18 ديسمبر، 2024 8:46 م

سعدي يوسف .. المطرود من الجنة

سعدي يوسف .. المطرود من الجنة

أمر مضحك بحق .. يلوكون بحكاية سعدي يوسف و” ارتداده “، وهل يستحق رسالة وزير الثقافة أم لا ، علما أن لاقيمة عملية لهذه الرسالة، وقد تورط بها الرجل، هكذا ينشغل الوسط الثقافي والاعلامي منذ أسبوع ،بينما تقوم قوات الأمن بقمع المحتجين من حملة الشهادات العليا واطلاق الرصاص الحي على المطالبين بالكهرباء في هذا القيظ الكافر .
المضحك أيضا أن بعض الطارئين لايعرفون من هو سعدي يوسف لكنهم وضعوا أنفسهم بموضع المتضامن أو المنتقم منه، ولو كان سعدي بالعراق لصلبوه على طريقة ” الحلاج “، سيما وأن ثلة من الشعراء واشباههم قاموا بحرق دواوينه قبل سنوات في شارع المتنبي !
كثيرون يرون في غياب النسق واختلاط الفوضى باللامعنى يجعل التزام الصمت موقفا معنويا للإرتقاء وعدم الإنجرار لمستنقع التلاسن والاتهامات، إذ يتلاشى الثقافي وتهيمن أجواء كابوسية مشحونة بحمولة عدائية ومحاكم تفتيش عراقية تحاول الإيحاء بمظاهر طهورية، وباجواء معتمة لا تميز الطائفي من السياسي من المقدس من النفاقي من السفسطائي الكاره للأخضر بن يوسف، أو أقدم شاعر شيوعي حي عمره يقارب عمر الدولة العراقية .
كل هذا يحدث وسعدي غير مكترث أو معني بهذا ، فالرجل شاعر انكليزي من أصل عراقي موزع بين مرضه وتزاحم دور النشر ومحطات التلفزة والاعلام عليه، كما وثقت مراكز الدراسات بالعالم اصداراته في لغات متعددة بكونه أحد أعمدة الفكر والشعر وصناع الجمال بالعالم خلال القرن العشرين، كما هي الحال مع الشاعر اليوناني ريتسوس والتشيلي بابلو نيرودا والفلسطيني محمود درويش وغيرهم من شعراء الأرض .
عندما تمتلك منزلة الرفعة والفكر وتقترب من معايير السوبرمان الحضاري، ولانقول الإنسان الكامل، هل تحتاج الى لحظة إنحطاط وتنافر مع التاريخ الأول، ربما يعتقد السوبر ستار أنها لحظة تجدد النجومية ومشروعية طغيان الذات .
سعدي يوسف جوال عنيد لايستكين، بل يبحث عن اللعنات على طريقة إبليس في حضرة آلهة يصنعها ثم يركلها حين يطمئن لرضاها، تلك محفزات الشعر كما تمرس في لعبته منذ سبعين عاما، ومن يدرك أسرار الشعر لايحتاج العطف من وزير أو سفير وهو يتجه لتطليق الوجود برمته، والمكوث هناك .. بعيدا مثل قمر مقصيّ بلعنات قبور الأرضيين تحت سمائه الأولى ، بينما شعوب الارض التي تقرأ باللغات العربية والانكليزية والفرنسية والالمانية والايطالية كتب ومدونات سعدي التي تربو على سبعين كتابا بالشعر والرواية والفكر والترجمة والنقد واليوميات .