في حياة الناس لا يمكن تجاهلها،او غض النظر عنها، تحت وطأة الايجابيات التي افرزتها.فقد طال التغيير الذي احدثته تلك التقنيات،بمجرد وضعها للتداول والاستخدام الجماهيري العام،معظم أنماط السلوك الجماهيري،وطريقة التواصل بينهم في عالم أليوم.فالتقنية الحديثة بكل أشكالها،غيرت طرق تواصلنا مع الغير اجتماعيا،وذلك في مختلف الجوانب الاجتماعية،والتجارية،والإعلامية،إضافة لتأثير ذلك على المزاج العام،والسلوك الفردي.

 فمع إننا أصبحنا اليوم أكثر قربا من بعضنا البعض،حيث لاشك ان تقنيات الاتصال المتنقلة ساعدتنا على تخطي صعوبات الابتعاد عن الاهل والأصدقاء،ومكنت الناس من مشاركتهم تجاربهم بعضهم البعض،عبر اليات تبادل صورهم بتلك الوسائل،والدردشة بما اتاحته التقنية من قدرة وسرعة اتصال عابرة للقارات،إلا ان الكثير من البشر أصبح اليوم  يفضل التواصل عبر هذه ألتقنية، بدلا من التواصل المباشر وجها لوجه،وهو أمر ينطوي بلا شك على جانب من الخطورة،إذا ما نظرنا إليه من زاوية منعكساته الاجتماعية السلبية،وكيف يمكن أن تؤدي هذه الظاهرة بتراكم تداعياتها مع الزمن،إلى خلق جيل منعزل،غير قادر على التواصل الوجاهي المباشر،مع الاخرين،مما يضعف العلاقات الاجتماعية البينية،التي اعتدنا أن نمارسها في حياتنا اليومية،في أجواء إنسانية طبيعية،في المجالس،والدواوين،والمحافل العامة،بل وحتى على قارعة الطريق في كثير من الاحيان.

لذلك فان شبكات الانترنت،وما اتاحته المواقع الالكترونية،وأجهزة الهواتف الجوالة،من فوائد جمة في ثورة الاتصال،وهي وإن كانت نعمة ورفاهية تحسب لها في هذا العصر،الا انها في ذات الوقت وسائل ذات تأثير  اجتماعي سلبي،بما افزته من ظاهرة العزلة بين الجيل،والانغماس الشديد في الواقع الافتراضي،والتفاعل معه،كبديل للواقع الحقيقي،فبدأنا نفقد تدريجيا دفء العاطفة في المناسبات الاجتماعية،ونخسر التواصل الوجاهي المباشر فيها،والذي كان معززا بالمعانقة، والمصافحة، والقبلة،ليتم اكتفاءنا اليوم برسالة بريد الكتروني،او رسالة جوال نصية قصيرة،نصوغها بعبارات جامدة مقولبة بنص نمطي،يفتقر لروح المناسبة،لنرسلها بضغطة زر،لكل من هو مسجل في قائمة اتصالنا المخزونة في الحاسوب،او الهاتف النقال،دون تمييز لذائقة من نرسلها لهم.