أثير مؤخراً الحديث عن قانون (السلامة الوطنية) والذي تتبناه كتلة “دولة القانون” ورئيس الوزراء تحديداً, ولعله من الغريب أن يُرسل هذا القانون إلى مجلس النواب قبل إنتهاء دورته بأيام فقط!..يبدو إن في الأمر بعداً آخراً, أو هي “رفسة المحتضر”..!
إن السيد رئيس الوزراء بدأ يضيق ذرعاً من التراجع الحاد في رصيده الجماهيري, لدرجة أصبح من الصعب جداً وضع أسمه بين المنافسين لرئاسة الوزراء في الدورة المقبلة؛ لم يكن هذا التراجع نتيجة لترف في فكر المواطن, أو رغبة لتغيير الوجوه فقط؛ إنما هي حقيقة الموت الجماعي المرافق لولايتي السيد المالكي..بصرف النظر عن الملفات الأخرى, فالأمن هو الهاجس الأهم والأكثر حساسية؛ لذا صار من الضروري إيجاد المبررات للفشل الذريع الذي منيت به الحكومة في هذا المجال..!
وضع القانون في برلمان شارف على الرحيل؛ يمثل ورقة إنتخابية وإجابة غبية عن تساؤلات الشعب القابع في دهاليز القتل؛ فالسيد الرئيس يعلم بإن البرلمان لن يتعاطى مع هكذا قانون لجملة أسباب أهمها إنعدام الثقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, إضافة إلى الشكوك المثارة حول هذا القانون والقائلة بسعي السيد المالكي إلى إستخدامه كورقة للتصفيات السياسية وفرملة العملية الديمقراطية, سيما إن بعض فقراته مبهمة وتعطي حق إعلان حالة الطوارئ لرئيس الوزراء والتي هي من إختصاصات السلطة التشريعية حسب الدستور العراقي؛ أي تعطيل جزئي للدستور!
المساس بروح العملية السياسية والمتمثلة بالدستور, يعني إطلاق صلاحيات شخصية لجماعة بعينها, وإذا كنا تحت مظلة الدستور, ورغم فعاليته؛ نجد أبن السيد رئيس الوزراء يداهم ويعتقل دون أن يحمل أي صفة قانونية, ونجل السيد وزير النقل يمنع طائرة من الهبوط في مطار بغداد؛ فكيف بنا لو أُطلقت لهم السلطة؟!
السلطة التي تشوّهت بفعل إساءة إستخدامها؛ بحاجة إلى ترميم, فالكتلة الحكومية غير قادرة على تمرير هذا القانون في البرلمان, لعدم إمتلاكها العدد الكافي, ناهيك عن مقاطعتها للمجلس منذ أكثر من شهر. قانون السلامة, رسالة يراد توجيهها للمواطن العراقي, أو بصورة أدق للناخب العراقي مفادها: “إن التردي الأمني بسبب البرلمان”.. وكأن الحكومة منزوعة الصلاحيات؟!
من لم يستطع فرض الأمن طيلة عقد كامل, يستحيل عليه تحقيقه في قانون, ولن يحققه؛ فالأمن ليس حاجة تظهر في موسم الإنتخابات ثم تختفي يا دولة الرئيس..!