18 ديسمبر، 2024 11:44 م

سقوطُ رؤساءٍ ومروحيّات ( 2 )

سقوطُ رؤساءٍ ومروحيّات ( 2 )

من المفارقات الإنسانية والتي كأنها خطأٌ شائع وكأنّه ايضا لابدّ منه , فإنّ مقتل أيٍّ من رؤساء الدول في حادث سقوط او انفجار طائرة مروحية او ذات الأجنحة الثابتة , فإنّه يتخذ زخما اعلامياً هائلاً ومدوّياً ,اكثر بكثير من تحطّم طائرةٍ تحمل مئات الرّكاب “من مختلف الفئات العمرية “, ولا حساب هنا لعدد الأرواح وتراجيديا الحدث وهذا ما حدثَ لعشرات المرّات لمقتل رؤساء جمهوريات وقادة في الطائرات التي كانوا يستقلوها , بجانب اعدادٍ اكبر لتحطّم طائراتٍ مدنية في مختلف البقاع والأصقاع .

  كانَ التطرّق في الحلقة الماضية ” يوم 20 \ 5 ” الماضي عن الدراما التي رافقت مقتل الرئيس العراقي السابق المشير عبد السلام عارف في سقوط وانفجار مروحيته العسكرية , نتحدّث هنا وبإختزال عن ابرز حوادث مشابهة – مغايرة لعددٍ محددٍ اومختار من رؤساء وقادة العالم البارزين :

 1 \ الرئيس الباكستاني – الجنرال ضياء الحق : على الرغم من مرورٍ اعوامٍ عديدة على تحطّم طائرة الرئيس في ( 17 – 8 – 1988 ) وانفجارها ومقتل الرئيس  والذي كان برفقته السفير الأمريكي ” ارنولد رافيل – Arnold Raphel ” ومسؤول البعثة العسكرية الأمريكية في باكستان , وآخرين من القادة العسكريين الباكستانيين , مع بعض مسؤولين امريكان آخرين , والذين فارقوا الحياة جميعا بمن فيهم طاقم الطائرة , إلاّ أنّ الموقف الأبرز في تلك المأساة , هو مديات التباين بين التحقيقات الأمريكية والباكستانية عن سبب الحادث , فمكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي – FBI إعتبر أنّ الحادث يعود لخللٍ ميكانيكي عَرَضي , بينما الإستخبارات العسكرية الباكستانية اعتبرت أنّ عملية إحداث خللٍ – ميكانيكي متعمّدة من قبل اقلاع الطائرة , ولم يتّفق الجانبان على موقفٍ موحّد , بينما تسرّبت معلومات خاصة في حينها او بعدها , بأنّ تزويد وتجهيز الطائرة بالمستلزمات اللوجستية وقناني مياه الشرب وما الى ذلك , قد تضمّن وجود ” صندوق او كارتون ” لعلب الكوكا كولا , كانت جميعها ملّغمة بمواد شديدة الإنفجار .!

2 \  على الصعيد الدولي , كان مقتل السيد ” داغ همرشولد ” الأمين العام السابق للأمم المتحدة في عام 1961 , الذي سقطت طائرته قرب مطار ” ندولا ” في روديسيا الشرقية < زامبيا حالياً > , اثناء زيارته للكونغو , ولم تثبت التحقيقات الأمنية اذا ما كان الحادث مدبّراً او متعمّدا , او حتى عدم اثبات العكس .!

3 \ : تداخلت الدراما والتراجيديا والميلودراما مع بعضهما في يوم السابع من نيسان – ايبرل لعام 1992 , حين اضطرت طائرة الرئيس الراحل ياسر عرفات الى هبوطٍ اضطراري اثناء وخلال عاصفة رملية هوجاء تنعدم فيها الرؤيا كلياً , في الصحراء الليبية دونما العثور على مطارٍ ليبي عسكري في وسط الصحراء , ارتطمت الطائرة بالأرض وحدث حريق محدود واصابات قليلة واستشهد كلا الطيارين , تمّ انزال الرئيس من الطائرة والآخرين وبقوا في تيه الصحراء والرمال وعاصفة الغبار لنحوٍ يومٍ كامل .. تضاربت وتداخلت وتشابكت الأنباء آنذاك عن فقدان طائرة عرفات , وقيل حينها انّ السلطات الليبية طلبت من الأمريكان استخدام القمر الصناعي لتحديد مكان الطائرة , بينما انباءٌ أخرى تحدّثت عن مشاهدة عجلات عسكرية فلسطينية ” في الصحراء الليبية ” لنقطةٍ سوداء عن بُعد , واتجهت نحوها ضمن عملية البحث عن الطائرة , وتم إخلاء الرئيس ومرافقيه الى المطار العسكري , ثمّ جاء العقيد القذافي لتهنئة الرئيس على سلامته , الموقف حينذاك كان في اقصى درجات المأساوية التي تعجز هوليود عن ادائها .!

4 \ : لمْ يجرِ تسليط اضواء الإعلام المصري بشكلٍ كافٍ او نحوه عمداً عن حادثة سقوط او ” إسقاط ” المروحية العسكرية التي كانت تُقّل المشير احمد بدوي – وزير الدفاع المصري , ومعه 13 من كبار القادة العسكريين المصريين في السابع من شهر أيار لسنة 1981 اثناء تفقدهم للوحدات العسكرية في الحدود الغربية المصرية , فخلال مغادرة وعودة واقلاع المروحية الى القاهرة , وبعد مسافة 30 متراً .! اصطدمت بعمود كهرباء بشكلٍ مفاجئ وارتطمت ” رِيَش او شفرات المروحية ” بأسلاك الكهرباء < هذه المسافة المحدودة 30 متراً , لا يمكن ان تحصل عند بداية اقلاع اي مروحية بعد تجهيزها او جاهزيتها للطيران > , اللافت للأنظار أنّ جميع القادة المرافقين للمشير بدوي قد قُتِلوا , بإستثناء كلا طيّارَي المروحية اللّذين نجيا من الموت او القتل المحتّم … ما كان رائجاً وهائجاً في الشارع المصري وفي بعض الأوساط السياسية أنّ عملية إسقاط مروحيّة المشير كانت بأوامرٍ مباشرة وخاصة من السادات تحديداً ,حيث أنّ القائد العسكري ” احمد بدوي ” كان من أشد المعارضين لأتفاقية كامب ديفيد , وله نفوذٌ واسع في القوات المسلحة .