18 ديسمبر، 2024 6:26 م

سعر الإنسان… الموظف نموذجا!

سعر الإنسان… الموظف نموذجا!

قد يكون العنوان غريباً أو غير مألوفاً، لأن ما نعرفه أن الانسان هو أكرم مخلوق في الكون وسجدت الملائكة له وسخر الله تعالى له ما في السموات والأرض وهو الكائن الوحيد الذي يملك ملكة التفكير والعقل، فليس من المنطق أن يكون له سعراً معيناً أو قيمة محددة، هنا أتحدث عن سعر الإنسان كهيئة وبنيان وليس سعر أجره عندما يقدم خدمة معينة او أن يتقاضى راتباً شهرياً عندما يكون موظفاً في إحدى المؤسسات الحكومية.

لا اعتقد أن احداً منّا لم يزر سوقاً أو محلاً تجارياً ولم يرَ أن لكل سلعة فيه سعر مثبت عليها تسهيلاً لمن ينوي شرائها وتقليلاً من السؤال وإهداراً للوقت، وتعد هذه ظاهرة طبيعية بل دليل على رغبة الطرفين في تسهيل عملية البيع والشراء ومنتشرة في اغلب الدول.

صحيح أن اجور العمال في العمل تختلف باختلاف نوع العمل الذي يقدّمه وساعات عمله، فليس من المعقول أن يكون كلّهم بنفس الأجر في حين يكون لكل منهم قدرات واختصاصات مختلفة، وكذلك الموظفون في دوائرهم، فلكل فئة منهم راتباً مختلفاً من الفئة الأخرى اعتماداً على ما يبذلونه من جهد أو درجة خطورة عملهم وأن الحكومات غالباً ما تأخذ هذه الأمور بنظر الاعتبار عند تحديد الرواتب، وهذه ايضا ظاهرة صحية وسليمة لا غبار عليها.

الموظف في ابسط تعريفٍ له (كل شخص يعهد إليه بعمل دائم في خدمة أحد المرافق العامة يتولي إدارتها ، الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الإقليمية أو المرفقية ، وذلك بتولي منصب دائم يدخل في نطاق التنظيم الإداري للمرفق)

فهو المكلف بأداء الخدمة العامة وفق الضوابط والتعليمات الصادرة من الجهات المختصة باخلاص وأمانة وهو المؤتمن على أسرار عمله ويعد إفشاءها جريمة يعاقب عليها القانون.

في المقابل هناك من يحاولون تجاوز هذه التعليمات والضوابط القانونية لصالحهم ولمنفعة خاصة وهم في الغالب الأهم أصحاب النفوذ والمال، وهنا يصبح الموظف المسكين حائراً بين تنفيذ القانون والقرارات والرضوخ لطلب هؤلاء الأشخاص الذين يطلبون منه تنفيذ ما يريدونه مقابل الحصول على مال أو منفعة معينة، هنا يبدأ المشوار والقصة، فمن الموظفين مَن يصمدون ولا يستسلمون لرغبات هؤلاء وينفذون القانون بحذافيره ويعملون باخلاصٍونزاهة ويسجلون تاريخهم بحروف من ذهب وهم الأساس في البناء الرصين لأية دولة أو مجتمع، ولكن هناك من الموظفين الذين يستجيبون لطلبات الآخرين وينفذونها مقابل الحصول على دراهم معدودة أو نفع معين وعلى الرغم من كونه عملاً مشيناً ومخالفاً للقوانين، فإنه حرام وفق الشرائع السماوية، تنتشر هذه الظاهرة الخطيرة في المناطق التي تفتقر إلى حكومات قوية وصارمة في اجراءاتها وتمتلك جهازاً رقابياً متميزاً وتسيطر عليها المجاميع النفعية الفاسدة في ظل ظروف معيشية صعبة.

عندما يستسلم الموظف لرغبات هؤلاء الأشخاص وينفذ ما يريدونه، فإن هؤلاء الاشخاص ماهرون في كيفية استغلال الفرص والوقت ويضعون سعراً محدداً للموظف الذي سلم أمره اليهم، لإن لكل منهم سعراً معيناً بناءً على ما يقدمه لهم ونوع الخدمة وأهمية العمل.

غالباً ما يتحدث هؤلاء الأشخاص فيما بينهم، أن الموظف الفلاني سهل جداً وسريع الاستجابة مقابل دراهم بخسة ولكن الآخر سعره أعلى والثالث لا يرضى بالقليل ولكن الرابع عنيد ونزيه ولا يمكن الحديث معه عن مثل هذه الأمور و وقف في طريق عملهم المخالف.

لكل موظف سعره المادي والمعنوي في الساحة التي يعمل فيها، طبعاً مع الأختلاف الشاسع بين ادناه وأعلاه ويبقى للبيئة التي يعيشها والشخصية التي يمتلكها الموظف دوراً كبيراً ومهماً في الخضوع أو الوقوف صامداً، وعلينا ان نمييّز بين تقديم الخدمة القانونية والمهنية التي يقدمها الموظف وبينّ ما ينفذه لصالح شخص معين مخالفاً للقانون والتعليمات.

تعد هذه الظاهرة خطيرة جدا

سؤال لكل موظف أين تجد نفسك في هذه المعادلة؟ وهل عرفت سعرك الوظيفي في ميدان عملك؟

مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق والنجاح وعدم الاستسلام.