11 أبريل، 2024 8:19 ص
Search
Close this search box.

سقوط  الاسد في اواني الخزف

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ ظهور سياسات المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، ومنهجية الاقتحام طاغيةعلى تطبيقات  سياساتها الخارجية، ومع فترة الهدوء التي خضعت لها واشنطن تحت مبدأ الانسحاب المسؤول من العراق التي طبقها الرئيس بابك اوباما ، الا  انه سرعان  ما عاد الى التشدد  اكثر من سلفه الرئيس بوش الابن، لتعبير عن مبدأ ثابت في السياسة الخارجية الاميركية ، ان الفوضى الخلاقة هي التي تصنع  مصالح الولايات المتحدة  وليس غيرها .
  مشكلة الكثير من الدول الشرق اوسطية انها تفهم اسرار هذه اللعبة الاميركية، لكنها تتفاداها بتقديم القرابين على مذبح مصالح واشنطن في بلورة الشرق الاوسط الكبير، هذا المبدأ الذي ابتدعه إسرائيل  شاحاك ، في خطته الاستراتيجية  منذ  كان رئيسا للمخابرات الخارجية في اسرائيل ، تحت عنوان تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم، وباعت اسرائيل هذا المخطط الى صناع القرار في مراكز البحوث والدراسات الاميركية  وتمت بلورته في  ما عرف بمشروع القرن الاميركي الجديد ، باعتبار ان  الشرق الاوسط الكبير، يؤسس لمصالح استراتيجية اميركية تتطلب محاربة محور الشر المتمثل في دراسات  مارتن انديك ، احد عرابيه ، بالعراق  وايران  وسورية ، وبعد الانتهاء من العراق ، جاء الدور على سورية، ومن ثم على ايران ، لذلك تتضح حيثيات التحالف المصيري بين دمشق  وطهران ، والموقف المنتظر من ايران في  حالة تنفيذ الضربة الاميركية الموعودة للحد من قدرات نظام بشار  الاسد الكيماوية.
  لذلك تبدو واشنطن  مصرة مرة اخرى بعد ان دخلت العراق وحولته الى هشيم  من قطع الخزف ، ان تزل الامر ذاته في نظام بشار الاسد ، وتحطم نظامه  كما يدخل ثور هائج في  محل للخزف الصيني، باعتبار ان الفوضى الخلاقة  ما زالت  طريقا  للوصول الى الشرق الاوسط الكبير ، للانتهاء  من فرض الهيمنة الاميركية على موارد الطاقة وطرق الملاحة ، باعتبار كليهما من مضامين الحفاظ على الامن القومي  الأميركي وتحقيق الرفاه لشعبها ، والتصارع على موارد الطاقة يؤشره الكاتب ليستر ثرو في  كتابه ” المتناطحون” مؤكدا على ان فرض الهيمنة الاميركية عليها يجبر حلفاءه في  الاتحاد الاوربي على عدم الخروج عن بيت الطاعة  الاميركي  .
  كل  ما تقدم  ..  كيف يقرأ  في  الضربة الموعودة   لنظام بشار الاسد  ؟؟
  الجواب  سهل جدا  في  استعادة واقعية   لمسلسل  الاحداث  التي جرت في العراق  في عقد التسعينات  مع  اختلاف واحد ، ان  واشنطن  اليوم تبدو اكثر استعجالا لإعادة تشكيل  الشرق  الاوسط ، بكونه  نتاج غير  متجانس من القوميات ، اتي يمكن التعامل  معها  كل على حده لتحقيق  الاهداف الاميركية  ، بدلا من التعاطي مع  دول غير متجانسة  لها اهداف استراتيجية  تقف بالضد من مصالحها القومية ، ولها  تحالفات مع قوى بازغة مثل الصين او  تتمسك بأمجاد الماضي  مثل الاتحاد الروسي  .
وهناك  من يرجع الفوضى الخلاقة الى اعادة تشكيل الشرق الاوسط كما فعلت اتفاقية “وتسفاليا ” في  اعادة تشكيل الدول القومية على انقاض الدولة الرومانية بعد قرون  من حروب  الامراء  في  اوربا القديمة ، حتى ظهرت الدول القومية وفقا  لاتفاقات الامراء في هذه الاتفاقية ، والسعي لمثل  هذا التكوين في  الشرق الاوسط بكونه  نتاج  سقوط الامبراطورية العثمانية ، يؤكد بان مراحل تنفيذ الفوضى الخلاقة  ربما  تستغرق العقد الحالي  كله وممكن  جدا ان لا تظهر  نتائجه الا في العقد المقبل  .
ربما يسقط الاسد  ونظامه في  حقل من الخزف  الذي  سيؤدي بالنتيجة الى  ظهور  مكونات  اجتماعية كما ظهرت في العراق  ، كمنطلقات لتكوين  دول قومية ، او اطارا لتحالفات مستقبلية  لكن المشكلة ستكون في ردود  الافعال  الايرانية ، غير منضبطة الشدة ،  والقادم من الايام يحمل الكثير من المتغيرات .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب