في العراق تستهوي الناس ظاهرة التسقيط السياسي المتداخل مع ظواهر تسقيط اخرى في الجانب الأخلاقي والمهني. هناك من يقوم بفعل مابوسعه لإدارة ملفات صعبة تتعلق بالإنتخابات وأخرى مرتبطة بالتسويق لزعماء سياسيين ودينيين ورجال قبائل وتجار وناشطين مدنيين وتتسع الفجوة بين المتنافسين يوما بعد آخر وتزداد حدة الخلافات والأحقاد ويتحول المتنافسون الى محاربين أشداء هدفهم القضاء على الخصوم والتنكيل بهم وسحقهم وعدم السماح لهم بإلتقاط الأنفاس لكي لايعودوا قادرين على التأثير في المجتمع ويكسبوا المزيد من المناصرين.
تتنوع أساليب التسقيط من التشهير بالآخرين وإظهار عيوبهم والتنكيل بهم والإفتراء عليهم وتسليط الضوء على السلبيات التي تشوب أدائهم وربما نشر وثائق سرية الى شراء ذمم مقربين منهم وكتابة ونشر المقالات والصور التي تظهرهم بمظهر بشع عند العامة من الناس.. وآخر ماتفتقت عنه ذهنية المسقطين قيامهم بسرقة ملفات خاصة ونشرها كالمحادثات الشخصية والصور ومقاطع الفديو. ولفت إنتباهي في موضوع الفديوات أنها تستهدف الناس بطرق مختلفة. فالناس العاديون ليس لديهم الوقت ليفحصوا تلك المنشورات وقد يصدقونها على الفور.
تتلخص عملية التسقيط الفديوي بنشر مقاطع خاصة قد تكون حقيقية سرقت من هاتف، أو وصلت بطريقة ما الى الناشر. أو بنشر مقاطع لاشخاص لايعرفهم كثر من الناس على إنهم الموجودون في الفديو وفي الحقيقة فهم غير موجودين ولكن يمكن القول، إن هذا الشخص يقوم بأعمال مخلة فيصدق الناس خاصة إذا أرفق الفديو بإسم سياسي، أو سياسية فيقال: إن الشخص الموجود هو فلان المشهور فيشيع القول بفساده، ولكنه ليس هو.
إحدى المرشحات للإنتخابات العراقية رأت إن أحد الفديوات ينتشر كالنار في الهشيم وكتب عليه: إنه لفلانة لكن فلانة لاتجد نفسها فيه بل هو لغيرها ولكن ليس كل الناس يستطيعون التمييز بينها والشابة التي في الفديو فتذهب سمعتها ولاتستطيع ان تتحرر من المشكلة.
التسقيط في العراق يأخذ مديات واسعة، لكن اللافت إن الناس صارت تفهم اللعبة وهي على علم كامل بتلك السخرية العالية فلم تعد تبال بشيء لأن الرد سيكون جاهزا من الضحية المفترض أنها مستهدفة، ولم يعد الناس يهتمون لفرط مايبث من فديوات، ومايكتب من مقالات في هذا الشأن، ولأن التسقيط هواية الجميع فلاقيمة له.. وأغلب الساقطين ناجحون.