تولي جميع دول العالم أهمية كبرى لسفاراتها وقنصلياتها ولكل ممثلياتها الدبلوماسية مع دول العالم في الخارج. حيث يتم أختيار أعضائها وعناصرها على أساس الكفاءة والخبرة والمهنية والتجربة والثقافة السياسية والعامة،وعلى أن يكونوا من ذوي الأختصاص في مجال العلوم السياسية أو القانون أو اللغات الأجنبية أو الأقتصاد وباقي التخصصات الأخرى القريبة من ذلك، وكذلك يتم أختيارهم على أساس الشكل والهيئة والمظهر والملبس ومدى معرفته في الذوق والأتكيت ولا يكتمل الأختيار والقبول ألا بعد معرفة أنحداره الطبقي والأجتماعي وسمعته وسمعة عائلته!، بعيدا عن أية ضغوط حزبية ومذهبية وقومية كما هو معمول به لدينا الآن ومع الأسف!. حيث تلعب البعثة الدبلوماسية دورا مهما في عكس صورة الدولة وتوجهاتها السياسية والفكرية والوطنية، وتقع عليها مسؤولية تقريب وجهات النظر في الأمور الخلافية وحل المعظلات السياسية التي تحدث وتذليل الصعوبات وكذلك متابعة أحوال الجالية المقيمة في تلك الدول حيث تكون السفارة بكل طاقمها الدبلوماسي البيت الكبير لكل المقيمين هناك. ومن الجدير أن نذكر هنا (بأنه لا يعرف على وجه التحديد كم عدد العراقيين في الخارج الذين يعيشون في بلدان العالم، ولكنه يتجاوز ال(5) مليون وفي تزايد مستمر بسبب الأوضاع المضطربة والفوضى التي يعيشها العراقيين منذ عام 2003 ولحد الآن)، والعراقيين في الخارج موزعين بين لاجيء ومقيم ومهاجر وما الى ذلك من مسميات، وغالبيتهم يعانون من الكثير من المشاكل التي ظلت معلقة وخاصة المشاكل الأخيرة بعد(الهجرة الجماعية للعراقيين والسوريين وباقي الدول العربية قبل سنتين!)، حيث لازال العراقيين الذين توجهوا صوب الدول الغربية وتحديدا ألمانيا والسويد والدانمارك في تلك الهجرة يواجهون قرارا بالعودة القسرية الى العراق، ولربما بأتفاقات بين الحكومة العراقية وحكومات تلك الدول!.أن العمل الدبلوماسي في حقيقته يعد من أصعب المهام في العمل السياسي لمن تقع عليهم مسؤولية ذلك، عكس ما يتصوره ويفهمه الكثيرون من أنه أقرب الى الراحة والأستجمام والنوم بالعسل كما هو مفهوم وكما يجري في غالبية سفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج من بعد عام 2003!. ولابد هنا من الأشارة وبشيء من الغرابة! بأن غالبية سفرائنا وموظفي سفاراتنا في الخارج قد تم تعيينهم بعد 9/4/2003 في في نفس سفارات البلدان التي كانوا يقيمون بها ويحملون جنسيتها، !، وهذه سابقة خطيرة في العمل الدبلوماسي للخارجية العراقية ولم يسبق أن قامت بها أية دولة في العالم كما انها خارج السياقات والأعراف الدبلوماسية المعمول بها!. والأكثر غرابة ان غالبية هؤلاء لم يصلوا الى العراق ولم يعرفوه منذ أكثر من 3 عقود!!، كما أنهم مجهولي الهوية السياسية والوطنية والكفاءة العلمية وحتى الأخلاقية!، ولا أحد يعرف عنهم أي شيء وكيف تم تعيينهم ومن الذي فرض على الحكومة تعيينهم؟!.ونعود الى صلب الموضوع ونسأل: هل أنطبقت تلك المعايير والأشتراطات والأسس في القبول والتي ذكرناها آنفا في عمل وزارة خارجيتنا وبالتالي على بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج؟، الجواب كلا ومع الأسف!، حيث أن المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية والمذهبية هي التي فرضت أشتراطاتها بكل ما تحمله من سلبيات وتداعيات خطيرة مدمرة!، حيث كان ولا يزال للمحاصصة الأسبقية والأفضلية على أي أعتبار آخر، وطبعا لا وجود للأعتبار الوطني أصلا!!. أن أختلاف المرجعيات والرؤى الفكرية والقومية والحزبية والطائفية لطاقم الوزارة بدأ من الوزير ومرورا بوكلاء الوزارة، والمستشارين والمدراء العامين بأعتبار أن هذه الدرجات يتم تعين أصحابها على أساس المحاصصة أنعكس بالتالي سلبا على أداء الوزارة ورؤيتها أتجاه أية قضية سياسية وموقف يهم الوطن!، في غياب سلطة الدولة وهيبتها ومركزيتها وتعدد أصحاب القرار داخل الدولة. والدليل بقاء الكثير من المشاكل العالقة بين العراق وبين دول الجوار والأقليم أما خوفا أو مجاملة أو بسبب الفساد المتمثل بالرشى مقابل السكوت عما يجري وخاصة في موضوع حرب المياه ضد العراق! وما يتعرض له العراق من خنق واضح في ذلك بسبب ما تقوم به دول الجوار للعراق من تحويل الكثير من أنهر وروافد دجلة والفرات الى داخل بلدانهم وأقامة السدود والموانيء دون أخذ رأي الحكومة العراقية التي طالما قابلت كل تجاوزات دول الجوار والأقليم للعراق المائية منها والحدودية بالصمت والسكوت المطبق المشين والمعيب واللاوطني!!. وعلى الرغم من كثرة تصريحات المسؤولين السياسيين وقادة الأحزاب والكتل السياسية برفضهم المحاصصة ألا أن واقع الحال يظهر عكس ذلك تماما بتمسكهم الشديد بها والتي يبدو أنه لا أنفكاك منها أبدا حتى على المستقبل السياسي البعيد للعراق هذا أن بقينا وبقى العراق!!. ومن طرائف ما يذكر عن وزارتنا الخارجية أن قوائم المرشحين للعمل في السلك الدبلوماسي في سفاراتنا وقنصلياتنا بالخارج تظل تراوح بين أروقة الأحزاب وأدراج الكتل السياسية لأكثر من سنة لحين يتم الأتفاق لتقسيم المناصب فيما بينهم!، والمضحك المبكي أنهم يختلفون حتى في المحاصصة! لأن قادة الأحزاب والكتل السياسية يختلفون فيما بينهم وحتى داخل احزابهم!!. ومن الطبيعي أن الأختيار على أساس المحاصصة سيلغي حتما أشتراطات المهنية والحرفة والخبرة السياسية والكفاءة والشهادة العلمية والأهم من ذلك ألغاء الأعتبار الوطني الذي يفترض أن يكون في المقام الأول. وماذا ننتظر من وزارة خارجية وزيرها لا يجيد التكلم باللغة الأنكليزية بل يجيد الكلام بلغة فلسفية غير مفهومة حتى صارت أحاديثه وتصريحاته محل سخرية وتندر ليس من العراقييين فحسب بل من العالم أجمع !!. وبأختصار ونقولها بألم ان سفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج منذ ان تأسست الدولة العراقية عام 1921 ولحين سقوط النظام السابق كانت لها هيبتها وثقلها الكبير وكان يحسب لها ألف حساب اما الآن فهي أصبحت مكان للراحة والفساد المالي والأستجمام والتبضع والسياحة والمتعة بكل أشكالها وانواعها!. وللأطلاع على واحد من نماذج كوارث المحاصصة في وزارة الخارجية (راجع مقال/ فضائح الخارجية العراقية/ السفير مهدي العامري/، المنشور في موقع صوت العراق بتاريخ 21/2/2018، بقلم / باقر سليم). وأخيرا نقول لقادة الأحزاب والكتل السياسية مبروك لكم المحاصصة ومغانمها ونعيمها ومزيدا من الخراب والدمار وسوء الحال والذل للعراق وشعبه وحسبنا الله ونعم الوكيل.