23 ديسمبر، 2024 4:03 م

سعي المرشحين بين المكتب والمضيف

سعي المرشحين بين المكتب والمضيف

تتصاعد وتيرة نشاط المرشحين كلما اقترب موعد انتخابات مجالس المحافظات ، وهذا بحد ذاته ، سلوك صحي ومشروع تكفله القوانين والأنظمة الانتخابية المعمول بها  في كل دول المعمورة التي اختطت لنفسها منهجا ديمقراطيا في إدارة قضية الحكم .
والديمقراطية ولا ريب ، هي نتاج للفكر الحداثوي الغربي ، ولو أُريدَ لنا تشبيهها فهي اقرب إلى اختيار قطعة قماش يمكن لكل بلد أن يفصّلها على مقاسه وبما يتماشى مع منظومة قيمه ومحددات تركيبته الفكرية ، لذلك فالديمقراطية في اليابان تختلف عنها في السويد وهي ليست كديمقراطية الهند ، وان كانت تشترك في المقومات الأساسية من تداول سلمي للحكم وفصل للسلطات واعتماد آلية الانتخابات في الوصول الى قيادة البلاد وغيرها من المقومات الأخرى ، إلاَ أن لمسات الشعوب ،ان جاز لنا القول ،تبدو جلية واضحة في أدوات التطبيق ورسم الخطوط التفصيلية الدقيقة . 
ويكاد الأمر أن ينطبق على الحالة العراقية بما طفح على سطح المشهد الانتخابي في مارثون انتخابات مجالس المحافظات ، و إن كان من الصعب أن نخمّن  نتائجها ولكن من السهل أن نلفت إلى عدد من المؤشرات :   
1. لجوء الكثير من المرشحين إلى استدعاء الهوية القبلية ومحاولة استنفار قيم الانتماء العشائري بالمستوى الذي أفضى إلى استعادة (المضيف ) لمكانته في السطوة الاجتماعية وتعاظم شأنه مقابل تجريد ( المكتب ) من دوره المدني المأمول.
2. التعكّز على الألقاب والكنى ذات المداليل الإيحائية و تضخيم الذات ومحاولة توظيف طاقاتها (السحرية ) في الوصول إلى حصاد قناعة الناخبين ومن ثم أصواتهم .
3. غياب البرامج الانتخابية الواضحة وضبابية الأهداف والنظر إلى عملية الترشيح كوجاهة او امتياز في التراتبية الاجتماعية .
4. التسلل من خلال الثغرات القانونية للنظام الانتخابي ويبرز ذلك في تجرأ الفاشلين من أعضاء مجالس المحافظات في الدورات السابقة وتسويق أنفسهم بكل ثقة واطمئنان بعد أن أسسوا قاعدة انتخابية لا بأس بها خلال فترة مزاولتهم السلطة وتمتعهم بالصلاحيات الرسمية .
5. تشظي وهزال  القوى العلمانية والليبرالية وتفرقهم في قوائم عديدة وبتحالفات غير متجانسة بعد إن عجزت عن تنظيم نفسها في قائمة واحدة ، ولم يكن ذلك عفويا ، بل هو نتيجة منطقية لتغلب المصالح الذاتية والحزبية والإخفاق في التوسع الأفقي في إيصال مشروعها الفكري لشرائح المجتمع المختلفة واقتصار نشاطها على دائرة ضيقة من متبني المشروع أصلا .
وهذه مبررات حقيقية للقلق  على مستقبل  الديمقراطية في العراق ، فلربما  والحالة هذه ، تكون مخرجات التصويت محض مجالس للعشائر  وليست مجالس للمحافظات ،وحينئذ سيكون من صميم مهامها الفصل في ( الحشم والنهوة ) بدلا من  السعي للبناء والإعمار .