18 ديسمبر، 2024 6:22 م

جزر الكناري وطير الكناري ثنائية حلم رحلات الخيال أما في ناقة أبن بطوطة أو بسفينة كولمبس أو بمشحوف ( مْعيبد ) أسرع معدان هذا العالم من يدفع مشحوفه بواسطة المردي الى أقصى ما في الهور من مدى وماء  ، أو بواسطة الكونكورد الطائرة الفرنسية ــ البريطانية التي اشتهرت في سبعينات القرن الماضي وتقاعدت عن العمل الآن وصار من بعض اجمل احلام معلمينا وأنا منهم ركوبها والسفر معها الى جزر الكناري.

ثنائية المكان والطير تكمن في محاولة معلم من هواة تربية الطيور اقناع مدير المدرسة بجلب قفص لطيور الكناري التي يهوى تربيتها حد الجنون ، لكن المدير أصر على أخذ موافقة مديرية التربية وحتما سترفض لهذا وجدنا حلا يقنع المدير بأن يكون القفص والطيور من بعض وسائل الايضاح التي نستخدمها في درس العلوم حين يكون هناك درسا عن الطيور ، ولأن تلاميذ مدارس الاهوار لم يألفوا هكذا نوع من الطيور شدهم جمالها ولونها ونظراتها المغرية ، فكان من بعض متعهم الجديدة في هذه الحياة ان يتمتعوا بمشاهده هذه الطيور الجميلة التي يقال انها قادمة من جزر الكناري ذلك المكان الذي كتب الفلاسفة اليونانيين هيرودوت و أفلاطون و بلوتارخ عن جنينة هيسبيريديس ، الأرض الخصبة التي فيها رائحة الزهور والفواكه وتقع في جزء من المحيط الأطلنطي.

كانت هذه الطيور تحتاج الى وعناية خاصة وغذاء خاص اغلبه من الفواكه ، وربما بيئة الأهوار لا تناسبها في بعض امزجة المناخ والبيئة  ،لكن يبدو أن بيئة الجزر الاطلسية التي اتت منها فيها مشابهات كثيرة مع بيئتنا لتعيش وتتكيف معنا ترسم لصباحنا بهجة اللون والنظرة الساحرة التي ترمقنا فيها الطيور لأننا في الامس جلبنا لها المشمش لتتمتع به وتعيد اندماجها مع المكان وتتطبع على نظرات الاعجاب والحب التي سكنت عيون التلاميذ لأجلها..

صباحات قفص الكناري ذهبت ، لكن محطات السفر يمكن ان تستعيدها ، وها أنا الآن في الطائرة ذاهبا الى الجزر التي أتت منها تلك الطيور الى قريتنا وسكنت قفصا ملونا جعلناه وسيلة ايضاح كي يقتنع المدير بوجوده.

لم تكن تلك المسافة بين مطار أبن بطوطة في طنجة و( سانتا كروث ) عاصمة جزر الكناري بعيدة ، لأصل الى مكان ربما انا الوحيد من الحالمين بالوصول اليه من معلمي مدرستنا يطأ أرضه الآن.

تقابلكَ نسائم البحر الاغريقي ، تختلط بنسائم صباحات الاهوار والمشترك بينهما هذا الطائر الذي يفاجئنا هنا انه حرا في حدائق الفندق حيث خيال صورة الجنائن تملأ رؤيا العين لتصل الى قناعة أن على الارض اكثر من صورة مختلفة للجنة.

جنة الاهوار وجنة جزر الكناري ، رابطهما تلك البهجة في عيون تلاميذ مدرستنا ، ونظرات الدفء الحزينة في وجه الطائر الذي وضعناه في قفص.

ذلك القفص الذي يسجن براءة طيور تُجلب من شمال العالم الى جنوبه لمجرد أن ترضي شغف وحب أحدهم بالطيور ، ولكنها ايضا طيور مهاجرة ، فرقها عن السنونو أنها تأتي بأقفاص بيع تجاري وبأوراق رسمية فيما السنونو يعبر المسافات كلها ويجيء الينا بدون اوراق وجواز سفر من أوربا الى الاهوار,,,,,,!