23 ديسمبر، 2024 5:47 م

سعدي يوسف .. تُف .. تُف باريس .. ومرحى لك دمشق

سعدي يوسف .. تُف .. تُف باريس .. ومرحى لك دمشق

مذ يومك الأول ، خطواتك الأولى الى الطريق لم يكن المكان المرتقب معزولا عن فكرتك عن العالم حين تتآخى الآلام تنشد لبعضها البعض وتسأل وجوه المارة من أي طرف أنا وكيف صُنعت وكيف أتيت ،وحالما تتنفس الهواء الآخر الذي يريد أن تكون لك رئة بديلة تضغط على نواجذك أطراف أصابع قدميك مجبرا إياها أن تقف هنيئة لترى بصرتك القديمة وخيالات فنادق بغداد وماتبقى على المائدة من كأسك الأخير، لم يرق للنهر أن تبتعد ولم يرق لخيالات الليل أن تكون وحيدة بدونك وأنت تصافح إبن مردان وتطمئنُ أحباءك بأن الفراق قصيرٌ ولكن الدموع كثار ،كنت تسأم الليالي الباردة الليالي القصيرة والحالكة السواد وأنت تتمنى أن لايكون دخان الفانوس في قاووشك17مؤشرا لألوان أحلامك ، كم مرة رسمتَ سماءً على ورقة

سوداء وكم مرة أتى الطريق اليك قرب قصر الأخيضر.كم مرة حاذرت قدماك أن تدوس ثمرة نارنج في شوارع أبي نؤاس وكم مرة صفنت ولا أحد يعلم أن ذلك هو دمعك من عينك الباطن، كم مرة غنيت بدون أن يسمعك أحد وكم مرة ومرات كنت مزهوا ووسيما زهو ووسامة النخلة بين الأشجار، السنوات الأولية مضت في دفاتر الإنشاء في سكون المكان وفي الترقب وفي لعنة الأقدار الخاوية التي لم يصنعها إلا إلاها معتوها جاءَ مرة بتاج ومرة بنجيمات ومرة جاءت به الطقوس الدينية ..إنتظرت أن يصحح دفتر الإنشاء ولكن الأرض تتسع حين ينشد الآلم نشيده وحين تتغيب الروح إكراها عن مراسيمها المعتادة ربما مرت المصلحة الباص الحمراء. ربما كانت تنتظرك الفتاة الشقراء عند آخر محطة في القصر الأبيض وأنت لم تأت الموعد كنت تشاهدُ جميلة بوحيرد ،قال إبن المستكفي سيزف الأخضر بن يوسف لولادة وستعطر سماء بغداد بالنرجس والقداح وقال القرطبي مررت قرب دار في السيبة والسماء غائمة وأستمعت الى تدثرت بنفسي ونمت فسعل نجم وباتت أم ذويل في ظفائر البنات ، عند ذلك كانت باريس تطأها أول خطوات القديس بثوبه الأحمر وبأول دمعة له أمام برج إيفل حين رأت عينه الباطن في باطنه البصرة القديمة

وسجون الجنوب والرحيل الى طهران والهوامش التي تركتها السنوات على وسادة أحلامه ، وهناك بقيت أبوابك موصدة لا أحد يطرقها ولا من يدلك اليك ، الى أن طرق بابك النحلُ والفراشات ورشيد بو جدرة وعبد اللطيف اللعبي ، إسترحت هنيئة .. هنيئة ولكن ماأنفكت غمامة أحزانك تسير فوق رأسك

وترتل عليه :

ياسعدي ..

هذا المفتش أنري لبلان ووزير داخليته

هذا اللبلان ووزير داخليته يتكرر أينما حللت لكنك دائما تهجر اللذة والحياة المترفة من أجل كرامة ماكتبت . ولن يطويك الترحال وستقطف وردة الثلج ومن بعيد سَتُلّوحُ لكَ القيروانية ، المجد لخروجك من الجب بإرادتك .كونك ماخنت أحداً ولن تخون

وتف . تف .. تف باريس

ومرحا لكِ دمشق

[email protected]