23 ديسمبر، 2024 9:55 ص

سعادة العراقيين …. سعادة صالح جبر

سعادة العراقيين …. سعادة صالح جبر

السعادة شعور ناتج عن عمل يحبه الأنسان واحساس بالمتعة والأنبساط فيها تطمئن القلوب وتنشرح الصدور ويرتاح البال كما انها شعور بالبهجة والأستمتاع منصهرين معاً , وهي امر لايقاس بمقياس ولايشترى بالدنانير , وقد اختلف الناس في تفسيرها ولم يتفقوا عليها , فكلُ يراها من زاوية ماحُرِمَ منه , فهي عند الفقراء الحصول على الثروة,وعند المرضى التماثل للشفاء,وعندالغرباء العودة الى الوطن,وعند السجناءالحرية,وعندالمظلومين العدل والأنصاف .
هذه المفردة طواها النسيان في ذاكرتي ولكني تنبهت اليها بعد ان تلقيت تهاني العيد التي تتمنى لي السعادة,مما دفعني للبحث عنها في سجل حياتي الذي هو مطابق لسجل حياة اغلب العراقيين لعلي اعثر عليها,رغم علمي المسبق بعدم وجودها ولكنها محاولات.
قد يتهمني البعض بالتشاؤم والنظرة السوداوية للحياة,على العكس من ذلك انا متفائل واحب الحياة,لكن واقع الحال وما مررنا به من احداث يفرض علي ذلك,فنحن شعب مربظروف صعبة بدءً من وطأة الدكتاتورية ومارافقها من اكذوبة التقشف في سبعينيات القرن الماضي الى الحروب العبثية ومهزلة الحصارانتهاءً بالأحتلال الأمريكي وتداعيات مابعده من ازمات سياسية,وامنية,وخدمية,ومعاشية,فمن اين يأتي التفاؤل وكل هذه الظروف خلقت مبررات للحاكم لأجبارنا على الصبر والتنازل عن ابسط حقوقنا طيلة مراحل حياتنا واقناعنا بان الأيام القادمة افضل من التي سبقتها,وكنا ولانزال نصبر مرغمين حتى جزع الصبر من صبرنا.
هناك طرفة يتداولها الناس حول السعادة تذكر بأن المرحوم صالح جبراحد رؤساء الوزارة في العهد الملكي ذهب في وفد رسمي الى المملكة المتحدة وبعد انتهاء اللقاءات الرسمية نظمت له جولة ترفيهية في العاصمة لندن وضواحيها,واثناء تجواله دفعه الفضول للدخول الى مقبرة جميلة الأبنية والحدائق,ولكنه استغرب عندما قرأ مامكتوب على شواهد القبور,فأغلب مامكتوب عليها ان من دفن فيها قد عاشوا حياة تتراوح بين ستة اشهر وخمس سنين,فظن ان هذه مقبرة اطفال,وعند الأستفسارمن مرافقه المضيف عن هذه الحالة,اجابه بأن هذه الفترات الزمنية المكتوبة على شواهد قبور المتوفين ليست اعمارهم الحقيقية وانما هي مدد ماعاشوه من سعادة في حياتهم,وهنا التفت المرحوم الى احد اعضاء الوفد العراقي وقال له مازحاً (اذا انا مت اكتب على شاهد قبري: هنا يرقد صالح جبر,من بطن امه للقبر),رحم الله صالح جبر كنت اتمنى ان يمد الله بعمره الى الآن ليرى بنفسه ان كل عراقي هو صالح جبر.