11 أبريل، 2024 11:55 ص
Search
Close this search box.

سقوط النظام..أم انهيار العراق(عام الاحتلال 2003)

Facebook
Twitter
LinkedIn

ستبقى طبيعة تجربة نظام البعث البائد  في الحكم حاضرة في الشارع العراقي فترة طويلة,سيتكرر استعادة هذه الحقبة بألم من قبل كتاب التأريخ ,ولن تزول أثارها حتى تنهض البلاد من ركام وحطام هذه المرحلة المرة
ولكن يبقى نقد تلك الفترة نقدا موضوعيا ( شبه مجرد) هو الغاية والهدف التحليلي الجاد عبر استحضار تلك الأزمنة الصعبة,والذي ينبش ويفتش في حيثياته بعض المثقفين والسياسيين العاملين في الساحة اليوم,على اعتبار إن مسألة منع تكرار الحوادث والكوارث الكبرى التي تعصف بالأمم والشعوب تحتاج إلى بحوث ودراسات مطولة,
تكون عناصر الاستفادة منها مهمة في إيجاد صيغ وآليات وأدوات وطنية وقومية حكومية ومدنية فعالة,تقف عائق وحاجز متين في المستقبل ,أمام موجات وهجمات الظروف السياسية الداخلية ,وتكتسب القدرة على صد الاعتداءات الحربية الخارجية, الخ.
الأسئلة التي سنطرح ونثير قسم منها اليوم(بشكل مختصر وتترك اغلب الإجابات للمستقبل من خلال مؤسسات مدنية وثقافية معنية بدراسة واقع المجتمع العراقي والعربي),
هي تخص طبيعة العنف المجتمعي وبيئته القبلية,وظواهر الانحراف الإنساني والأخلاقي الذي اتصف به النظام البعثي البائد(الأخلاق والتربية في البيت والمدرسة ,والشارع ,الخ.) ,وهل هو جزء من طبيعة المجتمع والمنطقة,(أول دولة عرفت بأنها تملك أقسى جهاز امني في المنطقة هي إيران الشاه ,جهاز السافاك-ومن ثم تركيا الجندرمة- ومن ثم أمراء القبائل العربية,وجهاز امن عبد الناصر الرئيس المصري الراحل),
وجدنا إن تاريخ العراق منذ تأسيس دولته الحديثة هو مليء بالأحداث والمؤامرات والتصفيات السياسية الجسدية,ولكن تبقى فترة نظام البعث 1968-1979 اقل إجراما وإرهابا مقارنة بنظام صدام الاستبدادي,الذي فاقت جرائمه كل التوقعات والتصورات المعتادة منه,
}(ولا ننسى تأثير تجربة الأمن المصري إبان العهد الناصري على صدام إثناء إقامته فيها),
(إبادة جماعية للمنتفضين والمواطنين العاديين عام1991-استخدام الأسلحة الكيمائية ضد الأخوة الأكراد إبان الحرب العراقية الإيرانية-إعدام السياسيين بدون محاكمات-قطع أعضاء وأطراف المتخلفين عن الخدمة العسكرية وإعدامهم في أحيان كثيرة-الخ.){,
فهل كان هذا النظام يتعامل مع الشعب بطائفية وثقافة عرقية مريضة ولدت لديه تلك القسوة تجاه مكونات عراقية معينة؟
هل كان الشيعة يمثلون عقبة في طريق إحكام الطوق الشمولي والدكتاتوري لنظام الحكم ,لأنهم يمتلكون مرجعية دينية (بعضهم من التبعية الإيرانية)لديها سلطات روحية أقوى من سلطة الدولة,أم كان يرضي دول الخليج ويقنعهم بأنه درع الجزيرة الشرقي تجاه المد الشيعي كما يدعون اليوم؟
هل صدام كان نتاج واقعي وطبيعي للبيئة العراقية القبلية والعشائرية المملوءة بقصص وأحداث العنف الاجتماعي منذ العهد العثماني؟
هل سقط النظام عام 2003 أو هو استكمال لمرحلة انهيار الدولة العراقية ,الذي بدء بعد عام 1991؟
نتمنى على شبكة الإعلام العراقي والقنوات العراقية والعربية الأخرى الاهتمام أكثر بمثل هكذا مواضيع,وان تتطور ولو مرحليا في مجال وميدان عملها الإعلامي ,لتبحث هكذا مسائل بشكل واضح مع مجموعة من الخبراء والمثقفين العراقيين والعرب…………..
(كأن يقام في يوم انهيار الدولة العراقية مؤتمر عربي كبير على غرار بغداد عاصمة الثقافة العربية ,أو يوم الصحافة وغيرها,لتكون الفائدة اعم واشمل,وينكشف للشعب غشاوة السنين العجاف)
كنت وبلا اعتبارات شخصية أو ذاتية من المعارضين القليلين جدا ,الذين يخمنون تخمينا شبه مؤكد من إن النظام البائد سيسقط  (1991-1992)
 في نهاية الأمر,وكنت احتج في الحوارات (التي كان أخرالحوارات معهم قبل سقوط الصنم بأشهر قليلة)دائما بإن الامبريالية العالمية إذا كانت تريد بقاء النظام البائد في الحكم ,فعليها رفع الحصار الاقتصادي عنه , وإلغاء خطوط العرض أو مناطق الحظر الجوي) ,وكان رد اغلب قيادات المعارضة ,والذين يتربع عدد غير قليل منهم في سدة الحكم اليوم, إنهم يعرفون السياسة الدولية والأمريكية جيدا,إنهم أي أمريكا يريدون إبقاء مخاوف الخليج دائمة ,بغية إبرام أكثر عدد من صفقات السلاح!
ما نريد قوله إن البعد الاستراتيجي في التحليل وقراءة الواقع والمستقبل ليس أمر هين,بل يحتاج إلى ملكات وإرادات وتجارب ميدانية أقوى من تلك التي تحدثنا عنها,تستطيع ان تؤثر في الرؤيا والإحداث السياسية المحلية والإقليمية والدولية! }يقول المرحوم الدكتور علي الوردي في كتابه(خوارق اللاشعور” أسرار الشخصية الناجحة”) “قد رأينا إن العراق في بدء حياته السياسية الجديدة ,أكواما من هذه الحكم والنصائح الفارغة “(يعني تمجيد سر إرادة الأشخاص في النجاح والمثابرة ) ثم يكمل الوردي: فإخواننا الذي ساعدهم الوضع الشاذ أو الصدفة على نوال المناصب العالية ,اخذوا ينظرون إلى من حولهم من البؤساء والمساكين بعين الكبرياء ,ويتبجحون عليهم بأنهم إنما وصلوا إلى مناصبهم تلك بسعيهم وقوة إرادتهم.{,
ولهذا يمكن ان نقول ن النظام سقط بالفعل ,ولكن إن الذي انهار في تلك السنة هو العراق بأكمله,انهارت منظومة القيم والأخلاق والنظم والإدارة والمجتمع عموما,صار الفرهود والفوضى والفساد الإداري والمالي حالة عادية غير منبوذة اجتماعيا,وأصبح مبدأ المنفعة الشخصية والحزبية والطائفية أو العرقية والاثنية هي المثل العليا التي يطمح إليها اغلب السياسيين(سنة وشيعة ,عربا وأكراد وتركمان وحتى بقية أقليات),بل صار مفهوم وشعار” اخفي ملفاتي اخفي ملفاتك”(بالعامية أضم عنك وتضم عني),
“واحدة من قصص الاحتيال والنصب  نذكرها للفائدة الاجتماعية-مشروع بناء مستشفى في احدى المحافظات,قال احد أعضاء مجلس المحافظات الجنوبية ياسيادة المحافظ عملية بناء مشفى ليست سهلة كيف أحيل المشروع لشركة تبليط الشوارع,رد السيد… هم يبقى في مجال عمله بناء وأعمار, ثم علل المحافظ !بأن الشركات الأجنبية رفضت عروضنا ..وبعد التدقيق وجد إن لجنة الإحالة والعقود طلبت من الشركات الأجنبية تنفيذ المشروع مع تجهيز المشفى ,علما إن تجهيز المشفى أغلى من بناءه ,المبلغ المرصود لايكفي إلا لبناء المشفى ,والعرض المقدم للمقاول العراقي النزيه فقط بناء دون تجهيز ,الغاية من هذه اللعبة طرد المستثمر بالكذب في طرح العطاء!
اما ختام هذا الحوار المفتوح وعذرا للاطالة:فنقول إن بناء الدولة يحتاج إلى شخصيات وطنية تندفع اندفاع الحركات القومية أو الدينية المحتشدة خلف سواتر وحواجز عجلات ودبابات الجيوش المحتلة,وهي واحدة من الشروط الطبيعية التي يجب ان تتوفر قبل الشروع بأي ثورة أو حركة جماهيرية……
ولهذا كان مخطئ من وقف بوجه الحركات القومية التي حملت لواء المواجهة العربية الشاملة مع قوى الاستعمار, التي صادرها الاستعمار فيما بعد بجلبه لبعض الأفراد الانتهازيين (كما يفعل اليوم في دول الربيع العربي ,ولكن بتجربة مختلفة إسلاميين سلفيين على غرار تجربة طالبان),
وعلى الجميع ان يعرف إن اغلب الشخصيات الدينية التي كانت تساند تلك الحركات أو انتفاضات الجماهير الغاضبة من بساطيل جنود الاحتلال ,ومن ثم الأنظمة العميلة التابعة لها منذ عشرينيات القرن الماضي ,كان يدفعها النفس والروح والدم العربي الشريف,
ومن هنا علينا إن نعترف بأننا لم نرى مرجعا دينيا نحر في ارض العراق غير المراجع العرب من ال الصدر (كما كان من قبل قصص ومواجهات مستمرة لبيت الخالصي ,وكان أيضا لبقية المراجع دورا كبيرا في المواجهة وتحدي دول الاستعمار)
لسنا هنا في معرض المقارنة بين النظام في عهد البعث والنظام الحالي,لان قيمة الحرية العامة لا تقابلها أية قيمة أخرى عدا قيمة الإنسان نفسه,
ولكن يجب ان تقال الحقائق دون خجل أو تورية,إن العراق في بدايات حكم البعث كان بلدا قويا بمؤسساته التربوية والعلمية والصحية وحتى العسكرية,لاتوجد في دوائره فسادا ماليا أو إداريا ,وهي واحدة من حسنات الأنظمة الشمولية,وكانت المعارضة الإسلامية أو اليسارية تواجه صعوبة بالغة في إقناع العامة من الناس بأن نظام البعث جاء بقطار أمريكي بريطاني,فلماذا تتعثر مسيرة الديمقراطية بهذا الشكل المخيف!
القول بوجود حلول سحرية تنهض بالواقع المزري في العراق قول ساذج,ولكن على اقل التقديرات يجب ان تكون هناك مقدمات لحلول واقعية,أولها  يتعلق بضرورة استماع الحكومة والبرلمانيين لصوت الشعب ونخبه المثقف والمتعلمة,ومن ثم العودة لبناء دستور عراقي متين بمواده وفقراته الوطنية,وانتهاء بتوزيع ثروات الشعب بشكل عادل على مواطنيه,ومحاربة المفسدين سراق  المال العام وقوت وأموال المواطنين, الخ.
يقول بريمر في كتابه(عام قضيته في العراق) من الصعب ان تقنع أحدا إن الدبابات التي تجوب شوارع مدنه أو بلده إنها ليست احتلالا!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب