من يطلع على واقع ما يعانيه العراقيون في لبنان سيجد نفسه امام حالة مضحة مبكية في ذات الوقت ، حيث يعاني المواطن العراقي من الابتزاز الواضح من لحظة وصوله لمطار بيروت ومطالبته بتقديم حجز في احد الفنادق اللبنانية وحمل مبلغ الفي دولار دوناً عن بقية الجنسيات قبل ختم جواز سفره للدخول ، وقد يساوموه احياناً على اخذ مبلغ مالي (رشوة) بحجة ان اسمه في قائمة المنع من دخول لبنان ، ويتم التركيز في مطار بيروت على بسطاء الناس وكبار السن لجهلهم بالاجراءات وسهولة سرقتهم ، وقد يتم احتجازهم لفترات طويلة دون أي متابعة لاستحصال المزيد من اموال الرشاوى ، اضافة لما تقدم فإن القضية الاكثر ألماً هي استغلال المرضى في المستشفيات اللبنانية من قبل شبكات سمسرة تخصصت في ذلك وبالاتفاق مع العديد من الاطباء ضعاف النفوس ، فنرى تشخيص لأمراض لا وجود لها ، او اجراء تحاليل او فحوصات خاصة لا داعي او مبرر لها سوى لجني الاموال وبآلاف الدولارات من المساكين الذين يطلبون الشفاء فقط ، واغلبهم اصحاب حالات مرضية صعبة ، وقد يضطر العراقي للمبيت في مداخل العمارات السكنية او الكراجات لتوفير المبالغ الكافية لسداد ما يريده منه سراق المستشفيات ، علماً ان هذه الحالة موجودة في الكثير من المستشفيات اللبنانية ، اما الحالة التي تفطر القلب حقيقة فهي قيام بعض هذه المستشفيات باحتجاز جثامين المتوفين وعدم تسليمها لذويهم بسبب مطالبتها بمبالغ اضافية بحجة بعض الاجراءات الطبية العاجلة التي تم اتخاذها للمريض قبل وفاته كما حصل معنا .
ومن صور التنكيل والاهانة الاخرى اضطرار العراقي المقيم في لبنان لدفع الرشاوى تلو الرشاوى لتجديد اقامته التي هي في الاصل اقامة قانونية ، سواء للاجئين العراقيين او الطلبة الدارسين هناك او غيرهم من المقيمين ، وقد تكون هناك مساومات على امور اخرى فيما يخص الطالبات او النساء العراقيات قبل منح الاقامة .
مضافاً الى ذلك ما يقع ضحيته الطالب العراقي من ابتزاز مالي يقوم به اساتذة بعض الجامعات اللبنانية الركيكة مقابل الحصول على درجة النجاح كما سمعت بنفسي من عدد كبير من الطلبة هناك .
كما ان فصلاً من فصول المعاناة هناك تتعلق بنا ، نحن أبناء الديانة المسيحية من نازحي مناطق سهل نينوى والموصل حيث لم نجد أي مساعدة او إعانة سوى من بعض المنظمات والمؤسسات المسيحية الكنسية في لبنان ومفوضية اللاجئين مع غياب تام لتواصل أي جهة رسمية عراقية معنا وبالخصوص سفارة بلادنا التي لم نرى او نسمع منها شيئاً ، مع وجود عدد غير قليل من المحتجزين العراقيين في السجون اللبنانية والذين لا يتابع امورهم أحد .
كل هذا الذي تقدم هو الفصل المبكي ، في مقابل فصل مضحك يتمثل بوجود سفارة عراقية في بيروت غارقة في الفساد حتى النخاع ، اغلب كادرها وموظفيها من عوائل المسؤولين ، لا نراهم الا من خلف زجاج شباك المراجعين في السفارة ، اما السفير علي العامري وهو ابن عم مستشار الامن الوطني فالح الفياض فقد تعين سفيراً في بيروت كما علمنا من القدامى من ابناء الجالية بوساطة الفياض نفسه ونسيبه وابن عمه قيس العامري الذي كان مستشاراً لوزير الخارجية السابق الجعفري .
حيث لا دور لهذا السفير سوى استقبال الشخصيات السياسية العراقية لدى زيارتها بيروت والتملق لها واعداد العزائم والولائم الفخمة لضمان دعمه للبقاء في موقعه ، اضافة الى استغلال هذا الموقع لترتيب لقاءات لبعض التجار ورجال الاعمال اللبنانيين المعروفين بنشاطهم المشبوه في العراق مع هذه الشخصيات السياسية والحكومية العراقية لتحقيق بعض التعاون التجاري والصفقات المشبوهة الفاسدة مقابل هدايا وعمولات يحصل عليها من هؤلاء التجار ورجال الاعمال والجميع يعلم ذلك ، حتى صار معروفاً لدى التجار ورجال الاعمال اللبنانيين ضرورة اغراقه بالهدايا للحصول على علاقات نافعة مع شخصيات سياسية عراقية نافذة .
وفي ذات الوقت يستمر هو وعائلته بالتمتع بحياة الرفاهية التي توفرها له ولأولاده المراهقين الدولة العراقية حيث التجوال الدائم بأفخم السيارات وامتلاك كافة وسائل الترفيه .
ان هذا السفير لم يكلف نفسه بالقيام ولو بزيارة واحدة لأي تجمع او مركز لتواجد الجالية العراقية المقيمة في لبنان ، او اللاجئين العراقيين المتواجدين هناك بالالاف ، ونتحدى لو ان السفير او القنصل او اي موظف في السفارة قد قاموا بأي زيارة او اطلاع على اوضاع العراقيين في كافة مناطق هذا البلد ، بل ان اغلب العراقيين يتعرضون للابتزاز المالي حتى في سفارة بلدهم حين يراجعون لإنجاز معاملاتهم فيها ، ويبدأ هذا الابتزاز من بداية دخولهم باب السفارة ، واغلبه يتعلق بانجاز معاملاتهم الروتينية ، ولو طلب أي منهم لقاء السفير او القنصل لتقديم شكوى او طلب فسيكون كافراً او خائناً للوطن وقد يتم طرده من قبل السفير نفسه الذي سيواجهه بالصراخ والاهانة كما اخبرني بعض ابناء الجالية حول ما حدث معهم شخصياً .
ان حالة العراقيين المقيمين في لبنان اشبه ما تكون بالمزرية ، وساعد في ذلك غياب أي دور او وجود للسفارة او السفير او القنصل ، ابتزاز العراقيين مالياً صار مهنة لبعض من لا مهنة لهم في لبنان ، لذا نناشد وباسم الهوية العراقية السيد رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ورئيس الجمهورية ووزير الخارجية والسادة النواب بضرورة ايجاد حل لهذا الموضوع وباسرع وقت وان لا تكون المناصب في السفارات وسيلة للتمتع بالامتيازات والهدايا على حساب الناس وخدمتهم ، فالمسؤول خادم لشعبه دائماً والسفير لا بد ان يكون راعياً لحقوق الناس في غربتهم ومتواصلاً معهم ومحتضناً لهم ، وليس ان يكون مهتماً بالتقاط صور السيلفي في دعوات المسؤولين الرسميين او مع الفنانات ، او نشر طرق تحضير وجبات الطعام المختلفة في صفحته الرسمية على الفيسبوك ! وكأنه (شيف مطعم) وليس سفير ! ، وللأسف هذا ما يفعله سفير العراق في بيروت في دلالة واضحة على عمق تفكيره وشعوره بالمسؤولية هناك .
بيروت-لبنان