23 ديسمبر، 2024 8:09 ص

سفك دماء الأبرياء سيزلزل عروش الطغاة

سفك دماء الأبرياء سيزلزل عروش الطغاة

ما من حكم أو دولة تأسست على القوة الغاشمة وسفك الدماء إلا وحفرت قبرها بيديها، عاجلا وليس آجلاً. هكذا حدثنا التاريخ في الماضي والحاضر، ومن يتصور غير ذلك فهو واهم أو مغتر أو مغرر به. ومنذ أربع سنوات أو يزيد والمنطقة العربية على حافة بركان يقذف بحممه في كافة الاتجاهات، وتصيب شظاياه مختلف المذاهب والأديان والإثنيات، توجهه قوى شريرة لا تريد الخير لشعوب العرب والمسلمين، وتدعمه وتخطط له دول ومشيخات نفطية طواعية أو بأمر من اسيادها، وتنفذه حركات تكفيرية تجند لها المرتزقة من كل حدب وصوب بعد أن يغسل أدمغتهم مشايخ متخصصون في تكفير المخالفين لهم سواء كانوا شيعة أو سنة أو من ابناء الديانات الأخرى، وتدربهم تدريباً قاسيا بل متوحشا وتطلقهم على الفريسة العزلاء لتنهش من لحمها ما تشاء!!
والسياسة الذي تتبعها المملكة العربية السعودية في المنطقة منذ سنوات لا تنم عن حصافة او حكمة، وإنما تميل الى التصعيد  والتحريض واثارة النعرات الطائفية وخاصة بين السنة والشيعة، ثم تحولت الى سلوك هستيري بعد وفاة الملك عبد الله واعتلاء الملك سلمان بن عبد العزيز للعرش والتغييرات السريعة التي قام بها في مراكز القوى الممسكة بالقرار والتي عززت من نفوذ الفرع القبلي (السديري) الذي ينتمي له الملك الجديد، واستبعد فيها ولي عهده الأمير مقرن..فشنّت حربها الدموية على اليمن مستخدمة سلاح الجو الذي لا يفرق بين اهداف مدنية واهداف عسكرية، بل إنه يمعن في قتل المدنيين لأن في ذلك وسيلة للضغط على القوى المعارضة للهيمنة السعودية على اليمن، لتنفيذ الشروط التي تريد السعودية فرضها على اليمنيين، وقد بلغت أعداد الضحايا الشهداء بالآلاف!
وكان من جملة الأهداف التي سعت اليها القيادة الجديدة في المملكة هو تحريك الوضع في العراق وسوريا نحو الأسوأ، فحسنت من علاقتها السياسية مع تركيا التي فتحت ابوابها من جديد للمقاتلين القادمين من شتى بقاع الأرض للقتال مع داعش. وبفضل التعاون التركي الخليجي تمكنت داعش من التمدد داخل الأراضي العراقية، فارتكبت المجازر واستباحت الحرمات، وبالمقابل تقوم السعودية بين الفينة والأخرى بإصدار قرارات تحرم فيها الإرهاب والجماعات المنضوية تحت لوائه، لكن من ينظر للأمور نظرة متمعنة يرى أن وكر الإرهاب قائم في هذا الكيان السعودي ممثلاً في مؤسسته الدينية التي تكفر كافة المخالفين من المذاهب الإسلامية المختلفة سنية كانت أم شيعية، وبطبيعة الحال أيضا ابناء الديانات السماوية، ودع عنك اتباع الديانات غير السماوية!..لكننا لم نسمع عن مشايخ الوهابية انهم حرضوا على المس بأحد من أتباع هذه الديانات الموجودين بعشرات الألوف في مملكة آل سعود والامارات الخليجية الاخرى، لأنها سيدفعون الثمن غالياً،  كما لم نسمع أو نشاهد ان السعودية قد ارسلت طيرانها بهذه الكثافة لقصف إسرائيل ووقف اعتداءاتها السافرة على العرب والمسلمين!!                                                                                                                                                                                                                                                                    
ويأتي تفجير مسجد الإمام علي (ع) في مدينة القديح في القطيف في المملكة العربية السعودية، والتفجير اللاحق له في مسجد آخر في الدمام، وما نتج عنهما من استشهاد وجرح العشرات من المصلين، عبارة عن رسالة دموية تبعثها السلطة للشيعة في المملكة تحذرهم فيها من أي تحرك سياسي محتمل على خلفية أحداث اليمن والتدخل السعودي السافر فيه.
لكن من يقيم حكمه على اراقة دماء الناس ظلماً وعدواناً، ولا يأخذ العبرة من حقائق التاريخ القريب فضلاَ عن البعيد، هو كمن يسعى إلى حتفه بظلْفِه!..فقد ولغ طاغية العراق صدام بدماء شعبه من كافة المذاهب والقوميات، ودفن مئات الالوف منهم في مقابر جماعية لم يكتشف منها الا النزر اليسير، وقصف مواطنيه بالسلاح الكيمياوي في مدينة حلبجة وغيرها، ثم شن حروبا عبثية على جيرانه المسلمين متحالفاً مع الامريكان بحجة الدفاع عن العروبة، وحارب جيرانه العرب بحجة تحالفهم او (عمالتهم) للامريكان!! وذهب ضحية حروبه تلك ما لا يعد ولا يحصى من الأرواح والأنفس، فضلاً عن الخسائر المادية التي قدرت بمئات المليارات..فماذا كانت نتيجته وكيف انتهى؟؟ لقد انتهى مختبئاً في حفرة قذرة وبحالة مزرية من الذل والهوان، وقل مثل ذلك بالنسبة لبقية الطغاة الذين رحلوا أو أجبروا على الرحيل، فقد كان سفكهم للدم الحرام لعنة عليهم وعجّل بنهايتهم.
وليعلم الذين يستعرضون عضلاتهم اليوم على الشعب اليمني الفقير الأعزل متكئين على الدعم الأمريكي والصهيوني والدول التي تدور في فلكهما، انهم أول من ستضحي بهم امريكا واسرائيل اذا اقتضت مصالحهما ذلك، وسيكونون حطبا للنار التي اوقدوها. وصدق امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) حينما قال: ((لئن أمهل الله الظالم فلن يفوته اخذه وهو له بالمرصاد))!