23 ديسمبر، 2024 10:07 ص

سفرة محبة ..! خالية من المحبة

سفرة محبة ..! خالية من المحبة

بدت الوجوه شاحبة وإلابتسامات مصطنعة ومصبّغة بفرحة طفولية عفوية أكثر من كونها واقعية ، والنظرات حيرى مرتبكة أمام كاميرات قناة العراقية التي تصّدر لنا عراقاً على الطريقة السويسرية ، حيث أطل البارحة مقدمها ذو الوجه البشوش حافظ لعيبي ببرنامجه ( سفرة محبة ) وكان لا يُخفى على المشاهد فرح لعيبي بسفرته المجانية وهو يتقافز ببلاهة بين الصخور والزحليكات والصبايا ، ليصور لنا سعادة العائلة العراقية وكم الترف والترفيه الذي تتلقاه الاسرة العراقية من هِبات ذوي السلطان وأُولي الامر وبعد يومٍ دامي عاثت القنابل والانفجارات فيه بحياة المئات من العُزّل الأبرياء على طول العراق وعرضه.
ولربما ينتقدني البعض هنا فيقول ، لما كل هذه السوداوية والتشائم فالحياة لم تنتهي بعد والقادم قد يُنبأ بشيء من الاستقرار والطمأنينة ، وما الضير في هكذا مشاريع إنسانية تدعو الى الألفة وإعادة رتق نسيج اللُحمة الاجتماعية العراقية التي مزقتها الحروب والاهوال .
أنا هنا لا أُسجل أعتراضي حول المضمون إن كان صادقاً ،  وإن لكل إمرءٍ ما نوى ، ولكني أرى إن لكل مقامٍٍ مقال . فليس من الحكمة في شي إظهار الغبطة والفرح وتدليس الحقائق عن واقع مزري ومرير ، حيث المفخخات والعبوات اللاصقة والكواتم والفتن تفتك بأرواح الجميع دونما تمييز.
نعم أنا عراقي سوداوي متشائم إذا .
فبعد أن نواسي الأمهات الثكلى والأرامل والأيتام ، بعد إن نحاكم القتلة واللصوص ، بعد أن نسترد كرامتنا التي بعثرها ساستنا الفاشلون  على أعتاب الدول والمنظمات ودوائر المخابرات العربية والأجنبية ، بعد أن نجد لأولادنا شبر أمن على تراب وطن تنتهبه زمر الأحزاب ورجالات الظلام ، بعد أن يسعى المسؤول لتقديم الأهم والاوجب والاجدر لنا كمواطنين لهم حق مكفول بالعيش بسلم وأمان .
هذا ما يجعلنا نقف ضد التزييف والتزويق والتلوين والتضليل الإعلامي الذي تنتهجه قناة الدولة وبرامجهاالايهامية .
يتحقق لشعبنا ذلك ، وحينها سنُسعد بسفرةْ محبةْ حافظ لعيبي وقناته وننفي عن أنفسنا صفة السوداوية .