الدولة الإسلامية , الشريعة الإسلامية , الإسلام هو الحل , شعارات لطالما سمعناها ورددتها الأحزاب الإسلامية التي تسعى لبناء الدولة الإسلامية , وفكرة هذه الدولة قائمة على أساس أنّ الإسلام هو دين ودولة , وأنّ الإسلام الدين والإسلام الدولة هما وجهان لعملة واحدة , والشريعة الإسلامية المتمثلة بالقرآن والسنّة النبوية هما دستور هذه الدولة , وهذا الدستور صالح لكل زمان ومكان , وأحكامه صالحة لبناء الدولة العصرية الحديثة .
لكنّ جميع من نظرّ لهذه الدولة لم يبين أي إسلام يصلح لبناء هذه الدولة ؟ فهل هو الإسلام السنّي أم الإسلام الشيعي ؟ وأين هي هذه الشريعة المتفق عليها بين المذاهب الإسلامية والتي تصلح لبناء الدولة العصرية الحديثة ؟ , فحتى القرآن الذي يجمع على صحته جميع المسلمين في العالم , قد اختلفوا في تأويل نصوصه وآياته , ناهيك عن الاختلافات الكبيرة في السنّة النبوية , فسنّة الرسول محمد ( ص ) عند أهل السنّة , ليست نفسها عند أهل الشيعة .
فمفهوم الإسلام الدولة قد سقط سقوطا ذريعا عند التطبيق , والأحزاب الإسلامية التي وصلت إلى هرم السلطة في بعض البلاد الإسلامية لم تستطع أن تترجم الشريعة الإسلامية إلى خطط وبرامج عمل للسياسة والاقتصاد والإدارة , وأغتقد جازما أنّ سقوط تجربة الأخوان المسلمين في مصر بهذا الشكل التراجيدي , قد فتح الابواب على مصراعيها للوقوف على حقيقة الشعارات التي ترفعها الأحزاب الإسلامية من أجل الوصول للسلطة , وبكل تأكيد أنّ سقوط الأخوان في مصر سيدفع كل الشعوب التي تحكمها هذه الأحزاب لإعادة موقفها من أحزاب الإسلام السياسي في كل البلاد الإسلامية .
فأحزاب الإسلام السياسي التي تبنّت مفهوم الإسلام دين ودولة والتي رفعت شعارات الحداثة والتنوير , لم تقدم إلى مجتماعاتها سوى الخرافة والأوهام والجهل , فقبل مصر كانت طالبان في افغانستان , حيث الجميع يتذكر هذه التجربة وما قدّمته للإنسانية من تراجع على المستويين الفكري والإنساني , وها هي الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق تقدم اسوء نموذج للإدارة في تأريخ العراق الحديث , وها هو الشعب العراقي السبّاق في حركة الحداثة والتنوير في البلاد العربية والإسلامية , يتحوّل إلى شعب غارق في الخرافة والجهل .
فالحداثة في فكر أحزاب الإسلام السياسي هي أوهام وجهل وخرافة , وقوانين السياسة والاقتصاد الحديث لا تتماشى مع فكر متخلف يريد العودة بالمجتمعات إلى عصور ما قبل الثورة الصناعية والعلمية والتكنولوجية .
( يتبع )