23 ديسمبر، 2024 3:55 ص

يقال أنّ رجلاَ توفيّت زوجته (أم حسن)، وأسباب الوفاة غير معروفة لكثرتها  في بلدي العراق!، فهناك الأمراض الخبيثة أعاذنا الله وإيّاكم منها ، والأوبئة ، والسكّريّ ، وإنسداد الشرايين، وضغط الدّم ، والسكتة بنوعيها القلبية والدماغية ، وفقر الدّم وخاصّة عند ساكني العشوائيات، ومحدودي الدخل ، وأيضاَ القهر ، والحرمان ، صنّفت على أنّها من الأمراض المستوطنة والمعدية ، لهذا فإنّ أبو حسن تألّم كثيراَ ، ولم ينقطع بكاءوه ونحيبه على أم حسن الإمراءة الوفية، والمخلصة ، ولأنّ أم حسن إمراءة عراقية كغيرها من نساء العراق ، تزوّجت في سنّ مبكرة جدّاَ ، وماتت في سنّ الأربعين وهو معدّل مرعب في سنّ الوفيات في العالم ….
وما بين تلك السنين عاشت أم حسن في فاقة، وحروب، كدّ وعمل مضني من كنس، وطبخ، وغسل، وتنظيف ووووو…الخ.
وكما هي حال نسوة العراق لم يفارقها لبس السواد ، منذ حرب الثمانينات حتى وفاتها،فمرّة يقتل أخوها في حرب عبثية سنة 1985، ومرّة يعدم إبن عمّها سنة 1987 ،وأخرى تفقد إبن خالها في سنة 1991 ،ومرّة تموت وليدتها الوحيدة في حصار التسعينات ….
على كل حال نعود إلى أبو حسن وبكاءوه المستمر والسرمديّ على أم حسن!. في يوم من الأيّام دخلت عليه إحدى جاراته تواسيه وتطيّب خاطره ، فقالت له : يكفي بكاءاً … لقد آلمتنا بكثرة بكاءك ،فنحن جاراتك كأخواتك فقل لنا ما تريد؟
فقال وهوينشج ويسحّ الدموع الثقال من يطبخ طعامي؟ فقالت جارته: نحن نطبخ لك ، فقال من يغسل ثيابي؟ فقالت جارته: نحن نغسل ثيابك، فقال : من ينظّف(الحوش) البيت ؟ فقالت نحن ننظّف الحوش ، فقال: من ينام معي على سريري ؟! فسكتت الجاره ووجمت !! ومرّت ثواني والوجوم يلفّ المكان ، فقال أبو حسن : وهو ينشج وقد حوّل كلماته إلى موال يتقن طوره كان يردده عندما يكون عاطلاً عن العمل … سكتــــــــــــــــه يم حسن سكته؟؟!!!.
لقد كانت هناك أصوات عالية ، وألسنة حادة ، تلعلع هنا وهناك تتبع ذاك الحزب، أو هذا التيار، أو تلك القائمة ، وعبر هذا الفضائية ،وتلك القناة، وهي تمسك الوثائق، والمستمسكات، حتى الدلالات، والرفيقات السابقات، وبنات شهداء القادسيّة، أصبحن مدافعات عن حقوق الشعب، ومحاربة الفاسدين وتدّعي فضح السرّاق، والمرتشين، وتخدم الشعب بكشف الفساد، وفضح الحيتان؟؟!!.
تساندها زعاماتها بين حين وآخر، بتصريحات أقلّ ما يقال عنها بأنّها ساذجة ، ومتناقضة ، ونفاقيّة ، ومربكة .
لكن عندما صوّت أعضاء من هذا الحزب،أو ذاك التيار ، أو هذه القائمة على تمرير امتيازات النوّاب، والرئاسات الثلاث، والدرجات الخاصّة سكتت تلك الزعامات ؟؟!! وكأنّ على رأسها الطير ، ولم يفصل هذا النائب ولاذاك؟ّ!
بينما سابقاً يتمّ فصل أي تابع لهذا الحزب أو التيار أو القائمة من نائب أو وزير، أو التهديد بمعاقبته ولسبب تافه ؟ من قبيل عدم الألتزام بالخط الفلاني، وتعليمات بيت فلان، أو علاّن، والخروج على ثوابت الحركة، أو عدم إخلاصه لشخص تلاّن ؟!
أقول أنّه لمن المريب والباعث على الشكّ أن تسكت تلك الزعامات على تصويت أعضاء من تابعيهم على إمتيازات النوّاب والرئاسات الثلاث، والدرجات الخاصّة، إلاّ إذا كان هناك دفع من قبل تلك الزعامات للتصويت على الأمتيازات حتى تعمّر تلك الجيوب من المال السحت الحرام، وتكثر الأموال لتمويل الانتخابات، وشراء الذمم، وتمويل مشاريعهم الخاصّة في دول الجوار؟؟!!! والبقاء في السلطة لأقصى فترة ممكنة . وإلاّ من أين تأتي هذه الأموال الخرافيّة الفلكية لتمويل أحزابهم وتيّاراتهم ؟ يا شعب العراق إنّ أموالكم، وثرواتكم، وخيراتكم، أصبحت بيد هذه الثلة التي إنعدم ضميرها، وباعت وجدانها، وثوابتها وقامت بنهبكم؟ّ!.
فلا تنتظروا من حاميها حراميها أن يعيد إليكم حقوقكم ، بل أنّ ثقتكم بإنفسكم، وهمّتكم، وإعتمادكم على أنفسكم، هي من تعيد إليكم أموالكم،وخيراتكم،وثرواتكم!
لك الله يا عراق، وأنت تسرق وتنهب وتباع من قبل من انتخبهم ابناءك ، لك الله يا عراق وأنت يتاجر بك من قبل سياسيّ الصدفة ومتسلقيّ الأكتاف؟! لك الله ياعراق وأنت تذبح وتنحر بإسم المذهب مرةً وبإسم الوطنية مرّة أخرى .
لقد سكت هؤلاء الزعماء عن الحقّ ، والساكت عن الحقّ شيطانٌ أخرس ، ومن واجب الشعب العراقي أن يرجم هذه الشياطين ، ويطردها ويبعدها! لقد سكتت تلك الزعامات الكرتونيّة كسكوت جارة أبو حسن . نبتهل إلى الله أن يسكتكم ويخرس ألسنتكم إلى الأبد حتى يرى الشعب نفسه مرّة أخرى وبدونكم …
وللحديث صلة….
[email protected]