18 ديسمبر، 2024 7:47 م

سفسطة بالمجان!

سفسطة بالمجان!

عرفت السفساطئية كأتجاه ومدرسة فلسفية يونانية، في عصور ما قبل الميلاد، في عصور غابرة ولت وانتهت، اذ كانت تعنى في بأدئ الامر، بتعلم قواعد البلاغة ودراسة التأريخ وفنون الطبيعة، ثم اقتصرت فيما بعد، على فن الجدل والحرص على الغلبة دون التزام بالحق والفضيلة، وهكذا اصبحت مرادفة لكلمتي الخداع والتضليل، فالانسان هو معيار الاشياء جميعها كما يدعون، فلا يوجد معيار يحتكم له الجميع.
يقف معلم السفسطة مفتخرآ ويقول، اعطني اي قضية، وأنا على استعداد ان اجعلها صادقة وكاذبة في نفس الوقت، اشارة منه الى انعدام الموضوعية، وتوجيه الامور كيفما اتفق.
ما نشهده في زماننا سفسطة ولكن بحلة أخرى، اﻷ وهو اﻷعلام السفسطائي المظلل، الذي اخذ على عاتقه نشر الاكاذيب، وبث الاشاعات بدون اي وازع أخلاقي، أو وطني لمهنة الاعلام الحر.
ان ما لاحظناه وليس اﻷمر بجديد، وجود قنوات اختصت بنشر الاخبار الكاذبة والمزيفة، وتفننت في تزييف الواقع للمشاهد، أضافة انها حتى في نقل الخبر، قد يكون في بعض الاحيان لا يخلو من الصحة، الا انها لا تبثه الا بعد اضافة المطيبات الخاصة بها للخبر، للتأكد من الوقع يكون اقوى للمتلقي، فكأنما الخبر أو الاشاعة الاعلامية مغنما، متناسين مبادئ المهنة السامية، اعلام اتشح بالسواد، امتهن بث السم وباع ضميره لمن يشتريه.
مثل هكذا اعلام انما هو”داعشية جديدة” ولكن اكثر دنائة وخسة، فلا يحلو لمثل هكذا قنوات، ومن يوجهها، أن يستمر الوضع الامني والعسكري، على وتيرة الانتصارات المتلاحقة، فراحت تفتعل الاخبار الكاذبة، وتروج لها بمختلف الوسائل التي باتت مفضوحة.
هي اشبه بتمساح في مستنقع يتصيد أي مار لينهشه، فبعد الزوبعة الاعلامية لخطف الصحفية افراح التي تصدرت اﻷخبار ﻷيام، وكثرت تحليلات أسباب الاختطاف، منهم من قال انها اسباب سياسية والاخر من رجح انه عمل اجرامي، و و و جاء خبر اطلاق صراحها كذلك بموجة من التحليلات والاخبار المختلفة، دون معرفة حقيقة الامور لحد هذه اللحظة.
ان مثل هكذا صخب اعلامي، الغرض منه التشهير وتنفير الناس من منهج الحق ولخلق جو من الافكار بعيدة عن الحقيقة تماما، اعلام يسمي قوات الحشد”ميليشا”وينسب جرائم داعش للجيش، اعلام ابعد ما يكون عن المصداقية والموضوعية في نقل الخبر، لا يبال بصحه ما ينقل، بقدر اهتمامه ببث ايديولوجيا مريضة، والتفنن بتقبيح الواقع، ونضح كم من الشعارات الزائفة بعيدة عن الواقع كل البعد.
حاليا نحن بمواجهة موجة أعلامية معادية، الغرض منها اشاحة النظر، عن الانتصارات الباهرة والمتلاحقة المتحققة في جبهات القتال، والتقليل من أهميتها، بل والعزف على وتر الطائفية مرة اخرى، بأتهام القوات العسكرية بأستهداف المدنيين، او النازحين.
كلها محاولات بائسة في شق وحدة الصف، ففي كل مرة يثبت العراقي انه حفظ هذه السيناريوهات المملة، التي تكرر نفسها في كل مرة، بأفتعال الفتن وشغل الشارع باﻷشاعات، انه اعلام أشبه مايكون ببركة وحل لا يصدر منها سوى الروائح الكريهة، نتمنى ان تجف هذه البركة يومآ ما، وتريحنا.