فيما العالم مشغول هذه الايام بمظاهرات مصر المليونية المعارِضة لحكم الاخوان في هذا البلد والتي تقترب من اسقاط حكم الرئيس محمد مرسي وجماعته , فيما العالم مشغول بهذه المظاهرات, يختفي عن الاعلام, خيط اللعبة السري الخفي الخطير الذي يربط ما بين احداث المنطقة مجتمعة , ويهدف الى تحجيم دور حركة حماس واقصائها في غزة وفلسطين خاصة والمنطقة العربية والاقليمية عامة . كان خيط اللعبة يمر بسوريا وينتهي بمصر, وله هدفان الاول محاصرة واماتة المقاومة اللبناية ضد اسرائيل والمتمثلة بحزب الله , والهدف الثاني محاصرة حماس وتحجيمها والغاء دورها ” العسكري” اي المقاومة المسلحة . وكان المخطط يقتضي بان يتم القضاء على المقاومة اللبنانية اولا, وبمساعدة حماس وحلفاء حماس ” جماعة الاخوان المسلمين” في البلدان العربية عامة والبلدان التي يحكمها الاخون خاصة , لم ينجح هذا المشروع – اي اسقاط المقاومة اللبنانية – او لنقل تأخر كثيرا بسبب قوة الدولة السورية وصمود مؤسساتها وجيشها ودعم حلفائها الاقليميين والدوليين لها, وقدرة الشعب السوري على فهم اللعبة سريعا وحنكة وحُسِن تدبير حزب الله . ولكن, بالمقابل نجح المخطط بفك ارتباط حماس مع داعميها ومموليها وحلفائها الستراتيجيين اي عزلها عن محور المقاومة او الممانعة المتمثل بمحور (حزب الله , سوريا , ايران ) وكان ذلك بان مكّن الامريكان اصدقاءهم الاخوان المسلمين في مصر من حكم هذا البلد, وحرّض الامريكان ايضا الاخوانَ على مغازلة حماس بمسبحة الجماعة الاسلامية التي تشكل حماس والاخوان بعض خرزها, وجرى ذلك بمساعدة امير قطر السابق ” حمد” , وسرعان ما تخلت حماس عن دمشق وطهران وجنوب لبنان – حلفاء الامس – تحت تأثير هذا الغزل الاخواني وارتمت في احضان اخوان مصر, وامتداداتهم في تونس وليبيا وربما سوريا لاحقا, وتخيلت حماس ان هؤلاء الاخوان سيحكمون مصر طويلا وسيقفون مع المقاومة الفلسطينية ويدعمونها بكل شيء , وسيكونون عمق المقاومة الديمغرافي والجغرافي والعسكري والعقائدي . نجح هذا الشق من المخطط وانتقل مقر حماس وخالد مشعل من دمشق الى قطر الممولة ومصر شريكة العقيدة الدينية . وتحقق لاسرائيل ما ارادته من امريكا بان عزلت حماس تماما عن مصادر التمويل العسكري والمالي الدائمة والمستدامة . وعند انتقال حماس الى احضان اخوان مصر وتذوقهم طعم المال القطري جرى خلع انياب ومخالب حماس , وتحولها من اسد شرس الى ثعلب يحاول تعلم المكر ليساعده في الصراع من اجل البقاء , ولم تكتفِ اسرائيل وامريكا بهذه الحال التي امست عليها حماس , فللعبة بقية وللمخطط هدف ابعد . ففي مصر صارت حماس عدوة الجيش المصري وهي الجماعة الارهابية التي قتلت وتقتل افراده, وبالتالي اصبحت حماس عدوة الشعب المصري . لم ينجح اخوان مصر من دحظ هذه الاتهامات عن حماس وتغيير صورتها الجديدة , رغم كل جهودهم التي بذلوها . واخيرا اصابت حماس نفسها بمقتل واصبحت – بسبب سوء تقديرها – في موقع خطير ما بين عداء المصريين وعداء الاسرائيليين لها . وبكل الحسابات السترايجية والتكتيكية فان حماس سقطت في الفخ وانتهى امرها . ولكن, سيكون مصيرها اكثر قسوة اذا ما سقط حكم الاخوان في مصر , لانها ستدفع ثمن موقفها الداعم للاخوان ضد غالبة الشعب المصري , ولن تجد ذلك الدعم التي كانت تتلقاه من حلفائها السابقين ” محور المقاومة” حتى لو تابت وعادت الى صفوفهم , لان المواقف تكشف جوهر وحقيقة الحليف والصديق , وقد كشفت مواقف حماس بان الاخيرة ليست اهلا للثقة كما هي حال المقاومة اللبنانية ” حزب الله” الذي ضحى وخاطر بسمعته ووجوده من اجل حلفائه السورين عندما وقف معهم في الازمة , ودافع عن وجوده عندما اقترب حَمَلةُ مشروع “ضرب المقاومة” من قواعده في القصير, فتدخل وحارب اعداء المقاومة ” اصحاب مشروع الفتنة الطائفية” حماس لن تجد بعد اليوم حضن الاخوان الدافئ في مصر, خاصة بعد هذه المظاهرت المليونية التي تحاكي سقوط حكم الاخوان . ولن تجد حماسُ حمدَ – امير قطر السابق – ولن تجد اموال قطر ايضا , لان اللعبة انتهت وحققت اسرائيل هدفها بخصوص حماس , وعليه جرى استبعاد حمد من الحكم من قبل اسرائيل نفسها التي اتت به من قبل على حساب ابيه بانقلاب , واليوم قامت اسرائيل بتصيب ابنه تميم الذي شرع بابعاد حماس ورهطها من الشيوخ كالشيخ يوسف القرضاوي عن الاراضي القطرية . لا احد يسمع صوت حماس اليوم خارج غزة , وبسقوط مرسي وحكم الاخوان في مصر سيكون اعضاء حماس ومناصيريهم غير مرغوب فيهم على الاراضي المصرية , ان لم يصنفوا كاعداء لمصر . وفي نهاية اللعبة يظهر ان الخاسر الاكبر في هذه اللعبة هي حركة حماس والتي يصح فيها المثل العراقي القائل : ” الما يعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره” .