17 نوفمبر، 2024 10:32 م
Search
Close this search box.

سلامات استاذ .. تخيّل لو كان قبقاباً..

سلامات استاذ .. تخيّل لو كان قبقاباً..

للقبقاب تسمية أخرى غير وضيفة “الانتعال” والّتي يكون فيها القبقاب سيّد الموقف قديماً .. سيّد موقف أيّام زمان  أعني عندما كان القبقاب قبقاباً حقيقيّاً من “خشب جاوي” مو خشب فايبر مال هالوكت ..المهم .. فالقبقاب كان قديماً أضمن “وسيلة نقل” لعراقيّي العصور القديمة داخل الدار أو خارجه , خاصّةً عند الفيضانات والأمطار الغزيرة الّتي تغرق أزقّة وحارات بغداد قديماً فيحتاج العراقي للقبقاب كضرورة .. وطبعا يستحيل أن يصمد القبقاب أمام فيضانات اليوم حتّى لو كان القبقاب صنع من حديد خاصّة وأنّ أنابيب “التصريف” اليوم تبدو من أدائها المشين وكأنّها لازالت تعمل “منذ عهود البابليين” عندما كانت أنابيب الفخار هي أداة التوصيل والّتي امتدّت طريقتها في العهد العبّاسي أيضاً .. وعلى ضوء كلمة “مجاري” فإنّ مصطلح قبقاب يطلق أيضاً على “التواليت” أو ما نسمّيه ببيت الأدب أجلّلكم الله ! .. ومثل هذه التسمية أدركتها عندما كنت أسمع وأنا بعمر الصبا ما يردّده أحياناً الجدّ الأعلى لأقاربي يمزح بشِعرِه الشعبيّ البسيط عندما يتوجّه متّكأً بالثمانين على عصاه إلى حيث بيت الأدب قائلاً “لِحِيتك من هوى القبقاب قد رجفت” ..

كان من الممكن استاذ الجميلي , لا سامح الله , أن “يُنسَف” رأسه نسفاً وسط كافيتريا البرلمان فيما لو كان المقذوف قبقاباً أو “بوت” غالي الثمن “أنكلة بوتس” أو “سلمندر” مثلاً .. وعلى الأخصّ لو كان القبقاب “مُعاد” من الّذي لا زالت تحتفظ به بعض العوائل العراقيّة الثريّة الآن “والفكر” سابقاً .. وخاصّة العوائل البرلمانيّة على طريقة “الكبار” يحتفظون بغرفة مناسبة في قصر كلّ منهم كمتحف يحتوي على حاجياتهم القديمة ومنها قباقيب “زنّوبة” وأحذية “معونة الشتاء” أبو بوز الطوبة أو سرج عربة بيع النفط أو أحجار وليَف التدليك للحمّامات أو خزانات غلي الماء لتلبية طلبات الزبائن من “ستكانات” الشاي الخ بغرض عرضها على الزوّار أو استعراض قدراتها عند اللزوم في مناسبة “دفاع عن النفس” مثلاً ! ..

يشتهر العراقيّون دوناً عن كلّ شعوب العالم بظاهرة “الحذاء” .. و”عبد القادر الكيلاني” من أبرز من دخل قبقابه كأسطورة من أساطير الموروث الشعبي .. وقصّة حذاء “أبو القاسم الطمبوري” معروفة لشعوب العالم  ..  ومن أرض العراق انتشرت حكايات وقصص التندّر مادّتها الرئيسيّة أحذية ! .. ومنها قصص أطفال أيضاً ؛ منها ما اصطلح عليها “سندريلاّ” أو “رودويس” مثلاً وقصّتها مع “الأمير” في الأدب الأوربّي , انتشرت قديماّ عن التراث العراقي القديم ودخلت الأدب الأوروبّي بعكس ما ادّعاه البعض ومنهم المؤرّخ الإغريقي “سترابون” .. وياما سمعت قصّتها من جدّتي “الأمّيّة” بمسمّيات لأبطال لا علاقة لأسمائهم باسم سندريلا أو اسم أميرها …

ومن التراث العراقي .. من “أدبه الكوميدي الشعبي” المدوّن زمن الحصار هذه “الحكاية” من “الكوميديا السوداء” .. أنّ أحد العراقيين واسمه “كريم” , ولا أدري كيف انتخب “القاصّ” الشعبي هذا الاسم بالذات ؟ من الممكن كون الاسم متأتّي من “ترنيمة” .. “ألله كريم” ..

ابتاع كريم نعلاً مصنوعاً من مادّة بلاستيكيّة “مُعادة” .. أي مصنوع من نفايات مواد بلاستيكيّة … وبينما صاحبنا يمشي في الطريق وهو يرتدي نعله “الجديد” عائداً إلى بيته سمع منادياً ينادي باسمه وكأنّه يناديه من بعيد .. كريييييم .. كريييييم .. بينما يتلفّت صاحبنا يميناً ويساراً والى الخلف يريد معرفة مصدر الصوت دون جدوى رغم أنّ الطريق كان خالياً من المارّة .. واستمرّ الصوت يناديه بينما كريم يسير متلفّتاً محتاراً حتّى أنّه بدأ يلتفت إلى الأعلى أيضاً ! .. إلى أن .. وبالصدفة انتبه إلى أسفل قدميه علّه يعثر عن مصدر الصوت بين قدميه ! .. فكم تملّكته الدهشة وهو يرى “نعله” هو من كان يناديه ! .. وحين أيقن النعل أنّ كريم وهو في حالة ذهول لمّا عرف المصدر ؛ أخذ يخاطبه قائلاً ؛ لك كريم ما عرفتني آني منو ؟! .. لك آني “البريج” مالكم نسيتني !! ..

 السيّدة عالية نصيّف أكيد كان حذائها “أو مقذوفها” من النوع الحديث المتطوّر أيّ ربّما يوجّه بالريمونت كونترول .. أي من الأحذية “الذكيّة” على غرار “عرّابهم” صاحب الأسلحة الذكيّة .. كما و .. قد .. أتوقّع يعني .. أن يدخل اسمها “متحف الأحذية العراقي” أسوةً بحذاء السيّد منتظر الزيدي الأشهر عالميّاً بسبب فارق نوعيّة “الهدف” بالطبع رغم أنّ عالية نصيّف قذفت حذائها أيضاً داخل أقدس بناية حكوميّة “البرلمان” وأعضائه المنتخبون من أغنى أغنياء موظّفو العالم بما فيه أميركا .. وحذائها أصاب ألدّ أعداء الائتلاف الوطني السيّد الجميلي ولم يكن  يقف بجانبه من يذود عنه بيديه ! ..

 كثيرةً هي الأحذية الّتي تمّ قذفها خلال السنوات الأخيرة في العراق وفي غيره بعد أشهر عمليّة “إحراج” يتعرّض لها رئيس أقوى دولة في العالم على مدى التاريخ كاد الرئيس يروح ضحيّتها ويتفجّر رأسه لولا “الأقدار” وفي عقر دار ما أرادت هذه الدولة إثبات عظمتها فيه .. لكنّ حذائيّ نصيّف والزيدي هما من دخلا التاريخ خلال هذه الحقبة من تاريخ العراق  بجانب أشهر القباقيب والأحذية في العالم حيث يمتلك العراق وحده فقط هذه الأولويّة في الصدارة بدون منازع ومنه العالم يتعلّم .. ومنه انطلق المثل الوحيد الّّذي مادّته حذاء فاحتفظ بهذا التفرّد باعتباره يؤدّي الغرض بكفاءة عالية بين آداب التراث العالمي للأمثال : “قيّم الركّاع من ديرة عفج” ..

أحدث المقالات