17 نوفمبر، 2024 11:35 م
Search
Close this search box.

سفسطة الإعلام – قناة العراقية في إحياء الشعائر الحسينية

سفسطة الإعلام – قناة العراقية في إحياء الشعائر الحسينية

جاء في معجم الوسيط تعريفا للسفسطة بأنها تعني الحكمة المموهة,وفي معاجمنا الشعبية هي ثرثرة كلام بعيد عن الواقع(وتسفسط حجي),على عادة القنوات الإعلامية العراقية(الشيعية) في بداية كل عام هجري تدخل ميدان الكسب الجماهيري,أن تتنافس في محرم الحرام(عاشوراء ),
ببرامجها وجولاتها الميدانية لتشجيع إحياء ذكرى سيد الشهداء الحسين ابن علي عليهما السلام,(بشر الرسول (ص) من قبل آل بيته على إن الحسن والحسين عليهما السلام سيدا شباب أهل الجنة,)
فخرجت قناة العراقية الرسمية (إضافة لقناة الفرات الفضائية)في هذا العام ببرامج حوارية صاروخية تخص حادثة الطف,
محاولة إعطاء صبغة حضارية مدنية على طريقتها الحوارية في احتواء وتشجيع الإحياء الشعبي العشوائي لعاشوراء,ودعم التضخيم المأساوي الهائل للحادثة التاريخية,التي اشتهر بها عوام الشيعة حد الإفراط ,
من هذه البرامج برنامج نفحات حسينية وغيره كثير,مقدمو هذه البرنامج يتفلسفون بالثورة الحسينية بشكل أشبه بالسفسطة اليونانية القديمة,دون أن يستشف من برامجهم أفكارا واقعية مقبولة,تقترب من الروح الإسلامية العالقة بتلك الثورة,وأهداف الاحتجاج والرفض الحسيني الشرعي ضد حكومة الاغتصاب الأموي,
(أخذا بعضهم مساحة اكبر من مساحة الضيوف,الذين يراد منهم أن يجاروا هذه المساحات المتناقضة الغير طبيعية, التي يصوغها معدو هذه البرامج,وكأنهم يحاكون النمط الحكومي الرسمي الديني الحالي ,وبنفس الأسلوب المعتاد سابقا لمجاراتهم ثقافة ونهج النظام البائد,فتارة المقبور صدام قرب الشمس وقائدا للضرورة,وتارة أخرى عندما تغير الحال من لا يمارس الشعائر الحسينية بحرقة وحشرجة مفتعلة وسفسطة غريبة ليس منا-لعلها حاجة الوظيفة),
من هذه الأفكار المسوقة إعلاميا والمتناغمة مع حاجة الشارع المهووس بسلخ الذات التاريخية ,كعقدة نفسية ليس لهم ذنب فيها, وإنما استوردت من البيئات الخارجية الهندوايرانية,إلا إنها تعبر في النهاية عن مستوى الإحباط والتراجع والانهيار الاجتماعي الطامح �عي الطامح للخروج من نفق هذه المشكلات,من هذه الأفكار المطروحة للحوار,
(إعادة قراء الثورة الحسينية-كيف يمكن إعادة تصديرها إلى الأخر-كيف يتعامل الإعلام مع حادثة الطف بطريقة علمية حديثة-وكلام طويل عريض-عصرنة الثورة-العولمة تتبنى مبادئ الإمام الحسين (ع)-تجديد الخطاب والسفسطة-الاحتفال في شوارع الدول الأوربية بطريق النعاج التي وصفهم بها شيخ الخطابة الراحل الوائلي),
ثم إن بعض الشخصيات المستضافة ليست على مستوى من الخبرة الكافية,لشرح أبعاد هذه الثورة وأثارها النفسية, والاجتماعية, والدينية على الشباب والأجيال الحالية والقادمة.
العالم الغربي ليس بحاجة إلى الثورة الحسينية (إلا للأغراض الأكاديمية والدراسات الشرقية الخاصة بدراسة المجتمع والعالم الإسلامي),
فقد عَبر هذا العالم مرحلة الثورات السياسية والزراعية والصناعية والتكنولوجية ,وهو ينعم بالنظم الديمقراطية الحديثة ,ويفتخر بحضارته العظيمة ,ويعيش مرحلة الانطلاق الكوني الشامل في عصر الإلكترون(وأبناء مراجعنا الكبار كلهم يتجولون في شوارع لندن وهم مقيمون فيها تقريبا),
أما إعادة قراءة الثورة الحسينية إقليميا وعربيا,فهي ذات أبعاد وأثار داخلية وخارجية خطيرة ,دفع الشيعة ثمناً باهظا من اجلها حتى اليوم,
(والمستقبل المجهول في حال انهيار النظام السوري سيكون حتما مظلما عليهم),ومعركة السلفيين والتنظيمات والجماعات التكفيرية الإرهابية مع المذهب الشيعي لن تنتهي ,يدفع لها الأموال الحرام بلا حساب,
(هؤلاء الذين كان أسيادهم يعدون صدام وجلاوزته الذين يقتلون الأطفال الرضع ويقطعون حلمة النساء في السجون خليفة المسلمين يجاهد بسيفه جمهور الرافضة),
في لعبة خفية يقودها الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية واذرعهما الطويلة في المنطقة تركيا والخليج العربي.
الثورة الحسينية يجب أن تصدر داخليا بين ا�خليا بين المسلمين أنفسهم,ليعرفوا أسباب انتكاستهم وتراجعهم وانهيار أنظمتهم الاستبدادية المقيتة,على الرغم من صعوبة هذه الرسالة الإسلامية الأخلاقية ,
إلا إنها تبقى واجبا شرعيا لتوضيح انحرافات بعض المجتمعات الإسلامية وحكامها عن النهج المحمدي السليم(ولهذا عندما منع الأزهر تمثيل مسرحية عبد الرحمن الشرقاوي الحسين ثائرا- الحسين ع شهيدا, لأسباب نفسية خوفا من فضيحة الجيش الأموي والمجتمع الإسلامي, كان محق لأنها معركة غريبة في امة انقلبت بعد وفاة النبي ص على آل بيته الموصى بهم في القران ,”قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى”-الشورى أية 23)
الحسين ليس مشروع لكسب الرزق وإشاعة فوضى التأويلات ,وهدر الأموال(الطبخ الزائد عن الحاجة)والأوقات(تغيب الموظفين),والإكثار�ات الطقسية الخارجة عن العرف والشرع (ضرب السلاسل والسيوف),
إنما هو مشروع إسلامي كبير(يحارب الحركات والأحزاب والتيارات التكفيرية والسلفية المتشددة),ظهر جليا كخط إسلامي ملتزم بالثوابت الإسلامية,وعبر بوضوح عن منهجه السليم ,منذ سقيفة بني ساعدة وصولا إلى معركة صفين وصلح الإمام الحسن ع
(من قبلها الجمل- ياعمار تقتلك الفئة الباغية من حديث الرسول ص,بينما يحتج جمع من الحاضرين يوما على مفتي سوريا احمد حسون لماذا لا تذكر – رض -في إشارة إلى ورود اسم معاوية في خطبه بدونها ),
,وانتهاءً بمعركة ألطف وانتشار شجرة آل بيت الرسول الأكرم ص, من ولد الإمام الحسن والحسين عليهم السلام بين المسلمين بعلمهم وورعهم وعصمتهم الدينية
(كأصحاب مذهب رصين استمد شرعيته من جدهم الأكرم ص).
يجب أن تتغير القراءات الشيعية للثورة الحسينية ,عبر إنهاء حقبة الترويج الشعبي للثورة,عبر التقليل من ممارسة الشعائر الحسينية المنتشرة في الشوارع والمدن(تقليل مواكب اللطم والتطبير والمشاية ومنابر الخطب الحسينية المكررة ,والمحشوة ببعض الأساطير والروايات المشكوك بها, الخ.),
واستبدالها ببرامج حوارية ودراسات نقدية وواقعية للآثار الجانبية العظيمة, التي خلفتها تلك الثورة في نفوس المسلمين,
(الذين يقارنون إسلام معاوية ابن أبي سفيان بورع ونزاهة وإمامة أبي تراب وذريته عليهم السلام-أصحاب الكساء-قال تعالى “إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا”-الأحزاب 33),حتى تستطيع أن تتفهم الأجيال القادمة معاني تلك الثورة الروحية والأخلاقية والاجتماعية
( صمود أبي الأحرار العقائدي بوجه معسكر ابن زياد ,مهد للعالم الإسلامي طريق الخلاص من عبودية الحاكم, من خلاله نجحت ثورة العباسيين وانهار الحكم الإمبراطوري الأموي,وبراياته انتصرت الثورة الإيرانية على حكم الشاه ,مغيرة بذلك خارطة الشيطان الأكبر في المنطقة, وبصرخة هل من ناصر ينصرنا حققت المقاومة اللبنانية النصر على العدو الإسرائيلي في الجنوب المقاوم ,ومنه استمد الشعب-شيعة العراق قوة الانتفاضة في 1991 الممهدة لسقوطه في عام 2003,الخ. ),
ليس هناك حاجة لتعليم الأطفال قصة مليئة بالمآسي والدم ولغة السيف(فمن جهة نمنع استيراد الأسلحة كلعب أطفال ,ومن جهة أخرى نشرح لهم جريمة الطف بكل تفاصيلها الدموية المحزنة),بل عليهم إن يتعلموا قراءة القران وحفظه وتفسيره ,ومعرفة أركان الإسلام ,وفهم أسباب اندلاع الثورة من منظار ثقافي إسلامي عصري,تشرح لهم معسكري التنافس والتناقض والصدام الأزلي بين قوى الخير والشر
الثورة الحسينية هي امتداد لخط إسلامي أصيل نشأ بعد وفاة الرسول الأكرم ص,وبرزت عقائده وأصوله وثقافته الإسلامية بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان رض,وتحول ميزان الدولة الإسلامية إلى كفة الأمويين ,الذين خربوا العالم الإسلامي, ودمروا أفكار وعقائد وإيمان المجتمع الاسلامي,فظهرت لنا طوائف ومذاهب تخفي الحقائق ,وتزور الأحاديث ,وتشيع الفتنة(حتى صدحت منابرهم بمقولاتهم الزائفة -فتنة اليهود اشرف من الشيعة,لا لشيء إلا لأنهم صاروا وعاظ السلاطين)
الإسلام المحمدي واضح ولايحتاج إلى روزخونيات ,بل إلى مفسرين ومتفقهين ,وأئمة للإصلاح,وأهل بيت النبي كانوا ولازالوا منار بيت الحكمة والتنوير الإسلامي.
ضرورة تطوير رسالة الإعلام لتصب في خدمة التقارب مع المذاهب المعتدلة,لتوحيد الرؤى الإسلامية البعيدة عن الأفكار الهدامة والباعثة عن التفرقة والتشرذم والتصادم,
هي رسالة أخلاقية يجب احتوائها وبثها بشكل عقلاني مسؤول ,وبعيدة عن المزايدات الشخصية لرجال الدين النفعيين,الذين يجدون ديمومتهم في دوامة الاختلاف والتقاطع مع الأخر,واستغلال الشعائر الحسينية والمناسبات الدينية للترويج السياسي والشخصي.
إن مهمة تطوير الأدوات المعرفية الخاصة بتجديد البيعة بال بيت الرسول ص,تحتاج إلى معالجة ثقافية وإعلامية صحيحة ,بعيدا عن طريقة الجهلاء المستخدمة في إحياء الشعائر الحسينية,بتحديث الأسلوب والممارسة والطريقة المقدمة إلى العالم على إنها تراث إسلامي إنساني مقدس,
وذلك للحاجة للتعريف بالأسباب الغائبة والمغيبة عن الكثيرين,ولهذا نحن في معرض شرح تلك الأبعاد والآثار المقدسة,هكذا يمكن أن يوجه الخطاب الحسيني المعاصر إلى المسلمين الغافلين عن أهمية تلك المعركة الفاصلة بين الإسلام المحمدي وإسلام أبي سفيان.
أين مظاهر الورع والزهد والتدين ونكران الذات,أين ذهبت الحقوق الشرعية وموال الخمس والزكاة وشعبنا فيه ألاف الجياع والمشردين؟

أحدث المقالات