31 مايو، 2024 6:31 ص
Search
Close this search box.

سفارتنا تحتفل بالذكرى السبعين لاقامة العلاقات العراقية – الروسية

Facebook
Twitter
LinkedIn

كم كان رائعا ذلك اليوم الذي استلمت فيه دعوة السفارة العراقية بموسكو للمشاركة في احتفالاتها بمناسبة الذكرى السبعين لاقامة العلاقات العراقية – الروسية , وذلك لاني – ومنذ مدة طويلة – اكتب عن هذه المناسبة المهمة جدا في مسيرة العلاقات العراقية – الروسية , واحاول التذكير بها دائما لقناعتي بضرورة التوقف عند هذه المناسبة ومراجعتها واستنباط دروسها وتأمل سلبياتها وايجابياتها وتسجيل كل ما نعرفه حولها للتاريخ اولا وللاستمرار بهذه العلاقات بشكل صحيح لاحقا وتوطيدها وتعميقها لما لها من اهمية كبيرة واستثنائية لبلدنا وهو في هذا الموقع الحرج والصعب الان , حيث لا زالت تسيل الدماء العراقية على ارضنا مع الاسف, ولم اكن اتصور – واقعيا – ان تقوم السفارة بالاحتفال بتلك المناسبة , اذ لم يسبق لها ان قامت بذلك رغم مرور الكثير من تلك المناسبات المشابهة لذلك اولا , ولانها – مثل كل سفاراتنا في الخارج – غارقة تماما بعملها اليومي الروتيني , ولانها تنفذ هذا العمل ارتباطا بالاوامر والتعليمات التي ترد اليها من المركز , اي من مقر وزارة الخارجية في بغداد ليس الا, وغالبا ما كنت اسمع الجملة التقليدية من موظفي السفارة كافة – ( نفاتح بغداد وننتظر تعليماتها ) , ولهذا كله فقد فرحت – وبكل معنى الكلمة – بهذه الاحتفالية الجميلة , لاني شعرت بانها جاءت نتيجة اجتهاد ابداعي من داخل اروقة السفارة بالذات وليس نتيجة اوامر او توجيهات من المركز , والدليل على ذلك واضح تماما , اذ لم يتحرك أحد داخل بغداد حتى ولو بالحديث عن هذه الذكرى , وماذا تعني في مسيرة العراق المعاصر . هناك بالطبع من يشير الى ان الاوضاع في العراق هي التي تملي علينا ذلك , فعن اي ذكرى سبعينية للعلاقات بين دولتين يمكن ان يتحدث الانسان العراقي الغارق في همومه اليومية المتشابكة الرهيبة ؟؟؟ وربما يمكن القول ان هذا

الطرح يبدو منطقيا وصحيحا الى حد – ما , ولكننا مع ذلك ورغم ذلك , فاننا بحاجة ماسة جدا ان نتوقف عند بعض المحطات المهمة في حياتنا , ومنها هذه الذكرى بلا شك ,لان تلك التوقفات تمنحنا امكانية التأمل في تاريخنا القريب وحاضرنا الذي يحيطنا , وبالتالي تساعدنا ان نسير الى المستقبل بشكل افضل حتما . ولهذا السبب ينطلق الكثير من العراقيين – وانا من بينهم طبعا – بالحديث عن هذه الذكرى المهمة .

المصريون سبقونا بالاحتفال بهذه الذكرى , اذ احتفلوا في العام الماضي بسبعينية اقامة العلاقات المصرية – الروسية , ودشنوا في موسكو تمثالا نصفيا لطه حسين في معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم الروسية , وتمثالا نصفيا لابن خلدون في مكتبة الادب الاجنبي بموسكو ( بتمويل من المواطن العراقي الاستاذ عبد الله حبه ) , وتمثالا نصفيا لتشايكوفسكي في القاهرة , وتمثالا نصفيا لتولستوي هناك ايضا , بل انهم دشنوا قبل ايام تمثالا نصفيا لتوفيق الحكيم في اتحاد ادباء روسيا , والذي تم افتتاحه امام مندوبي المكتب الدائم لاتحاد ادباء آسيا وافريقيا الذين اجتمعوا بموسكو قبل ايام ليس الا وبحضور عدة سفراء عرب, ولا نملك غير التصفيق الحاد لاخواننا المصرين على هذا النشاط الثقافي الكبير و الرائع , والذين ينطبق عليهم المثل العراقي المعروف – ( انهم رفعة راس ) , وكم اتمنى ان نحذوا نحن حذوهم في هذا المجال , وان نحقق في الاقل تلك المشاريع التي غالبا ما كنت اتحدث عنها – و منذ فترة طويلة نسبيا – بشأن التمثال النصفي لغائب طعمه فرمان في موسكو وتقديم النسخة الجاهزة من مسلة حمورابي – والموجودة في السفارة والتي انجزتها الجمعية العراقية لخريجي الجامعات السوفيتية والروسية – هدية الى جهة روسية ترتبط بالقوانين وتاريخها , باعتبارها رمزا عملاقا لحضارة وادي الرافدين العريقة , وذلك ارتباطا بهذه المناسبة .. وهناك افكار اخرى كثيرة في هذا المجال يمكن تحقيقها بلا شك …

ونعود الى احتفالية سفارتنا بهذه المناسبة , ونود ان نشير قبل كل شئ الى المستوى الجميل والرفيع والراقي جدا لتك الاحتفالية , واختيار المكان المناسب لها والذوق الرائع بتنظيمها والاجواء العراقية الثقافية التي جرت في اطارها واللوحات الفنية التي تم عرضها عند المدخل, والتمر العراقي اللذيذ الذي قدموه للضيوف في بدايتها والكلمة الوجيزة والذكية والوافية جدا للسيد السفير في بدايتها , اذ لم تكن هناك تلك الكلمات الطنانة والرنانة التي مللنا سماعها في مثل هذه المناسبات , وكان للاشارة الى احمد بن فضلان في تلك الكلمة وقعا خاصا و رمزيا ومهما جدا , اذ ان مجرد الاشارة الى اسم هذا المبعوث الذي وصل الى نهر الفولغا في القرن العاشر من سامراء وبغداد كان يكفي للدلالة على عمق هذه العلاقات التاريخية بين الشعبين والبلدين وتذكيرا بدور بغداد في توطيد هذه العلاقات , ولابد من التوقف قليلا عند الشخصيات الروسية التي جرى تكريمها , اذ لم تكن فقط شخصيات سياسية أدٌت أدوارا سياسية في تاريخ العلاقات العراقية – الروسية , بل شملت شخصيات روسية ثقافية وفكرية ايضا , كانت ولا زالت تؤدي دورا مهما في العلاقات الثقافية والفكرية بين الدولتين والشعبين , وقد لاحظت الارتياح لدى الجانب الروسي لهذه الالتفاتة العميقة والذكية فعلا , وباختصار , فان الاحتفالية تلك كانت خطوة ناجحة جدا وعملا دبلوماسيا موفقا في تعميق العلاقات العراقية – الروسية بلا أدنى شك . شكرا للسفارة العراقية في موسكو على ذلك , وشكرا لكل من ساهم في هذا العمل الحضاري الجميل.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب