اشتريت سيارة صالون حديثة موديل (2008) ذات يوم بدون لوحات على حساب فرق السعر كما تعلمون، مما يستوجب ذهابي إلى كمرك سفوان الحدودي مع الكويت، لغرض انجاز معاملة مركبتي كونها داخلة عبر هذا المنفذ، ولم تواجهني مشكلة في هذا الخصوص على اعتبار قضيتي لا تمثل شيء قياساً بما هو مهم عندهم! وأثناء فترة الانتظار أخذت استمتع بوقتي لأتجول في أروقة وباحات الدائرة المذكورة أعلاه، بين (حدائقها الساحرة ذات الإزهار الخلابة)!، وقاعات الاستراحة (المكيفة)! علماً أن المكان كان يغص ويعج بما لذ وطاب من البضائع والسلع الجيدة والرديئة على حداً سواء، وعلى اختلاف أنواعها وأحجامها ومنشئها، حيث كانت المواد المستوردة وبدون مبالغة من إبرة الخياطة وخيوطها والأقمشة والألبسة والتجهيزات الرياضية والمنزلية الجديدة والمستعملة(البالة)، إلى المياه المعدنية والمثلجات والألبان، مروراً باللحوم بجميع أصنافها، ولعب الأطفال والحلويات، صعوداً إلى السيارات والمواد الإنشائية والمعدات الثقيلة الحديثة و(الخردة) و…الخ،، وكأنه هناك شبح حصار اقتصادي(أبو الإلف عام) قادم على الأبواب!!. بالمقابل لا نجد شيء ما يذكر للتصدير على الإطلاق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، الذي يرى هذا الكم الهائل من البضائع، مباشرة يتبادر إلى ذهنه ماهية الفترة الزمنية اللازمة لتفتيش هذه الكميات الكبيرة، خصوصاً في ظل وضع أمني متردي.. ألا أن الغريب والعجيب بالأمر هو عند ما خرجت من صالة الانتظار، بعد استدعائي عبر (أجهزة مناداة خاصة كانت منتشرة لهذا الغرض)، حرصاً من القائمين هناك على راحة المراجعين، كي يجنبوهم عناء الوقوف طويلاً في العراء تحت أشعة الشمس الحارقة! أصبت بالدهشة والذهول الشديدين!! حينما تفاجأت بغياب تلك الصورة المهولة التي كانت سائدة، وكأن الأرض انشقت وابتلعتها عن بكرة أبيها!! إذ لم يبقى منها شيء مطلقاً سوى(أكوام) النفايات المبعثرة هنا وهناك. هذا واقع حال احد المنافذ الحدودية الصغيرة والبسيطة جداً، فما بالك بالأخريات الكبيرة والمهمة المنتشرة على طول الحدود العراقية؟! في الوقت الذي يكون فيه الحال مختلف تماماً بالنسبة إلى الجانب الأخر من الحدود مع الدول المجاورة، وبكل ما للكلمة من معنى مع شديد الأسف، وكأننا نعيش في غير القرون التي تعيش فيها تلك الدول، ومن الجدير بالذكر أن هذا الواقع المؤلم لا يعدو إلا كونه تنصل الحكومة(الموقرة) عن القيام بواجبها الوطني والشرعي والأخلاقي كما ينبغي، بتركها الأبواب مشرعة أمام الاستيراد بهذا الحجم المفرط وبطريقة عشوائية، دون رقابة حقيقية، وسط انعدام التخطيط، وأجهزة التقييس، والسيطرة النوعية، مما جعل الوطن والمواطن يتعرضان لمخاطر جمة، منها على الصعيد الأمني كما هو معروف، ومنها ما يتعلق بالاقتصاد الوطني، وذلك من خلال أطلاق رصاصة الرحمة على القطاع الصناعي والزراعي وحتى التجاري عبر هذا النهج، إضافة إلى هدر واستنزاف العملة الصعبة، ناهيكم عن عدم الالتفات لهذه المنافذ الحدودية كما يجب، وذلك لأهمال أهميتها يتها الكبرى، كونها تمثل بوابات البلد كما أسلفنا وواجهته ومحطات استراحة واستقبال الوافدين والمغادرين ولمختلف جنسيات العالم. أذن كان ذلك عام( 2008) أي قبل أكثر من خمس سنوات من ألان، لكن يا ترى هل استطاعت الحكومات المحلية لمجالس المحافظات السابقة.. ورئاسة الحكومة خلال دورتين انتخابيتين متتاليتين لها، أن يغيروا ذلك الواقع خلال الفترة المنصرمة؟ أم ان سفوان وأخواتها لا زالت تستغيث.