8 أبريل، 2024 12:01 م
Search
Close this search box.

سفينة النجاة

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في بدايات القرن المنصرم وسنة العراق من العرب يتصدون لزعامة البلد وقيادته ساسة وعسكر ، وضعوا كل ثقل لهم سياسي وإجتماعي في سفينة نجاة إنكليزية مدركين بحس السلطة زوال حكم آل عثمان وأفول شمسهم التي ضلت تسطع لتنير درب إخوان مذهب لهم في العراق .
 في حين لم يجعل من الظلم الذي طال الطائفة الشيعية أيام سلاطين الدولة العثمانية والتهميش والإبعاد الذي مورس بحقهم سببا” في عدم مقاومة محتل جديد فكانت ثورتهم العشرينية إحدى أكبر أخطاء التاريخ عندهم ومبررا” لثمانين سنة أخرى من ظلم السلطة بعد ان سبقتها قرون طويلة .
فقد أبتاع الشيعة من عرب العراق حقهم الطبيعي في الحكم بوطنية مطعونة حزت رقابهم ، وأبنائهم قرابين تضحية كلما ازفت ساعة صفر لخطر يتهدد الوطن متهمين بالأعجمية تارة والهندية تارة اخرى مع مواطنة منقوصة ممزوجة بمنة ، يحيط كل فعل لهم شك وريبة مبعدين عن مراكز إتخاذ القرار السياسي ، وشعائرهم عرضة للتنكيل ، يوصمون بالطائفية كلما أريد لهم متنفسا” للحرية ، مناطق سكناهم مهملة غائرة في بؤس مدقع ، تكتنز ذهبا” وغلة وفيرة ووجوه أبنائها يعلوها شحوب وصفرة ، يمضون لحتفهم جهالا” ومرضى ، ومراثي حسينهم وآلاف من ضحاياهم أعطت قلوبهم رقة فوق رقتها ، وأدبهم وأبيات شعرهم تطفح منها لمسة حزن وألم وابوذيات أعراسهم بكاء ، وأرضهم موشحة بسواد لباس عباءات نسائهم  .
ومع انهم لم يكونوا سببا” (لإحتلال) جديد لأرض العراق وما حدث كان بفعل سياسات غبية لنظام البعث فيه ، الا ان إخوان لهم في الوطن مع ساسة عرب طائفيون وجدت في متنفس الحرية الأخير إفراطا” بحق (رافضي) النظام العربي الشوفيني ، وبالتالي الوقوف سدا” منيعا أمام طموح مشروع ( لعبيد ) الامس من الحكم .
مشروع العدالة وحقوق المواطنة التي أريد لعراق اليوم الوصول اليه ، رافقه سوء أخلاق مزمن لشارع (آخر) تغلب عليه جلافة صحراء وقسوة قلوب أفرزتها ولاءات عمياء لحكام جور  .
ومرجعياتهم السياسية والدينية (المقاوم) منها للإحتلال والمهادن ، تستعد لركوب سفينة نجاة أمريكية تتجه نحوهم ، وبريق السلطة المنتزع (عنوة) ودهاء السياسة وقبول المحيط بهم وكرم متوقع غير مسبوق لعودة سريعة ، تجعل كفتهم ترجح ومبتغاهم قريب (وكل شيء يهون دون الطائفة) .
في المقابل وجد الأمريكيون أنفسهم أمام قوى سياسية ودينية منحها التغيير الأخير فرصة الحكم التأريخية وحقوق مواطنة حقيقية لم تحلم بها ، غطت شارعها تنظيرات إسلام سياسي راكدة في مستنقع الشك والريبة لكل ما هو غربي في حين كان المفروض منها السعي الحثيث نحو إيجاد وشائج علاقات حميمية وحلف إستراتيجي مع كل قوى التحرر والديمقراطية في العالم المتحضر بعد الذي لمسته من ظلم أيام محنتها الكبرى ، والإستعداد التام لحمل رزمة الأفكار والتوجهات التي تعمل بها قواها الفاعلة في الساحة ، ليبرالية وإسلامية لركوب السفينة والإبحار بها نحو شاطيء يحفظ لها دم أبناء يراد لهم ان يذبحوا من جديد ، ويجعل منها لاعب رئيسي في دعم مشروع امريكي في المنطقة وإسناده ، لتغيير نظم الإستبداد والتخلف ، وعكسه تكون الدائرة قد ظاقت والفرصة قد فاتت ولن تقوم لكم قائمة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب