23 ديسمبر، 2024 3:05 م

سقوط الموصل قراءة هادئة

سقوط الموصل قراءة هادئة

الموصل عاصمة محافظة نينوى، المحافظة الاكثر سكانا في العراق، بعد العاصمة بغداد، يتعايش على ارضها الطيف العراق بكل مكوناته القومية والدينية والمذهبية، تمتلك الموصل خصوصيات سياسية واقتصادية وجغرافية، جعلتها تحظى بأهتمام محلي واقليمي ودولي. داخليا هناك صراع مكوناتي على حكم المدينة، اقليم كردستان يعتقد بان جزء من اراضي نينوى يعود للاقليم، تركيا تريد ان تعيد الموصل بالاستناد الى معاهدة سيفر عام ١٩٢٠، رغم ان تلك المعاهدة تضمنت تنازل فرنسا عن الموصل لصالح بريطانيا، بعد اكتشاف النفط في الموصل، دوليا فأن الموصل مجاورة للرقة السورية احد اهم معاقل داعش، هذا وغيره يضع الموصل على قائمة اهتمامات الحكومة المركزية في بغداد كما يفترض، لذا فأن سقوط الموصل في عام ٢٠١٤ خرق كبير تتحمله الحكومة، والحكومة وحدها، حتى لو ابعدنا صحة التحذيرات التي ابلغت بها الحكومة من خطر سقوط الموصل، سواء تلك التي اطلقها المرحوم احمد الجلبي او التي ادعاها البازراني او التي رفعها قادة الجيش.
التبريرات التي تحاول حكومة السيد المالكي التعكز عليها، لايمكن ان تصمد امام الحقائق اعلاه، ادعاء التأمر يدين الحكومة اكثر من غيرها، فالوضع الذي شرحناه اعلاه، يحتم على الحكومة ان تتوقع التأمر من اكثر من اطرف خارجي او داخلي، لتعدد اصحاب المصلحة في اسقاط الموصل بيد داعش القابلة للاستئجار من اي طرف يدفع ويقدم الدعم، وجزما ان الحكومة نفسها تدرك ذلك، لهذا وضعت بحدود اربع فرق لغرض حماية الموصل وحفظ الامن فيها، لكن هذا الفرق نخرها الفساد الذي اصبح حديث المواطن، حتى من خارج ابناء المحافظة، فأي حكومة وقيادة لاتعلم عن قواتها الامنية مايعلمه المواطن البسيط! 
توزيع الاتهامات على الاقليم تارة او على المحافظ تارة اخرى او تركيا ثالثة، كلها مبررات تدعوا للاسى، وتعبر عن استخفاف بعقول ومستوى فهم الناس، فهل ان قيادة القوات المسلحة تجهل سعي الاقليم الى ضم جزء من نينوى الى اراضيها؟ هذا الامر معلن ويطالب به الاقليم علنا، كيف اذا تضع الحكومة قادة اكراد كما تدعي على رأس قوات مكلفة بحماية الموصل؟! توجد مؤشرات تعلن عليها الحكومة بين الفينة والاخرى على وجود علاقة بين المحافظ وجهات ارهابية، كيف اذن تضع قيادات عسكرية على رأس قوات مكلفة بحماية المدينة من الارهاب توالي المحافظ، وتأتمر بأمره؟! رغم ان القانون لايعطي للمحافظ حق تحريك جندي او شرطي من موقعه. 

القيادة العامة للقوات المسلحة وقائدها الذي كان يشغل اضافة للقيادة العامة، منصب وزير الدفاع والداخلية، عليها ان تعترف بأنها اخطأت في ادارة الملف الامني في العراق بصورة عامة والموصل بصورة خاصة، كونها مسؤلة عن تفاصيل هذا الملف برمته، من مكافحة الارهاب وحفظ السلم الاهلي والتصدي للمؤامرات وتوقع وتشخيص مصادرها.
ليس عيبا ان يكون الانسان غير قادر على امر ما، لكن العيب الاصرار على ادعاء القدرة، والسعي الى العودة للموقع الذي فشل في ادارته…