8 أبريل، 2024 12:43 م
Search
Close this search box.

سلاطين … سلاطين … سلاطين

Facebook
Twitter
LinkedIn

في حقبة ما قبل الموبايل والستلايت وقبل اختراع المايوهات الزهرية والزونات الخضراء , وقبل ان تتطور حاسة الشم لدى الكلاب البوليسية , وقبل اختراع جهاز كشف الكذب وجهاز فحص السائل المنوي والتخصيب النووي وتعدد الجنسيات والولاءات بكثير , وابان حكم السلاطين الأولين  المتخمين بلحم الضان والمعبئين بعصائر الاعناب ومعتق التمور , اصدر احد السلاطين فرمانا دعا  فيه حكماء الامة لأمر هام , عاش السلطان عاش السلطان , ارى مناسبا وانا سلطانكم ان تستشعروا حجم جزعي واشمئزازي من صوتكم وهتافكم وطلباتكم , لقد تجنزرت اذني من سماعه فهو حبيسها منذ سنين , لذا اعلن ان عليكم استنطاق الحمار بلغتكم ليتسنى لي سماع صوته وهو ينطق مفرداتها ويتكلم ويتغنى بها , ومن يفشل في استنطاقه سارفع رأسه عن جسده , فرمان معلن امام اسماع وانظار الهيومن ووتش , سياسة سلطانية صريحة لا تحتاج الى كواتم او بلوكات الايمو او ملثمون , وغير ذي حاجة لتصويت البرلمانيين , آليات سلطامقراطية بلا رتوش او تخفي  , تحكمها اربع مقومات , سيف ورقبة وحمار وسلطان , لم يقتنع  الحكماء السلطانيون بقدرات الحمار التطورية وامكانية تعلمه لغة السلاطين , تنصل الجميع عن المهمة الا واحدا من حكماء عصر السلطنة , وافق ان يغرس ثقته بالحمار ويضع مستقبل رقبته مرهونة بلسان بطل الاحمال  , اتفق حكيم النطق مع سلطان السمع على صفقة , بالتأكيد ليست كصفقة جهاز كشف المتفجرات أو صفقة الدبابات الاوكرانية , أو صفقة انتخابات نقابة الصحفيين , وعلى الرغم من ارتفاع سقف المطالب لحكيم النطق , الا ان السلطان استجاب تحت ضغط ولعه بصوت الحمار وهو يتكلم ولو بعد حين , اكتمل العقد وقرأت بنوده كفرمان سلطاني , اتفق المستنطق والطامع بالسمع , أن يمنح حكيم النطق بيتا على ضفاف النهر , ليس بالضرورة ان يكون جواره جسر أم لا , معلق أم لا , المهم ان يتدلى منه الجوز واللوز والاعناب والتمور والخمور والليمون والبخور , وبغل غير مظلل يمتطي ظهره صباح مساء , وكلاب سوداء للحراسة , وبعض الطبالين للوناسة , واربع سنوات للتدريب عسى ان يتكلم بعدها حمار السلطان , او تقطع دونها رقبة حكيم النطق , وماهي الا بعض شهور , من التخمة واكل اللحمة والتبختر بوافر النعمة , زار بعض حكماء الأمة  منزل حكيم النطق فلم يجد احدهم غير حمار معزول بلا حرف للجر ولا اسم مجرور , وحكيم ملتهم متكرش بالمتعة مسحور , فبادره احدهم لن ينطق حمارك يا صديقي , والاربع ستمضي ورأسك عن جسدك سيهوي , فأجابه مابالك صاحبي ما شأني بالاربعة أو مابعدها , فعسى قبلها يموت السلطان او يموت الحمار او اموت انا تحت أفياء الأشجار او نموت جميعا , فدعني اغرف من نهر اشكال الاعناب وامزمز بالجوز واتشهى باللوز , ولينطق من ينطق بعدها ام لا .

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب